< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، احكام الطلاق الرجعي/ المراد من كلمة مبيّنة، وخروج الزوجة/-

     المراد من كلمة مبيّنة بعد ورودها على صيغة اسم الفاعل واسم المفعول، وبعد ملاحظة ان المعنى الحالي في اللهجة العامّة هو الظهور.

     النتيجة: المراد من الفاحشة كل معصية زادها عن حدها، والمراد من المبيّنة هي الظاهرة التي تكشف عن سوء سريرة وذلك بتعمّد اظهارها.

     خروج الزوجة.

 

قلنا ان معنى الفاحشة هو كل قبيح زاد عن حدّه وهنا مطبّقة على المعصية، يعني الفاحشة كل معصية زادت عن حدها.

المراد من كلمة مبيّنة: واما كلمة " مبيّنة" فقد وردت فيها قراءتان: إحداهما بالفتح مبيَّنة، والأخرى بالكسر " مبيِّنة.

نحن نعلم من خلال علم الصرف ان اسم المفعول يأتي بفتح ما قبل الآخر يعني صاحبها بيّنها، واسم الفاعل يأتي بكسر ما قبل الآخر، يعني هي تبيّن غيرها، وقد اشتهر انها بمعنى " ظاهرة " ولعلّ الاتفاق على ذلك.

لكن عند التبادر نقول ان التبادر علامة الحقيقة، " مبيّنة " لا تعني الظاهرة، نعم الظهور لازم، و " مبيِّنة " بالكسر هي تبيِّن غيرها ولا يلزمها كونها ظاهرة، بخلاف " مبيَّنة " بالفتح أي المُظَهرَة، ويلزمها كونها ظاهرة.

وقد نقل عن سيبويه قوله أن لا فرق في المعنى بين " بان " واستبان " و " تبيّن ".

والذي أراه: ان التبادر في الكسر " مبيِّنة " يدل على ان الفعل يبيّن شيئا ما. والتبادر في الفتح " مبيَّنة " يدل ان فاعل المعصية يريد إظهارها. ولما كان الأصل تطابق القراءات في المعنى: فإن الظاهر ان " المبيَّنة " بالفتح تدلّ على سوء سريرة فاعل المعصية لأنه يتعمد إظهارها وإعلانها.

والظاهر من الكسر " المبيِّنة " انها تبيَّن شيئا آخر، ولعلّه سوء السريرة، وليس من الضروري ان ظاهرة.

نعم في زمننا هذا والعرف اللغوي اليوم، فإن كلمة مبيّنة معناها الظاهرة، وبأصالة عدم النقل نثبت المعنى قبل أكثر من ألف سنة، أي زمن التشريع.

ونحن نعلم ان هناك أصالة عدم النقل وبها نستطيع ان نقول انه قبل ألف سنة هي كذلك [1]

والنتيجة: إن المراد من عنوان الفاحشة وهو كل معصية زادت عن حدّها و" المبيّنة " هل هي مطلق الظاهرة او المظهِّرة التي تظهر سوء السريرة والتعمّد، و " الفاحشة المبيِّنة " هي كل معصية تعمدّ صاحبها فعلها وإظهارها مما يكشف عن سوء سريرته. اما الفاحشة التي يتستر بها وليست متعمّدة فلا تكون من المبيّنة. وهذا هو القدر المتيقّن من عنوان " الفاحشة المبيّنة " فلا بد من إثباتها لثبوت جواز الاخراج.

خروج الزوجة:

اما الكتاب فهي الآية السابقة الذكر: ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ [2]

اما الروايات فهي على ثلاث طوائف: منها ما ظاهره عدم جواز خروجها مطلقا، ومنها الجواز بإذن الزوج، ومنها التفصيل في الحج او التفصيل في الليل والنهار.

الطائفة الاولى عدم جواز خروجها مطلقا، حكم ليس من حق أحد أن يسقطه. نذكر منها:

ففي الوسائل ح 3: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة)، عن عثمان بن عيسى (ثقة واقفي)، عن سماعة بن مهران (ثقة واقفي) قال: سألته عن المطلقة أين تعتد؟ فقال: في بيتها لا تخرج. الحديث. [3]

من حيث الدلالة: حكم، لا تخرج مطلقا.

ح 4: محمد بن يعقوب، عن حميد بن زياد (ثقة واقفي)، عن ابن سماعة (ثقة واقفي)، عن ابن رباط (لم يثبت توثيقه)، عن إسحاق بن عمار (ثقة فطحي)، عن أبي الحسن (موسى بن جعفر) عليه السلام قال: سألته عن المطلقة أين تعتد؟ فقال: في بيت زوجها.

من حيث السند: الحسن بن رباط له أصل، روى عنه الحسن بن محبوب من الاجلاء، وهناك من يقول انه لا يروي إلا عن ثقة من قبيل المحدث النوري (ره)، لكن برأيي ان الحسن بن محبوب قد يروي عن ثقة وغير الثقة، وقلنا بعد التحقيق انه ثبت عندي ان ستة فقط لا يروون إلا عن ثقة: " صفوان، والبزنطي، وابن ابي عمير، وزرارة، وابو بصير الاسدي، ومحمد بن اسماعيل بن بزيع " اما غيرهم حتى محمد بن مسلم الثقفي ويونس بن عبد الرحمان لم يثبت انهم لا يروون إلا عن ثقة. مجرد رواية رجل كبير جليل عن شخص لا تعني انه أصبح ثقة، لان الثقة قد يروي عن غير ثقة.

ابن رباط لم يثبت عندي توثيقه.

ح 5 – محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تعتد المطلقة في بيتها ولا ينبغي للزوج إخراجها ولا تخرج هي.

من حيث الدلالة: " لا ينبغي " ظاهرة في الاستحباب او في كراهة الاخراج أو الخروج.

ح6 – محمد بن يعقوب، عن حميد (مردد وكلاهما ثقة)، عن ابن سماعة، عن وهيب بن حفص (ثقة بناء على كونه الجريري فقد وثقه النجاشي)، عن أبي بصير (ثقة)، عن أحدهما عليهما السلام في المطلقة أين تعتد؟ فقال: في بيتها إذا كان طلاقا له عليها رجعة ليس له أن يخرجها ولا لها أن تخرج حتى تنقضي عدتها. [4]

من حيث السند: حميد العجلي ثقة غير واقفي، وحميد بن زياد ثقة واقفي. ووهيب بن حفص إذا كان الجريري فهو ثقة، والسيد الخوئي (ره) يقول انه هو نفس الجريري وثقه النجاشي.

من حيث الدلالة: نص واضح بعدم جواز الاخراج.

الطائفة الثانية: الجواز بأذن الزوج:

ح7 – محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى (ثقة)، عن أحمد بن محمد (ثقة)، عن الحسين بن سعيد (ثقة جليل)، عن القاسم بن عروة (ثقة)، عن أبي العباس قال: لا ينبغي للمطلقة أن تخرج إلا بإذن زوجها حتى تنقضي عدتها ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إن لم تحض. [5]

من حيث السند: القاسم بن عروة السيد الخوئي (ره) لم يوثقه لكنه عندي ثقة فهو وجه، وثقة لرواية ابن ابي عمير وصفوان عنه، وقلنا ان القاعدة التي اسسناها وبيّنها الشيخ الطوسي (ره): " ان هؤلاء الثلاثة واضرابهم لا يروون إلا عن ثقة "، روى عن القاسم بن عروة من لا يروي إلا عن ثقة، ولم يرد فيه ذم. وقلنا ان هؤلاء " لا يروون إلا عن ثقة " انه من باب ضرب القاعدة أي نأخذ بالعموم إلا إذا أتى معارض مناف نتخلى عن القاعدة، مثلا ابن ابي عمير روى عن وهب بن وهب ونعلم انه كذّاب، لذلك الاشكال على القاعدة بان بعضهم قد روى عن غير ثقة غير تام، ، فقد بيّنا ان الرواية عن غير الثقاة كان لعلّة مبررة، وهذا عقلائي، وكل العمومات على ذلك.

ومن حيث الدلالة: " لا ينبغي " كانه اساسا يجوز له الخروج على كراهة، ترتفع الكراهة بإذن الزوج. هناك مدلولان الاوّل مع إذن الزوج تسقط الكراهة، والثاني انه ليس هناك تحريم.


[1] أصالة عدم النقل ليست استصحاب القهقرى وان كانت بالنتيجة استصحاب قهقرى، وان زلت قدم كثير من الاصوليين والمدرسين بذلك، أصالة عدم النقل امارة عقلائيّة تثبت لوازمها العرفيّة والعاديّة والعقليّة وغير ذلك، أما استصحاب القهقرى هو أصل عملي لا يثبت لوازمه غير الشرعيّة، وشتان ما بينهما. ثانيا: هل استصحاب القهقرى ليس معتبرا إلا بخصوص الالفاظ، فهم يقولون ان هذا الاستصحاب غير معتبر، لان المعتبر هو الاستصحاب من الآن إلى ما بعد اللاحق، وليس المشكوك السابق، اليقين السابق والشك الأحق.وانما اعتبروا هذا الاستصحاب لقولهم ان العقلاء على ذلك، هذا يعني انه امارة عقلائية خاصة بالألفاظ وليست من باب الاستصحاب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo