< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الطلاق الرجعي: في الرجعة وكيفيتها واحكامها:

     الإشارات التي ذكرها صاحب الجواهر في كون الرجعة حق، ونقاشها.

     احتياج الايقاعات إلى لفظ مخصوص، وجوابه: لا دليل على ذلك.

     الاصل اللفظي في العقود والإيقاعات عدم اشتراط لفظ مخصوص، ودليله في العقود " اوفوا بالعقود "، ودليله في الإيقاعات ما ذكرناه من كون أي معاملة وردت في نص شرعي، فما ثبت فيها عرفا ثبت شرعا.

 

نكمل الكلام في احكام المطلقة الرجعية وقلنا ان الاحكام كلها تبتني على قاعدة اساسيّة وهي: هل المطلّقة الرجعيّة هي زوجة حقيقة أو بحكم الزوجة؟ مع القول بانها زوجة حقيقة فكل أمر أشك فيه نرجع إلى أحكام الزوجيّة، اما إذا قلنا بانها بحكم الزوجة فان الحكم المشكوك فيه لا يثبت للمطلّقة الرجعية. ونحن ذهبنا انها بحكم الزوجة وليست زوجة.

نكمل الكلام في الرجعة، وقلنا ان هناك ثلاثة مطالب: الاول: انها حق او ايقاع، وذهبنا إلى انها ايقاع. الثاني: انه هل يشترط قصد الرجوع أو يكفي قصد الفعل؟ ونقول نحن بقصد الرجوع، وان كان صاحب الجواهر ذهب إلى قصد الفعل ويستنكر قصد الرجوع.

نعود لكلام صاحب الجواهر: إنما الكلام في أمرين لم أجد لهما تحريرا في كلام الأصحاب: (الامر الاول لم يجده صاحب الجواهر في كلام الاصحاب، اما الثاني فهو موجود ).

صاحب الجواهر: ( أحدهما ): أن الرجعة من أقسام الإيقاع (فهذا صحيح كما ذكرنا)، فيعتبر فيها حينئذ قصد الإنشاء،

واللفظ الصريح الدال عليها عند من اعتبره في نظائرها من العقود والإيقاعات،...

أي مع الاعتبار انها ايقاع صار لا بد من لفظ صريح دال عليها، عند من اعتبر ذلك في الايقاعات، نحن ذهبنا إلى ان العقود باجمعها الأصل فيها عدم لفظ خاص، بل عدم انشاء خاص، وقلنا امس فرق بين الرضا والانشاء – العقد – مثلا عندما نقول: نكاح المعاطاة صحيح ليس بمعنى مجرد الرضا والانقياد فقط، بل لا بد لتصحيح أي زواج من عقد، وذكرت سابقا انني قرأت ان ابسط زواج في تاريخ البشرية في افريقيا الزوجان يحضران امام رئيس القبيلة بنيّة الزواج يطرق راسيهما ببعض فيصبحان زوجين، عندي هذا عقد وزواج شرعي. كل ما دلّ على العقدية فهو عقد زواج، ومجرّد الحجز كما عند البعض ليس بعقد زواج.

أقول: ان نكاح المعاطاة هو التالي: هو عقد لكن بكيفيات مختلفة، وما الدليل على ان العقود يجب فيها لفظ خاص أو صريح أو العربيّة أو الايجاب والقبول وفي الإيقاعات، نعم هذا هو المتداول.

كلام صاحب الجواهر: أو ليست كذلك، بل هي من حقوق [1] المطلّق (ولا يكون زواجا أو ارجاعا)، كما عساه يومئ إليه هنا اتفاقهم ظاهرا على عدم اعتبار لفظ مخصوص بها، (أي في الرجعة ليس هناك لفظ مخصوص بها، فبمجرد عدم اعتبار لفظ مخصوص يعني انه ليس ايقاعا، وهذا مستغرب منه (ره). في الطلاق لولى النص الخاص لكان مثله مثل كل العقود ويكون كل ما دل على الطلاق كاف.

هل توجد اصالة الصحة في الايقاعات؟

قد يقال: لا بد من اعتبار لفظ مخصوص في الايقاعات، إذ مع الشك لا يرجع إلى اصالة صحة الايقاع، فإن الايقاعات غير العقود، فقد ورد في القرآن الكريم: ﴿اوفوا بالعقود﴾ ، ولم يرد اوفوا بالإيقاعات.

أصالة الصحّة في العقود موجودة سلّمنا بها، اما الاصالة في الايقاعات فليست موجودة.

والجواب: نعم، نحن ابتكرنا للصحيح قاعدة ان كل أمر حق أو ايقاع أو عقد ورد في نص في رواية فمجرّد استعمال الشارع له فهذا دليل على التصحيح عقدا كان أم إيقاعا. فالعقود والإيقاعات حقائق عرفيّة، فبمجرّد استعمال الشارع لها ثبت صحتها لانه اعتراف من الشارع وتقرير لها. ولذا، فما ثبت عرفا ثبت شرعا. هذه القاعدة يشترط فيها ورود المعاملة في نص أية أو رواية.

وهذا له ثمرات كبيرة جدا، مثلا: هل المرأة لها مني أو لا؟ فبمجرد وجود لفظ مني في رواية وان لم تكن صحيحة، وبحثنا سابقا كيف نستفيد من الروايات الضعيفة والسند ساقط، وهل يمكن ان نستفيد منها أو لا؟ حتى لو كانت الرواية قطعا كاذبة ورواها يزيد بن معاوية. إذا استطعت ان استفيد منها لغة فيزيد عربي فإذا كذّب فقد كذّب في النسبة ولم يكذب في استعمال اللفظ، لا يستطيع ان يذكر المؤنث بقوله " جاء البنت " يستطيع ان يقول " جاء فلان " وهو كاذب، الكذب يكون في النسبة في الحكم وليس في استعمال نفس الالفاظ، ولذلك إذا نقل بسند ساقط استطيع ان اقول ان هذه اللفظة موجودة في اللغة العربيّة فإذا استعملها الشارع في رواية " حتى امنت وأمذيت " فيكون للمرأة مني لغة، لكن ما هو هذا المني لا ندري، أو مثلا في الملكية اللفظ لفظ موجود عند العقلاء واستعملها الشارع، هل استطيع ان آخذها بكل شراشيرها واقسامها واجزائها؟ مثلا: الدولة تملك عند العقلاء، فهل أستطيع ان اقول لان العقلاء يقولون ان الدولة تملك فأقول حينئذ شرعا ان الدولة تملك، والجهة تملك؟

بالدليل الذي ذكرناه والقاعدة العامة نقول ان الجهة تملك، هذه الملكية لما استعملها الشارع المقدّس في أدبياته في القرآن وفي السنّة إذن اقرّ بمعانيها وبكل لوازمها ومن جملتها عند كل البشرية ان الجهة تملك وليس مالها مجهول المالك يمكنك التصرف به، لان الملكية أمر اعتباري استعمله الشارع يعني اقرّه بلوازمه ومن لوازمه انه يصدق على أي مالك سواء كان جهة او عبدا إلا ما خرج بدليل. إذن الاصل الصحة ومنها الايقاعات نصححها بهذه القاعدة التي اصلناها.

نعود لصاحب الجواهر: كما عساه يومئ إليه (أي إلى كون الرجعة حقا وليس إيقاعا) هنا اتفاقهم ظاهرا على عدم اعتبار لفظ مخصوص بها، [2] (أي إذا لم يعتبر لفظ مخصوص لا يكون ايقاعا، واقول وانا الفقير إلى ربه: بالعكس لا يوجد عندي أي دليل على ان العقود والايقاعات الاصل فيها ان يكون هناك لفظ مخصوص فيها).


[1] الحق عبارة عن حكم وجعل من الله عز وجل، وقد يكون يحتاج في استيفائه إلى قصد، وذكرنا مرارا الفرق بين الحق والحكم والملك، ولا بأس بان يحرر احدكم بحثا في الموضوع وهو موضوع حقوقي عالمي، وفي دراسات فقهائنا يختلف في عمقه عن كل بحوث الحقوقيين والقانونيين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo