< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الطلاق الرجعي: الامر الثالث: أي شيء تحصل به الرجعة من قول أو فعل:

     الرواية المذكورة في حدّ الزنى تشمل بإطلاقها حصول الرجعة من دون قصد الرجوع، إلا أن السند غير تام بمحمد بن القاسم.

     النتيجة: كل لفظ أو فعل هو يدل على الرجوع مع قصد الرجوع فهو رجعة، نعم في الوطء كلام، وفي مقام الفتوى نحتاط في خصوص الوطء بسبب الرواية السابقة الذكر.

 

نعود لسند الرواية، الطريقان للحسن بن محبوب صحيحان، لكن مشكلة الطريقين انهما يلتقيان بمحمد بن القاسم وهو لم تثبت وثاقته، مشترك بين الثقات والمجهولين، والذي روى عنه الحسن بن محبوب لا دليل على توثيقه، حينئذ هناك مشكلة بالرواية. من حيث الدلالة تدل على أن الغشيان رجعة بالإطلاق، لكن من الناحية المهنيّة التقنيّة بحسب القواعد لا تكون الرواية معتبرة، إلا أن الفتوى مشهورة.

قد يقال: ان السند مجبور بعمل الأصحاب، وهذا المشهور " بأن عمل الأصحاب يجبر ضعف الرواية " هذه قاعدة اشتهر العمل بها.

فانه يقال: إلا أننا لم نوافق على ذلك والقاعدة لم تثبت عندنا، والسيد الخوئي (ره) على حق في ذلك عندما قال ان هذه القاعدة غير تامّة. لماذا؟

أدلّة من قال بان عمل المشهور يجبر ضعف الرواية باختصار وأجوبتها:

الذين قالوا ان المشهور يجبر ضعف الرواية عندهم أدلّة كلها عندنا مردودة:

الدليل الأول النصوص: " خذ ما اشتهر بين اصحابك فإن المشهور لا ريب فيه ".

جوابنا انها ظاهرة في خصوص المتعارضين، ومع عدم وجود التعارض ليس من المعلوم ان هذا الاطلاق تام.

الدليل الثاني: المشهور القريب من أهل البيت (ع) من عصر التشريع لو لم ير في هذه الرواية قرائن تدل على صحتها لما عملوا بها، لكن هذه القرائن قد خفيت علينا.

الجواب لهم: من قال ان هذه القرائن التي خفيت علينا لو اطلعنا عليها ستكون قرينة عندنا أيضا؟

بعبارة اخرى: القرائن التي اعتروها حجّة عليهم لا علينا، إلا إذا اطلعنا عليها وتمّ اعتبارها عندنا فحينئذ لا يكون اعتبارها مستندا إلى الشهرة. لكن في الشهرة جوّ معيّن احيانا نتبعه لا شعوريا من قبيل: أخذ قصد القربة جزءا من مفهوم العبادة، هذا المشهور عندهم وعمل به كثير من الاصوليين، لكن عندي هذا غير صحيح كليّا، لا قصد القربة جزء من العبادة ولا داعي الامر كذلك، بل هما من قبيل الداعي والدافع لا جزء من المفهوم، كما وضحنا ذلك سابقا. ومن قبيل كتاب اين الغضائري لم تثبت القرائن ان هذا الكتاب هو له لذلك عند السيد الخوئي (ره) هذا الكتاب ساقط عن الاعتبار، وقد أيدنا ذلك رغم ثبوته عند العلاّمة (ره) لقرائن قامت عنده، وقلنا في البحث يومئذ أننا لم نطّلع على القرائن التي قامت عند العلاّمة.

ثم انه وردّا على هذا الدليل: إذا اشتهرت الفتوى المطابقة للرواية فمن قال أن المشهور قد عمل بهذه الرواية؟

نعم المشهور فتوائيا وبالصدفة طابقت الرواية. ومن قال ان الفتوى استندت إلى الرواية، الشهرة المستندة للرواية هي الجابرة للضعف عندهم.

وذكرنا سابقا مثالا على ذلك في مسألة طفل الانبوب في بحث من هي الأم؟

منهم من قال ان الحامل هي الأم، ومنهم من قال انها صاحبة البويضة، ومنهم من قال كلاهما، وانا اقول ان صاحبة البويضة هي الأم، لكن من قال ان الحامل هي الأم اختلفوا في الاستدلال على ذلك، فمنهم كالسيد الخوئي (ره) دليله النص الآية القرآنية: ﴿إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ﴾ [1] ، ومنهم من قال انها لا تسمى والدة من دون ولادة، ومنهم من قال نعود للنظرة العرفيّة بان المولّدة هذه هي الأم. لكل مجتهد دليله وأنا أعرف انهم لم يستندوا جميعا إلى النص القرآني في ذلك، بل للوجوه المذكورة وغيرها، لأني قابلتهم شخصيا وسمعت منهم ذلك بنفسي.

وهنا من هذا القبيل: فإذا كان عندي رواية ضعيفة هل هم استندوا عليها حصرا؟ الجواب: لا.

إذن هنا: ان المشهور يجبر ضعف الرواية اولا انا لا اسلّم بها، ثانيا: الكلام في تطبيقاتها من قال انهم استندوا إلى الرواية، قد يكون استندوا لقاعدة عامّة وهي ان كل فعل لا يكون إلا للزوج يدّل على الرجوع وإن لم يقصد الرجوع فهو رجعة، وليس سندهم الرواية.

ولذلك: هذه الرواية عندي وقد يكون عند البعض غير تامّة، لكن المعروف العمل بها، لذلك من الصعب تركها لوجود الشهرة الروائيّة، ومن الصعب أيضا أن نجعلها دليلا ونعمل بها لأنه عمل بلا دليل للضعف في السند.

فمن الناحية الصناعيّة المهنية التقنيّة الدقيقة نستطيع ان نقول ان هذه الرواية غير تامّة ولذلك الوطء وغيره سواء يحتاج إلى قصد الرجوع، لكن في النفس شيء اشتهر العمل بهذه الرواية فيصعب مخالفتها، لذلك في مقام الفتوى نحتاط.

والنتيجة: إن كل فعل أو لفظ قصد به الرجوع، سواء كان جائزا لغير الزوج أو محرّما إذا صدر قاصدا الرجوع فهو رجعة. فإذا لم يقصد به الرجوع ليس رجوعا، نعم في الوطء كلام، فإذا وطأها من دون قصد الرجوع فمن ناحية القواعد العمليّة فالمفروض عدم كونه رجعة. ولكن في مقام الفتوى والعمل لا يترك الاحتياط بسبب الشهرة المعمول بها.

غدا نبحث بعض الفروع في المقام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo