< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:كتاب الطلاق، احكام الطلاق الرجعي. إذا توفي زوجها في اثناء العدّة الرجعيّة فهل تعتد أبعد الأجلين؟

     إذا توفي زوجها اثناء عدّتها الرجعيّة فما هي العدّة حينئذ: وجوه:

     ان تكمل عدتها وتستأنف عدّة اخرى لأصالة عدم تداخل الاسباب، وجوابه.

     ان تعتدّ بأبعد الاجلين. وجوابه.

     ان تعتد عدّة الوفاة ودليله إطلاق الروايات. وهو المختار.

 

قلنا أمس أن من احكام المطلّقة الرجعية التوارث بينهما ويدل عليه روايات معتبرة صحيحة وذكرنا ان فيها إطلاق " وإن توفيت وهي في عدتها ولم تحرم عليه فإنه يرثها ". [1] لكن قلنا ان هذا الاطلاق مقيّد بروايات اخرى ان المختلعة والبائن والمطلّقة ثلاثا لا ترث. والروايات نصا واجماعا محل اجماع.

مسألة: إذا توفي زوجها في اثناء العدّة الرجعيّة فهل تعتد بأبعد الأجلين؟

إذا توفي الزوج فهل تكمل عدّتها وتعتدّ عدّة وفاة بعدها أربعة أشهر وعشرا؟ أو تعتد بأبعد الأجلين؟

أو انها تعتدّ عدّة الوفاة فقط أي اربعة أشهر وعشرا؟

اما الاحتمال الاول: انها تكمل عدتها الرجعية ثم تستأنف عدّة وفاة: فيمكن الاستدلال عليه بأصالة عدم تداخل الاسباب، فتجب عدّة للطلاق وأخرى للوفاة. وكما درسنا في علم الاصول في تداخل الاسباب والمسببات، وفي ان كل سبب له مسبب خاص، وله امتثال خاص، حينئذ الطلاق يحتاج إلى عدّة خاصة والوفاة تحتاج إلى عدّة خاصة فإذن نكمل العدّة الاولى ثم تستأنف عدّة اخرى، فالأصل عدم تداخل الاسباب وهذا ما نحن ذهبنا اليه.

والجواب: اولا: أن هذا الحمل وهو عدم تداخل الاسباب ونصبح بحاجة إلى عدّتين لو لم يقم دليل على خلافه، والدليل هو: انه بالوفاة بانت المرأة من زوجها فالمقتضي ان يكون لها عدّة انتفى، فانتهى حكم الزوجة سواء اقلنا انها زوجة حقيقيّة أم قلنا إنها بحكم الزوجة. إلا ان يقال ان السبب هو حدوثا لا بقاءً، وهذا يحتاج لظهور وليس موجودا.

مثلا: " أكرم العادل " زيد عادل واكرمه ثم بعد ذلك اصبح فاسقا، هل يستمر وجوب الاكرام له؟ لا لان الذي يدور الحكم مداره هو العنوان، وعنوان العادل انتفى.

ثانيا: الروايات التي تعضد ما ذكرناه:

منها في الوسائل من ابواب العدد: ح 3 – محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة)، عن ابن أبي نجران (ثقة)، وأحمد بن محمد بن أبي نصر (ثقة)، عن عاصم بن حميد (ثقة)، عن محمد بن قيس (ثقة)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: أيما امرأة طلّقت ثم توفى عنها زوجها قبل أن تنقضي عدتها ولم تحرم عليه فإنها ترثه ثم تعتد عدة المتوفى عنها زوجها، وإن توفيت وهي في عدتها ولم تحرم عليه فإنه يرثها. [2]

من حيث الدلالة: ظاهر الكلام انه في مقام بيان ما يجب عليها من عدّة، ولم يذكر وجوب إكمال عدّتها الاولى. فظاهرها الاكتفاء بعدّة واحدة.

واما الاحتمال الثاني: وهو الاعتداد بأبعد الأجلين يمكن ان يستدل بالحديث الخامس من نفس المصدر:

ح 5: محمد بن يعقوب، عن علي بن ابراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة)، عن ابن أبي عمير (ثقة)، عن جميل بن دراج (ثقة)، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهما السلام في رجل طلق امرأته طلاقا يملك فيه الرجعة ثم مات عنها، قال: تعتد بأبعد الأجلين أربعة أشهر وعشرا. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وكذا كل ما قبله. [3]

الكلام في السند والدلالة.

من حيث السند: الرواية مرسلة، وإن كان جميل بن دراج وصف الراوي المجهول بانه من الاصحاب.

واما من حيث الدلالةُ: فالظاهر انها واردة مورد الغالب بأبعد الاجلين، إذ قد لا تكون عدّة الطلاق طويلة الأمد أي أكثر من اربعة أشهر وعشرا. قد يكون ابعد الاجلين من باب التطبيق.

ولذا علينا ان ندقق في الرواية ما هو الاساس وما هو التطبيق؟ ايهما من باب التطبيق؟ الاساس ابعد الاجلين نطبقها على عدّة الوفاة أو ان الاساس اربعة أشهر وعشرة ايام ونطبقها على ابعد الاجلين؟. [4]

وهنا الموضوع ما هو؟ هل هو ابعد الاجلين أو اربعة أشهر وعشرة ايام.

وعليه: فإما ان نحمل " ابعد الاجلين " على الغالب، وحينئذ لا يجب الالتزام به، بل بالمدّة المذكورة، وإما ان نحمل المدة المذكورة على الغالب فلا يجب الالتزام بها بل بأبعد الأجلين. والظاهر هو الثاني أي انه يعيّن ان موضوع العدّة اربعة أشهر وعشرة ايام طبقها على ابعد الاجلين، إلا ان الامر سهل بعد سقوط الرواية عن الاعتبار بالإرسال.

اما الاحتمال الثالث: وهو الاكتفاء بعدّة الوفاة فقط فيدل عليه إطلاقات الروايات المذكورة سابقا، انظر ح2، 3،

ح 2 - وعن حميد، عن ابن سماعة، عن محمد بن زياد، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل طلق امرأته ثم توفى عنها وهي في عدتها، قال: ترثه وإن توفيت وهي في عدتها فإنه يرثها وكل واحد منهما يرث من دية صاحبه ما لم يقتل أحدهما الآخر.[5]

ح 7 - محمد بن الحسن بإسناده عن علي بن إسماعيل الميثمي (عندنا ثقة)، عن حماد (ثقة)، عن عبد الله بن المغيرة (ثقة)، عن ابن سنان (عبد الله ثقة)، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل طلق امرأته ثم توفي عنها وهي في عدتها فإنها ترثه وتعتد عدة المتوفى عنها زوجها، وإن توفيت هي في عدتها فإنه يرثها وكل واحد منهما يرث من دية صاحبه لو قتل ما لم يقتل أحدهما الآخر. [6]

من حيث السند: معتبر. وعلي بن اسماعيل عن النجاشي انه كان من وجوه المتكلمين وهو من اصحابنا، وهو عندي ثقة لرواية صفوان عنه للقاعدة التي اسسناها. اما ابن سنان: عبد الله ثقة من اصحاب الاجماع، اما محمد بن سنان فقد ضعفه كثيرون وانا اعتبره رجلا جليلا ومظلوما، وهو عندي ثقة، نعم احتراما لم يوثقه اقول: " مقبول بل ثقة ".

من حيث الدلالة: الرواية واضحة في مقام بيان احكام العدّة. ونلاحظ ان كثرة الروايات مطلقة، بوجوب اعتمادها عدة وفاة من دون قيد. الامام في مقام بيان ولم يبين مع ان السؤال ظاهره عن العدة ولم يذكر وجوب اكمال العدّة الاولى.

والنتيجة: المتوفى عنها زوجها في اثناء عدّتها الرجعية تعتدّ عدّة الوفاة أربعة أشهر وعشرا.


[3] المصدر السابق.
[4] وهذا من قبيل المسافة في السفر، هناك رواية تقول: " بياض يوم مما تحملون عليه الاثقال " ورواية تقول: " بـثمانية فراسخ "، هل الثمانية فراسخ تطبيق بياض اليوم على ثمانية الفراسخ، أو طبق الثمانية على بياض اليوم. بعبارة أخرى: الموضوع ما هو؟ بياض اليوم او ثمانية الفراسخ.
[5] المصدر السابق.
[6] السند السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo