< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/03/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، احكام الطلاق الرجعي، تفسير الفاحشة، المبيّنة.

- ذكر لكلام المسالك وانه يقتصر في الفاحشة المبيّنة على الزنى لأنه محل الوفاق، لان حكمهما خلاف الاصل، وبيان ذلك.

- المراد من كلمة مبيّنة بالكسرة على المعنى العرفي الحالي أي ظاهرة

- اصالة عدم النقل وتطبيقها على المعنى العرفي الحالي أي ظاهرة.

نكمل الكلام في معنى الفاحشة المبيّنة:

ولا باس بذكر ما ذكره الشيخ محمد حسن النجفي في جواهر الكلام:

" وأما الفاحشة ففي المسالك " قيل: هو الزنى، وقيل: ما يوجب الحد مطلقا، وقيل: كل معصية .... ثم قال: وكون الحكم ( عدم جواز الاخراج والخروج ) على خلاف الأصل ( البراءة ) ينبغي الاقتصار منه على محل الوفاق، وهو الأول (الزنى)، لأنه ثابت على جميع الأقوال ". وفي كشف اللثام " هي كل معصية كما في التبيان ومجمع البيان وأحكام القرآن للراوندي.

بيان وتعليق أصولي منا على كلام المسالك: متى يكون الاقتصار على القدر المتيقن؟ هو في حال كون لفظ متعلّق الحكم مجملا. مثلا:" الثيّب لا يشترط فيها اذن الاب لزواجها ". لكن ما معنى " الثيّب " هو لفظ مجمل، هل هي التي فقدت بكارتها مطلقا بالزنى، أو بوطء، أو بوطء شرعي؟ عند عدم الوصول إلى ظهور لفظي. اقول ان القدر المتيقن من الثيب هي التي فقدت بكارتها بوطء شرعي.

فإذن انما اقتصر على القدر المتيقّن أو محل الوفاق ففي خصوص متعلّق الحكم المجمل، أو في الادلّة اللبيّة كالإجماع أو السيرة.

اما في مسألتنا فمتعلّق الحكم وهو الفاحشة ومعناها اللغوي واضح، ولا شك في تقييده بالمحرمات شرعا عند استعمالها في النصوص الشرعيّة، فالاقتصار على محل الوفاق والقدر المتيقن خلاف القاعدة لان كلمة فاحشة تعني القبيح الذي زاد عن حدّه، وهنا لفظ الفاحشة مطبق على المعصية التي زادت عن حدها، ومع وضوح المفهوم وإطلاق كلمة فاحشة على معناها اللغوي ليس هناك اجمال في نفس المفهوم، نعم الاجمال في التطبيقات لكن في المتعلّق المعنى واضح، بل ينبغي أن يؤخذ بإطلاق المعنى إلا ان يدل دليل على تقييده.

هذا كله بالنسبة إلى المراد من كلمة " فاحشة ".

المراد من كلمة مبيّنة: واما كلمة " مبيّنة" فقد وردت فيها قراءتان: إحداهما بالفتح مبيَّنة، والأخرى بالكسر " مبيِّنة.

نحن نعلم من خلال علم الصرف ان اسم المفعول يأتي بفتح ما قبل الآخر يعني صاحبها بيّنها، واسم الفاعل يأتي بكسر ما قبل الآخر، يعني هي تبيّن غيرها، وقد اشتهر انها بمعنى " ظاهرة " ولعلّ الاتفاق على ذلك.

لكن عند التبادر نقول ان التبادر علامة الحقيقة، " مبيّنة " لا تعني الظاهرة، نعم الظهور لازم، و " مبيِّنة " بالكسر هي تبيِّن غيرها، بخلاف " مبيَّنة " بالفتح أي المظهر، ويلزمها كونها ظاهرة. وقد نقل عن سيبويه قوله أن لا فرق في المعنى بين " بان " واستبان " و " تبيّن ".

والذي أراه: ان التبادر في الكسر " مبيِّنة " يدل على ان الفعل يبيّن شيئا ما. والتبادر في الفتح " مبيَّنة " يدل ان فاعل المعصية يريد إظهارها. ولما كان الأصل تطابق القراءات في المعنى: فإن الظاهر ان " المبيَّنة " بالفتح تدلّ على سوء سريرة فاعل المعصية لأنه يتعمد إظهارها وإعلانها.

والظاهر من الكسر " المبيِّنة " انها تبيَّن شيئا آخر، ولعلّه سوء السريرة، وليس من الضروري ان ظاهرة.

نعم في زمننا هذا وعرف اللغوي اليوم، فإن كلمة مبيّنة معناها الظاهرة، وبأصالة عدم النقل نثبت المعنى قبل أكثر من ألف سنة، أي زمن التشريع.

ونحن نعلم ان هناك اصالة عدم النقل وبها نستطيع ان نقول انه قبل ألف سنة هي كذلك [1]

والنتيجة: إن المراد من " الفاحشة المبيّنة " هي كل معصية تعمدّ صاحبها فعلها وإظهارها مما يكشف عن سوء سريرته.

 


[1] اصالة عدم النقل ليست استصحاب القهقرى وان كانت بالنتيجة استصحاب قهقرى، وان زلت قدم كثير من الاصوليين والمدرسين بذلك، اصالة عدم النقل امارة اما استصحاب القهقرى أصل عملي وشتان ما بينهما. ثانا: استصحاب القهقرى ليس معتبرا إلا بخصوص الالفاظ، مع انكم يقولون ان هذا الاستصحاب غير معتبر، لان المعتبر هو الاستصحاب من الآن إلى ما بعد اللاحق، وليس المشكوك السابق، اليقين السابق والشك الأحق.وانما اعتبروا هذا الاستصحاب لقولهم ان العقلاء على ذلك، هذا يعني انه امارة عقلائية خاصة بالألفاظ وليست من باب الاستصحاب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo