< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/03/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، احكام الطلاق الرجعي. وجوب الحداد.

     تعارض الروايات والأدلّة في وجوب الحداد على المطلّقة.

     روايات الحداد لا تقاوم ادلّة عدم وجوبه.

     الجمع التبرعي لا دليل عليه.

     قاعدة: الجمع اولى من الطرح غير تامة.

اما وجوب الحداد عليها ففيه روايتان متعارضتان:

الاولى ما في الوسائل ح 3: محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى (ثقة)، عن أحمد بن محمد (ثقة)، عن علي بن الحكم (ثقة)، عن موسى بن بكر (وثقناه)، عن زرارة (ثقة)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: عدة المتوفى عنها زوجها آخر الأجلين لان عليها أن تحد أربعة أشهر وعشرا، وليس عليها في الطلاق أن تحد. [1]

من حيث السند: معتبر عندنا لتوثيقنا موسى بن بكر.

ومن حيث الدلالة: ظاهرة في عدم وجوب الحداد.

الثاني المعارضة: ح 5 – محمد بن يعقوب، عن عدّة من اصحابنا، عن سهل (احمق بحسب توصيف ابن شاذان)، عن شمون (لم يثبت توثيقه)، عن عبد الله بن عبد الرحمن (الاصمّ لا يبعد كونه الاسدي ابو امية ثقة قاله النجاشي والعلامة)، عن مسمع بن عبد الملك (كردين ابو سيار، من الاجلاء شيخ بكر بن وائل بالبصرة ووجهها، روى عن ابي جعفر (ع) رواية يسيرة، وروى عن ابي عبد الله (ع) واختص به، وقال له ابو عبد الله (ع) اني لاعدّك لامر عظيم يا ابا سيّار، وروى عن ابي الحسن موسى (ع) وثقه الكشي عن العياشي عن علي بن الحسن)، عن أبي عبد الله عليه السلام عن علي عليه السلام قال: المطلقة تحد كما تحد المتوفى عنها زوجها ولا تكتحل ولا تطيب ولا تختضب ولا تمتشط. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وكذا كل ما قبله إلا حديث محمد بن قيس. أقول: خصه الشيخ بالمطلقة البائنة وحمله على الاستحباب لما تقدم ، ويمكن حمله على أنها تحد إذا توفي لها قرابة كما تحد إذا توفي زوجها لا لأجل الطلاق لما يأتي . [2]

من حيث السند، في سندها ضعف فهو غير تام. وقلنا ان العدّة من اصحابنا أحدهم ابراهيم بن هاشم ثقة عندنا وممدوح عند الآخرين بحيث عدّوا رواياته حسنة. وقلنا ان سهل ليس كذابا ولكن كما يقول عنه الفضل بن شاذان أحمق، وكونه أحمق لا نستطيع أن نعمل برواياته.

مسمع بن عبد الملك وثقه الكشي وقلنا ان توثيقات القدماء إذا كانت عن حس نعمل بها، وان شككنا ايضا نعمل بها لاننا نقول بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.

وذكره ان الرواية رواها الشيخ معنى ذلك ان هناك شهرة روائية.

ومن حيث الدلالة: ففيه تعارض مع ما قبله، بل ومع ما ورد من استحباب التزين لزوجها، وهو خلاف المشهور، ولذا خصّه الشيخ بالمطلّقة البائنة، وهذا حمل غير تام، إذ لا دليل على وجوب الحداد على البائنة ايضا. ونحن نقول ان الجمع التبرعي لا دليل عليه، والجمع المعتبر بين المتنافيين هو خصوص الجمع الظاهر دون التبرعي.

وكما حمله صاحب الوسائل على انها تعتدّ إذا توفي لها قرابة كما تعتد إذا توفي زوجها لا لأجل الطلاق. وهذا جمع لا دليل عليه إلا إذا كان ظاهرا، والظهور بهذا الجمع عهدته على مدّعيه.

وعلى كل حال، فالأمر سهل، إذ لا يعارض غير المعتبر المعتبر الذي يقول بعدم الحداد، خصوصا مع انتشار حكم المعتبر مما دل على استحباب ان تتزيّن لزوجها.

الجمع التبرعي لا دليل على اعتباره: ونشير إلى ان كل جمع لم يكن فيه ظهور هو جمع تبرعي، لا دليل عندنا على اعتباره كما بيّنا ذلك في مباحث علم الاصول، الظهور هو الحجّة مثلا: ما ورد من مضمون الروايات: " ثمن العذرة سحتٌ، وجاء ثمن العذرة لا باس به " هناك تعارض لكن عندما نسمعها ندرك ان العذرة النافعة لا باس بها، والتي ليس فيها نفع سحت أي مقابل لا شيء. ومثلا اخر اخلاقي: " مزاح المؤمن عبادة " وتأتي رواية اخرى: " ما مزح مؤمن مزحة إلا مج من عقله مجة " هذا ايضا فيه تعارض، والعرف عندما يسمعها وهو يعرف ان الدافع الايجابي للمزاح هو ادخال السرور على المؤمن، فإذا ادخل السرور فهو عبادة وإلا فلا فيمج من العقل مجة. هذا عبرّنا عنه بالجمع العرفي وهذا ليس من باب التخالف لان العرف يجمعهما بمجرّد سماعهما، وهذا هو الظهور الذي نعمل به.

اما مجرد الجمع لرفع التعارض هذا هو التبرعي ولا دليل عليه وان قيل ان هناك اجماعا على صحّته. إذ اقصى ما يمكن الاستدلال به عليه هو قاعدة ان الجمع مهما أمكن اولى من الطرح، مع ثبوت اعتبار الخبرين المتعارضين.

وقد أجبنا عنه في مباحث علم الاصول ان العلاج بين المتعارضين غير منحصر بالجمع البرعي، بل إما بالتخيير أو بالترجيح، وقد اخترنا الترجيح بالمرجحات العقلائية. وعليه لا تصل النوبة إلى اعتبار الجمع التبرعي.

النتيجة: ان الروايات التي تقول لا تحد اقوى سندا ومعتضدة بالشهرة وانها تتطيّب وتتزين لزوجها، فروايات الحداد لا تقاوم روايات عدم الحداد، إذن لا يجب عليها الحداد.


[2] المصدر السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo