< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الطلاق الرجعي: هل يشترط قصد الرجوع أم يكفي قصد الفعل؟

     أدلّة من قال باشتراط قصد الرجوع: الاول: الرجعة إيقاع وهو يحتاج إلى قصد. الثاني: الطلاق يزيل النكاح، فلا بد لعود الزوجيّة من قصد.

     النتيجة والمختار: اشتراط قصد الرجوع عدا في الوطء، بعد ردّ أدلّة القائل بعدم الاشتراط.

 

التذكير بما سبق من ان الرجعة هل هي إيقاع أو حق، وذهبنا انها إيقاع. ثانيا: هل يشترط قصد الفعل؟ قلنا قطعا يشترط ذلك. وقلنا ان هناك أربع حالات أو خمسة أو أكثر وذكرنا تفصيلها وحكمها. وذكرنا دليل من قال بعدم اشتراط قصد الرجوع وهو اطلاق رواية الوطء. وذكرنا الجواب، كذلك اصالة عدم الاشتراط وذكرنا الجواب.

اما دليل من قال باشتراط قصد الرجوع: وهو مختارنا.

الدليل الاول: ان الرجعة إيقاع، والايقاع إنشاء، والإنشاء لا بد في تحققه من القصد.

الدليل الثاني: ان الطلاق يزيل النكاح، وبه يحرم كل ما كان محلّلا بالنكاح [1] ، فلا بد في تحليله من إرجاع النكاح وردّ الزوجيّة، وهذا لا يتمّ إلا بالقصد.

النتيجة: لا بد من قصد الرجوع إجمالا، والتفصيل يأتي بعد قليل.

وهنا، لا بأس بذكر ما كتبه الشيخ محمد حسن النجفي صاحب الجواهر (ره) والتعليق عليه:

ولا خلاف في عدم اختصاص ذلك (أي اشتراط الفعل) بالوطء، بل لو قبَّل أو لامس بشهوة أو بدونها أو نحو ذلك مما لا يحل إلا للزوج كان رجعة أيضا ولم يفتقر استباحته أي الوطء أو التقبيل أو اللمس بشهوة إلى تقدم الرجعة في اللفظ لأنها زوجة ما دامت في العدة (بخلاف ما إذا كانت بحكم الزوجة، فهي مطلّقة ولها أكثر احكام الزوجية [2]فله فعل ذلك وغيره بها من دون تقدم رجوع، بل قد يظهر من المصنف والقواعد عدم اعتبار قصد الرجوع كما اعترف به غير واحد، بل في التحرير( العلاّمة) التصريح بأنه لا حاجة إلى نية الرجعة إذا تحقق القصد إلى الفعل بالمطلقة وإن كان ذاهلا عن الرجعة، بل في كشف اللثام (الفاضل الهندي) احتمال ذلك حتى مع نية خلافها، لإطلاق النص والفتوى. نعم لا عبرة بفعل الغافل والنائم ونحوهما مما لا قصد فيها للفعل، كما لا عبرة بالفعل المقصود به غيرها (أي قصد الفعل هو الشرط دون قصد الرجوع)، مثل ما لو ظن أنها غير المطلقة فواقعها مثلا.

لكن في الحدائق وغيرها المفروغية من اعتبار قصد الرجوع بالفعل، لأن الأحكام صحة وبطلانا وثوابا وعقابا دائرة مدار القصود، وهو كما ترى لا يستأهل ردا، ضرورة تحقق القصد إلى الفعل في المفروض، لكن بدون قصد الرجوع، وهو أمر زائد على أصل القصد بالفعل الذي يخرج به عن الساهي والنائم ونحوهما. [3]

غدا ان شاء الله سنعلّق على كلام صاحب الجواهر(ره) ردا على كلام صاحب الحدائق.


[1] لا بأس بتوضيح: يعبّر احيانا الفقهاء والاصوليين بالحكم الوضعي والحكم التكليفي. السؤال" هل يوجد حكم وضعي؟ الجواب: مرّة الحكم بمعنى الاعتبار، واخرى بمعنى الدفع والزجر الحكم التكليفي افعل لا تفعل، دفع وزجر، حرام حلال. الوضع ليس فيه تكليف لا دفع فيه ولا زجر، لماذا سميّناه بحكم؟ ولماذا شرّعه الله عز وجل؟ مثلا: " الزوجية أو الاخوّة " لا دفع فيها ولا منع وهي وضع وحالة خاصّة. ولذلك فما معنى تسميتها بالحكم؟ ونقول طلب. انما جعلها الله تنظيما لأحكام متعددة متناثرة يترتب عليها احكام تكليفية، أي مصبا للأحكام وهذا داع عقلائي مهّم. لذلك في مسألتنا إذا انتهت الزوجية بالطلاق انتفت كل الاحكام وانتفت الزوجيّة، انتفى الموضوع ولم تنتف الاحكام لأنني نظمت الاحكام بالموضوع، لا مانع من بقاء بعض الاحكام لكن ثبوتها وبقائها تحتاج إلى دليل لانها في الاصل انتفت بانتفاء موضوعها. وقع الدليل على ان معظم احكام الزوجية تثبت في العدّة الرجعيّة كالتزيّن له ولمسه، مع انه لا حق له بلمسها بدون قصد الرجوع كما ذهبنا اليه.
[2] واما ما ذكر من انه تخصيص الاكثر والذي هو قبيح عن العرف نقول: ان تخصيص الاكثر انما يكون ممنوعا وغلطا إذا كان تخصيص بالمفهوم وليس بالأحكام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo