< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المفقود واحكامه:

     روايات تقييد الانتظار برفع الأمر إلى الحاكم تتعارض مع روايات عدم التقييد، فنحملها على ذلك

لأمرين: اصالة عدم التقييد، واستبعاد ان يكون لرفع الأمر إلى السلطان مدخليّة في مدّة الانتظار.

     قد يقال: الأصل ان لا يكون الطلاق بيد الوالي. والجواب: بعد ورود الاخبار بذلك لا يجري هذا الأصل.

 

نكمل الكلام في المفقود زوجها انها تنتظر اربع سنوات والسؤال: هل هي من حين الغياب والفقد أو من حين رفع الامر للحاكم.

وكلامنا الآن في رفع الامر للحاكم ان الاربع سنوات تبدأ من حين رفعها الامر له، وقلنا ان الروايات متعارضة، هناك روايات معتبرة من حين الفقد ويقابلها روايات ايضا معتبرة من حين رفع امرها للحاكم.

فإذا استطعنا من باب الدلالة رفع هذا التنافي حينئذ لا يستحكم التعارض، ولا نلجأ إلى علاجات باب التعارض إلا بعد عدم وجود جمع دلالتي، وذكرنا ان هناك طريقين للجمع: طريق الجمع التبرعي ولا دليل عليه، وطريق الجمع الدلالتي أي الظهور. والظهور كما ذكرنا لا علامة له منحصرة لانه ليس هناك حصر لاسباب الظهور، مثلا: الاستفهام ينقسم إلى الاستفهام الحقيقي والاستنكاري والتوبيخي والتقريري، يمكن ان تميّزها من طريقة لهجة الكلام، لذلك ليس هناك بحث في الاصول عن علامات الظهور كما هناك بحث عن علامات الحقيقة، ومباحث الالفاظ عبارة عن مناشئ الظهورات، لكن ليست حصرا. بعبارة اخرى: علامات الحقيقة منحصرة بخلاف اسباب الظهور.

هنا نقول ان رفع الامر للحاكم بذاته وخصوصا انه في الروايات لم يذكر عنوان " حاكم شرعي " بل ذكر عنوان الوالي والسلطان، وهو من بيده القدرة على البحث والفحص، لذلك يستبعد جدا ان يكون لرفع الامر إلى الحاكم مدخليّة في موضوع الاربع سنوات، وهذا الاستبعاد ليس من باب الاستحسان، وانا استظهر ان الاربع سنوات ليست مقيّدة برفع الامر إلى الحاكم

فإذن باصالة عدم القيد، واستبعاد ان يكون لرفع الامر إلى الحاكم مدخليّة في الموضوع الشرعي لمدّة الانتظار وهي الاربع سنوات، نعم يمكن ان يكون هناك مدخليّة للحاكم في البحث ويكون قيدا في وجوب البحث، ولم تحدد في النصوص مدّة البحث.

النتيجة: ان الجمع بين الروايات من باب الدلالة الظهوريّة بان رفع الامر إلى الحاكم لا مدخلية له في الاربع سنوات نعم له مدخلية في البحث.

قد يقال: لعلّ اشتراط رفع الأمر إلى الحاكم لأجل النظام وكي لا تسود الفوضى والهرج والمرج؟

فانه يقال: إن نفي الفوضى يكون بجعل الطلاق بيده، من دون علاقة لمدة التربص والانتظار.

إذا رفعت امرها إلى الحكام ولم يجدوا الحاكم يامر وليه بالانفاق، فإذا لم ينفق فيطلق وإلا طلّق عنه. فللحاكم الحق بالطلاق ولها الحق ان ترفع الامر له.

قد يقال: إن الاصل أن لا يكون لها حق الطلاق، فالطلاق بيد من اخذ بالساق، بيد الرجل، فنقتصر على خصوص القدر المتيقن وهو بعد رفع الامر إلى الحاكم.

فإذا خرج عن الحكم العام وهو " الطلاق بيد الرجل " بعض الأزمنة أو الحالات وهي بعد رفع الأمر إلى الحاكم، وشككنا في الباقي، ومنها الشك في بقاء الطلاق، فالعام هو: لا طلاق بيد غير الرجل " أو " لا طلاق بيد الحاكم "، فإذا خرج فرد وهو ما كان بعد رفع الأمر إلى الحاكم، وشككنا في كون الطلاق بيد الحاكم من دون رفع الأمر إليه، بقي المشكوك تحت العام وهو عدم كون الطلاق بيده.

لهذه المسألة ثمرات كبير في الاصول والفقه، مثلا في الخيارات في درس المكاسب، الخيارات في البيع له خيار الفسخ في الزمن الاول، هل يبقى هذا الخيار بشكل دائم؟ هل له الخيار في الزمن الثاني؟

هنا يتعارض امران: قد يقال نستصحب الزمن الاول وهو ان يكون له حق الخيار. وقد يقال ان الاصل هو اصالة اللزوم في العقود ارتفعت هذه الاصالة في زمن ما فتبقى بقيّة الازمنة على اللزوم، فيكون هذا البقاء مقدّم على الاستصحاب في الزمن الثاني. بعبارة اخرى: في الزمن الثاني يتعارض استصحاب الزمن الأول الذي يقتضي الخيار وأصالة اللزوم، فماذا نصنع هنا؟

بعضهم قدّم الاستصحاب، وانا من الذين قدموا أصالة اللزوم لان أصل اللزوم أمارة وليست عمليا بينما الاستصحاب أصل، والامارة تقدّم على الاصل.

نعم، إذا قلنا أن أصالة اللزوم في العقود من باب الاستصحاب، فصار استصحاب يعارض استصحابا آخر، واستصحاب الزمن الاول اخص فيقدّم عليه.

لكن نحن لا نقول بان أصالة اللزوم من باب الاستصحاب والاصل العملي، بل نقول انها من باب الامارة، والبناء العقلائي على اللزوم. فإذا صارت اصالة اللزوم امارة والاستصحاب اصل ففي الزمن الثاني للخيار يتعارض الاستصحاب مع اصالة اللزوم وهي امارة فتقدّم عليه.

فانه يقال: هذا الاصل يجري إذا لم يرد ما يمنع من جريانه، وقد ورد، وهو انتظار السنوات الاربع.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo