< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الطلاق الرجعي: هل يشترط قصد الرجوع أم يكفي قصد الفعل؟

     حالات المطلق خمسة:

الاولى: عدم قصد الفعل كاللمس من النائم، فهذا لا يكون رجعة إجماعا.

الثانية: قصد الفعل مع قصد الرجوع، فهذا رجعة إجماعا.

الثالثة: قصد الفعل من دون قصد الرجوع، وقد استدل على عدم اعتبار الرجوع بأمور منها:

إطلاق الروايات، ومنها ما ورد في الصحيح عن كون الوطء في العدّة رجوعا.

وفيه: نقتصر فيه على مورد النص، أي في خصوص الوطء، ولا دليل على التعميم لكل ما يحلّ للزوج، ولا على وحدة المناط ولا على وحدة الملاك ولا على إسقاط الخصوصيّة.

 

الامر الثاني: هل يشترط قصد الرجوع أم يكفي قصد الفعل؟

في ايامنا نعلم أن من غير المتدينين من يطلّق ثم بعد الطلاق يصافح زوجته المطلّقة أو غير ذلك الافعال المتعارفة عندهم من التقبيل وغيره، هل حصل من هذا الفعل رجوع أو لا بد من قصد الرجوع؟

بعبارة اخرى: هل يكفي قصد الفعل أو لا بد من قصد الفعل وقصد الرجوع؟

وللتوضيح: الفعل مثل اللمس والنظر والوطء له خمس حالات:

     فأما ان لا يقصد الفعل أصلا، كفعل النائم والساهي والغافل، فهذا لو تمّ فلا يدّل على الرجعة، ولا تتم به الرجعة إجماعا.

     اما ان يقصد الفعل، أي يكون واعيا ملتفتا لما يفعل مع قصد الرجوع، أي يلمس ويقصد إرجاع الزوجة بهذا اللمس. وهذا يتم به الرجوع إجماعا.

     واما ان يقصد الفعل من دون قصد الرجوع، فيصافح طليقته دون أن يقصد إرجاعها، أي لا يكون ملتفتا إلى الارجاع، أو لا يلحظ الإرجاع.

     الحالة الرابعة: ان يقصد الفعل مع قصد عدم الارجاع، أي يكون ملتفتا إلى الارجاع، فيلمس أو يطأ قاصدا لهما ولكنه بقصد عدم الارجاع. [1]

وقد وقع الكلام والخلاف في الصورتين الاخيرتين، خصوصا الثالثة قصد الفعل من دون قصد الارجاع، بينما تم الارجاع على الصورتين الاوليين. فمع عدم قصد الفعل لا تتم الرجعة إجماعا، هذا في الصورة الاولى، واما الثانية وهي في حال قصد الفعل وقصد الرجوع فقد تمّت الرجعة إجماعا.

إذن: الصورة الثالثة: قصد الفعل من دون قصد الارجاع:

سنبيّن دليل من قال بالرجوع بمجّد قصد الفعل ودليل من قال بعدم الرجوع إلا بقصده.

بعبارة اخرى: دليل من اشترط قصد الرجوع، ودليل من لم يشترطه.

دليل من لم يشترط قصد الرجوع: قصد الفعل من قصد الارجاع.

استدل له بأمور منها:

اولا: إطلاق النص والفتوى، لذلك لا يجب أن يقصد الرجوع.

فمن الروايات الوسائل: ح 1 - محمد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن القاسم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من غشي امرأته بعد انقضاء العدة جلد الحد وإن غشيها قبل انقضاء العدة كان غشيانه إياها رجعة لها. ورواه الصدوق أيضا بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله. [2]

من حيث السند: فهو صحيح او عندي معتبر. فالحسن بن محبوب من الأجلاء ثقة عين من اصحاب الاجماع، ومحمد بن القاسم ثقة.

ثم ان سند الصدوق (ره) إلى الحسن بن محبوب هو التالي كما ذكرناه في شرح المشيخة: محمد بن موسى بن المتوكل (الاقرب توثيقه) عن سعد بن عبد الله (ثقة) و (أي طريق آخر) عبد الله بن جعفر الحميري (ثقة)، عن احمد بن محمد بن عيسى (جليل، عين، ثقة) عنه (الحسن بن محبوب).

في الوجيز النافع في علم الرجال: محمد بن موسى بن المتوكل: الاقرب توثيقه، وثقه العلامة وتوثيق العلامة عندي ليس دليلا إلا إذا كان عن حس، كما لو قال ثقة اشتهرت وثاقته بين الاصحاب، اما التوثيق عن حدس فلا أخذ به بل يكون مؤيدا قويا. وابن داوود وصاحب المعالم (ره)، ونقل السيد الخوئي عن ابن طاووس اتفاقا على توثيقه وهذا ما جعلني أقرّب توثيقه لان ابن طاووس نقل توثيقا حسيا، وانا اخذ به، لذا قلنا اننا نوثقه.

ومن حيث الدلالة: الرواية مطلقة، فإن الامام (ع) عبّر عن الغشيان قبل انقضاء العدّة بأنه رجعة، من دون اشتراط تقدّم الرجوع، ولا قصد الرجوع. والحق يقال انه الظاهر من الحديث.

ولكن يمكن إن يقال: إن الوطء له حكم خاص فليس كل ما يحرم على الزوج له نفس الحكم، ليس هناك وحدة مناط ولا وحدة ملاك، ولا عموم، فالرجوع بالوطء بخصوصه لا يحتاج إلى قصد الرجوع، ولا دليل على جعل المناط واحدا في كل ما يجوز للزوج فعله دون الاجنبي. فان التعميم تحكّم لا يدل عليه النص.

وليس كما قال صاحب الجواهر فوحدة المناط هي التي تحتاج إلى دليل، وكذلك وحدة الملاك والعموم والتعميم واسقاط الخصوصيّة هي التي تحتاج إلى دليل. وخصوصا انه في الوجدان وعند العرف الوطء يختلف عن اللمس، وحتى في الحكم يختلفان فاللمس لا حدّ فيه اما في الوطء ففيه الحد.

إذن الدليل الاول إطلاق الروايات غير موجود إلا في الوطء ولا يمكن تعميمه على كل الافعال، كلام صاحب الجواهر غريب لان توحيد المناط يحتاج إلى دليل.

 


[1] أحد الطلبة الفضلاء: يمكن تصور حالة خامسة وهي قصد الرجوع بدون فعل. الجواب: بان هذا مجرّد نيّة وليس رجعة، لاننا قلنا ان الرجوع إيقاع يحتاج إلى انشاء. نعم، على القول بكون الرجعة حقا فللقول بحصول الرجعة بمجرّد النيّة مجال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo