< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الطلاق الرجعي: طلاق المريض.

     من أدلة صحة طلاق المريض: تطبيق قاعدة: ما صحّ عرفا صحّ شرعا إلا ما خرج بدليل.

     بيان القاعدة وتطبيقها على طلاق المريض مرض الموت.

كان الكلام في صحّة طلاق المريض، ذكرنا الروايات.

ومن ادلّة الصحّة، لقد اسسنا قاعدة وهي موجودة في متفرقات المباحث، لكن وفقني الله لتأسيسها كقاعدة واتكل عليها في تصحيح كل معاملة وردت في نص شرعي. وقد ذكرتها سابقا وهي التالية: كل معاملة من عقد أو إيقاع أو غيرهما كـ " بر الوالدين " و " بيع " و " نكاح " و " طلاق " وردت في نص قرآني أو حديثي معتبر، فهي معتبرة شرعا مجرد ان استعملها الشارع، كما كانت معتبرة عرفا، وثبت شرعا ما ثبت لها عرفا من مفهوم أو لوازم المفهوم بالمعنى الاخص أو اسباب التحقق، إلا ما خرج بدليل.

هذه القاعدة غير معنونه وغير محققة ولها تطبيقات كثيرة مهمّة إذ مجرد ان هذا الامر صح عرفا صح شرعا إلا ما خرج بدليل مثلا: هذا نكاح عرفا إذن هذا نكاح شرعا، وهذه وكالة عرفا فهي كذلك شرعا. كل ما كان عبادة أو معاملة.

مختارنا في الحقيقة الشرعية: وانا لا اقول انه هناك حقائق شرعيّة إلا المخترعات الشرعيّة الخاصة، بل الجميع حقائق لغوية وليس للشارع معانٍ خاصّة، نعم الشارع يتدخل في الاجزاء والشرائط، عندما قال النبي الاكرم: " صلوا كما رأيتموني أصلي " يدلّ على ان نفس معنى الصلاة قبل الاسلام بلفظ الصلاة كان موجودا، ولكن لا تصلوا كصلاة المجوس والنصارى وعبدة الاوثان وغيرهم بل كما رأيتموني اصلي، التدخل في الهيئة والكيفيّة والشرائط كالوضوء والطهارة. التدخل في الاجزاء والشرائط لا يعني تدخلا في المفهوم، والركوع والسجود ليسا من مفهوم الصلاة، بل من كيفيات التحقق التي للشارع الحق في التدخل فها، ومن قبيل البيع كلهم قالوا انه حقيقة لغويّة وجاء الشارع وقال ان الخمر لا يباع، لكن عند العرف يباع، وبهذا يتضح ان تدخل الشارع في جزء او في سبب لا يعني تدخل في مفهوم البيع.

بهذه القاعدة نستطيع ان نستنتج شيئا وهو ان ما اعتبره الشارع من مفهوم أو سبب، والسبب العرفي هو سبب شرعي، فإذا كانت صيغة معيّنة عند العرف تعتبر صيغة عقد نكاح، عندي - ببركة هذه القاعدة - اصبحت هذه الصيغة صيغة عقد نكاح عند الشارع، وعندي هذا عقد زواج لان ما كان عرفا كان شرعا، العرف لما اعتبره سببا لإنشاء هذه الحالة الزوجيّة فأيضا الشارع يعتبره سببا لإنشاء الحالة الزوجيّة إلا ما خرج بدليل كاشتراط صيغة خاصة للطلاق.

ولما كان الطلاق قد ورد في النصوص الشرعيّة، فقد اعتبره الشارع، ومعه فما كان عرفا كان شرعا.

وتطبيقا لهذه القاعدة نقول: هذا الطلاق (طلاق المريض مرض الموت)، ثابت صحيح عرفا، وهو موجود قبل الاسلام وبعده، وبذلك يكون صحيحا، حتى ولو لم توجد أي رواية في صحّة طلاق المريض، وإسقاط صحته هو الذي يحتاج إلى دليل.

وقد بيّنا مستند هذه القاعدة، ونذكر به باختصار: المعاملات حقائق لغويّة، أي اختراع لغوي، أي اخترعه الناس، فالناس في أعماقهم يعرفون بالدقّة معناه وقيوده، فمثلا: الوكالة الغير قابلة للعزل يقولون انها باطلة لان الوكالة عقد جائز، لكن، عندي هي صحيحة بحسب هذه القاعدة لأن ما كان معتبرا عرفا من مفهوم او سبب لتحقق المفهوم هو معتبر شرعا.

لاحظوا معي: البيع معاملة عرفيّة، يعرفها الناس في أنفسهم لأنهم هم من اخترعها وابتدعها، لذلك يعرفون اسرارها، وبالتالي لا حاجة لتضييع العمر في تعريف البيع. ألا ترى ان التعاريف المذكورة للبيع والاشكالات عليها غالبا ما تكون بالصدق العرفي أو صدقه في بعض الأفراد التي نعلم مسبقا كونها بيعا، أو ليست بيعا.

تعليق على ما ذكره المناطقة من كون الحدود ليست إلا رسوما:

ذكر المناطقة ان التعاريف الحقيقيّة، أي الحدود ليست سوى رسوما، فمثل: " الإنسان حيوان ناطق " هذا ليس حدا بالجنس والفصل، بل النطق من الخاصة، أي من لوازم الإنسان الخاصّة، وليس جزء ماهيّة.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo