< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/06/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الطلاق الرجعي: طلاق المريض.

     سند آخر للرواية التي تقيّد إرث الزوجة في طلاق المريض إلى سنة بعدم التزويج اثناء هذه السنة.

     قيد الإضرار.

     وردت رواية بان إرث الزوجة بسبب قصد الإضرار بها وحرمانها من الإرث.

     الزوجة ترث الزوج أراد الإضرار أم لم يرد لانه: إما لعدم تماميّة السند.

وإما لكون الإرث وعدمه من باب المطلق والمقيّد الإيجابيين، فيبقى المطلق على إطلاقه، ويحمل المقيّد على أميز الأفراد.

 

في طلاق المريض كان الكلام في انها ترثه إلى سنة، والبحث في قيدين: الأول ما لم تتزوّج، الثاني ما لم يرد الاضرار بها فترثه في حال الاضرار بها.

في القيد الأول ذكرنا أمس رواية ابي الأشعري الرواية المرسلة، هناك سند آخر لنفس الرواية.

الوسائل: ح 5: (محمد بن يعقوب) وعنه (محمد بن يحيى)، عن أحمد (بن محمد)، عن ابن محبوب، عن ربيع الأصم، عن أبي عبيدة الحذاء، وعن مالك بن عطية، عن أبي الورد كليهما، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا طلق الرجل امرأته تطليقة في مرضه ثم مكث في مرضه حتى انقضت عدتها فإنها ترثه ما لم تتزوج فان كانت تزوجت بعد انقضاء العدة فإنها لا ترثه.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله إلا أنه أسقط لفظ عن أبي الورد من السند. [1]

من حيث السند: في هذه الرواية هناك طريق آخر وسند آخر وهو (وعن مالك بن عطيّة) يخرج الرواية عن الارسال، أما مالك بن عطية ثقة، وكذلك أبو الورد ممدوح، مدحه الكليني. ومع وجود السند الآخر اصبح يمكن الأخذ بالرواية، ويكون السند الأول مؤيّد، فلا نغمض النظر عن مضمونها.

التفريق بين حال الإضرار وغيره:

ورد في بعض الروايات أن إرث الزوجة من زوجها بعد الطلاق حال مرض الموت هو عقوبة له لأنه أراد الإضرار لها: ففي الوسائل ح 7 : محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن صالح بن سعيد (هو أخ خالد بن سعيد القماط الثقة، وقع في اسانيد تفسير على بن إبراهيم، وطريق الشيخ إليه معتبر)، عن يونس (يحتمل ان يكون يونس بن ظبيان أو يونس بن عبد الرحمن)، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته ما العلة التي من أجلها إذا طلق الرجل امرأته وهو مريض في حال الاضرار ورثته ولم يرثها؟ وما حد الاضرار عليه؟ فقال: هو الاضرار ومعنى الاضرار منعه إياها ميراثها منه فألزم الميراث عقوبة. ورواه في (العلل) عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن سعيد وغيره من أصحاب يونس، عن يونس، عن رجل شتى، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله. [2]

من حيث السند: الرواية مرسلة، محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن صالح بن سعيد، لم اعثر على سند الصدوق إلى صالح بن سعيد، وصالح لعلّه هو أخ خالد بن سعيد القماط الكوفي الثقة، نعم وقع في اسانيد تفسير على بن إبراهيم، وطريق الشيخ إليه معتبر، فلا دليل على توثيق صالح ولو كان له كتاب فيكون كل ذلك مؤيّدا [3] .

إلا ان المشكلة أن المرسل هو يونس بن عبد الرحمن، ومن كتابنا المختصر النافع في علم الرجال: هو من أصحاب الإجماع، وقد ادعي انه لا يروي إلا عن ثقة، لكني لم أقف على دليل تام على ذلك. نعم قد يستدل بسؤال الحسن بن علي بن يقطين وابن المهتدي الإمام (ع): " أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني؟ قال نعم ". الرواية معتبرة وتدل على صحة مضمون كلامه، لا على توثيق المروي عنه. بعضهم استدل بهذه الرواية ان يونس لا يروي إلا عن ثقة، نعم روايات يونس مضمونها صحيح، ولا مانع من كون يونس أخذها عن ضعيف، والضعيف ليس دائما كاذبا، لذلك الكثير من الروايات عن الضعيف صحيحة وليست كاذبة وموضوعة. إذن يمكن الأخذ بمرسلة يونس.

فالتفصيل بين حال الإضرار وغيره ممكن، فترث في حال الإضرار إلى سنة دون غيره.

إلا ان يقال: إن الروايات التي تدل على إرث الزوجة مطلقة وقويّة في اطلاقها، ويكون الحال حينئذ من باب المطلق والمقيّد الإيجابيين.

تطبقا على الرواية: قال: " سألته ما العلة التي من أجلها إذا طلق الرجل امرأته وهو مريض في حال الاضرار ورثته ولم يرثها؟ وما حد الاضرار عليه؟ فقال: هو الاضرار ومعنى الاضرار منعه إياها ميراثها منه "، لم يقل لا ترثه إذا لم يرد الضرر، بل قال ترثه إذا أضرها، فصار عندي مطلق ومقيّد، المطلق ترثه إلى سنة وشمل الاضرار وغيره، والمقيّد ترثه في حال الاضرار وهذا لا ينافي المطلق، فلا تنافي بينهما إلا على القول بمفهوم الوصف ونحن لا نقول به. من قال بمفهوم الوصف كالشريف المرتضى (ره) فيؤدي إلى التنافي.

وهنا نقول ان المرأة ترثه إلى سنة وفي حال الاضرار ترثه ولا تنافي بينهما، وليس هناك دليل انها لا ترثه في حال غير الاضرار، إذن صارا من والمقيّد المطلق الإيجابيين، ولعلّ هو السبب الذي جعل أكثر الفقهاء يفتون بانها ترثه أراد الضرر أم لم يرد الضرر ترثه إلى سنة.

 


[3] هناك نظريّة منسوبة للسيد الشهيد الصدر (ره) وبدأت تتطوّر وهي ما سمي بنظريّة التعويض التي لها عدّة صور، وهنا من جملة الصور ان طريق الصدوق إلى صاحب الكتاب أو الراوي طرق ضعيف لكن طريق الطوسي إلى صاحب الكتاب أو الراوي طريق صحيح. هنا هل نستطيع ان نستعيض عن الطريق والسند الأول بالطريق والسند الثاني؟ فسميّت بنظرية التعويض لنا نعوض السند الضعيف بسند صحيح.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo