< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، احكام الطلاق الرجعي.

     استكمال استعراض الروايات الواردة في الوسائل في تفسير قوله تعالى: " الفاحشة المبيّنة ".

     اضاءة في دلالة كل رواية على حصر المراد من الفاحشة بها، ودلالته على المفهوم.

     بحث أصولي في تعارض المنطوق مع المفهوم، والجمع حينئذ بــ " أو ".

     كثرة التطبيقات توهن الظهور في الخصوصيّة.

نكمل استعراض الروايات الواردة في الوسائل:

ح 5 - الفضل بن الحسن الطبرسي في ( مجمع البيان ) في قوله تعالى: " ولا تخرجوهن من بيوتهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة " قال: قيل: هي البذاء على أهلها (الظاهر أهل دار الرجل) فيحل لهم إخراجها وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام. [1]

من حيث السند: فهو غير تام الرواية مرسلة.

ومن حيث الدلالة: فان الرواية تفسر الفاحشة بخصوص البذاء، لان " هي البذاء " للحصر والتحديد لأن تعريف المسند والمسند إليه ظاهر في الحصر كما بيّنا ذلك في مفهوم الحصر وعند دراسة أدواته، وهذا النمط من التعبير موجود في اللغة العربيّة، واحيانا لا يراد بها الحصر، بل بيان لأبرز الافراد واهمّها.

ح 6 - قال: (الطبرسي في مجمع البيان) وروى علي بن أسباط عن الرضا عليه السلام قال: الفاحشة أن تؤذي أهل زوجها وتسبهم. [2]

والكلام في السند الرواية مرسلة ساقط عن الاعتبار، وان كان علي بن اسباط ثقة فطحي.

والدلالة هي تطبيق لمعنى الفاحشة.

إلى الآن روايات الوسائل تطبيقات متعددة وظاهرها الحصر.

اضاءة: درسنا في البلاغة وان من الفاظ العموم هو تعريف المبتدأ وتعريف الخب، تعريف المسند والمسند اليه، مثلا: " المنطلق زيد " هذا حصر، وهو من ادوات الحصر. مرّ هذا الكلام في مفهوم الاستثناء، وما في الرواية " هو البذاء " أو " الزنى " أو " السحق " ظاهرة في الحصر إذن هي متعارضة بحيث ان مفهوم بعضها يعارض الآخر، ومفهوم الحصر من اقوى المفاهيم، فتعارض منطوق كل منها مع مفهوم الآخر، وحينئذ نقول لا نقول بالتساقط بل بالجمع. والجمع بينها في مقام الدلالة بـ " أو "، مع التفات إلى ان كثرة التطبيقات توهن الظهور في حصر المعنى بهذه التطبيقات وان المراد من الفاحشة المبيّنة هي بخصوصها، أي في السحق والزنى والبذاء وأذية أهل الدار. وهذا يعني ان المراد هو الكلّي وهذه الافراد تطبيق له، لكنه كثير التطبيقات ليس دليلا على ذلك، وإن كان يوهن ارادة خصوصية فرد فرد.

تفسير الفاحشة بمطلق المعصية الزائدة عن حدها:

قلنا انه ليس هناك حقيقة شرعية في معنى الفاحشة ولا في المعاملات، وقلنا ان معنى الفاحشة لغة القبيح الزائد عن حدّه فنقل المعنى من المعنى اللغوي إلى معنى خاص آخر يحتاج إلى دليل

اما الروايات في تفسير الفاحشة التي تدل على مطلق المعصية فقد وردت عدّة روايات بسند معتبر:

منها: الكافي: 2 – محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة)، عن ابن أبي عمير (ثقة)، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال: من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو من الذين قال الله عز وجل: " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم. [3]

من حيث السند فهي من مرسلات ابن ابي عمير وقلنا لا بأس باعتبارها والعمل بها، لكنها أضعف سندا في حال التعارض ولا تعارض الروايات المسندة.

ومن حيث الدلالة: فهي واضحة في تطبيق الفاحشة على كل معصية يحرم ذكرها من باب الغيبة [4] .

وورد هذا النص بسند آخر صحيح: الامالي: ح 16 – الصدوق حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( رضي الله عنه ثقة )، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار (ثقة)، قال: حدثنا أيوب بن نوح (ثقة)، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير (ثقة)، قال: حدثني محمد بن حمران (ثقة)، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: من قال في أخيه المؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه، فهو ممن قال الله عز وجل: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة). [5]

وفي حديث آخر في كتاب ثواب الاعمال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل (يقرب توثيقه) قال حدثني محمد بن يحيى (ثقة) قال حدثني سهل بن زياد الآدمي (احمق وليس بكذاب) عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة (ثقة واقفي) عن محمد بن الفضيل (مردد بين الثقة وغيره) عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: قلت له جعلت فداك الرجل من إخواني بلغني عنه الشيء الذي أكرهه فاسأله عنه فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات فقال لي يا محمد كذب سمعك وبصرك عن أخيك وان شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قول فصدقه وكذبهم ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به وتهدم به مرؤته فيكون من الذين قال الله عز وجل ( الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ) . [6]

في السند سهل بن زياد ومحمد بن الفضيل ولم يثبت انه ثقة.

ومن حيث الدلالة رواية تربويّة وهي كسابقتها في الظهور بكل معصية.

غدا نكمل ما ورد في تفسير الفاحشة بإتيان الذكور:

 


[4] والفرق بين الغيبة البهتان ان الغيبة حقيقة، والبهتان عبارة عن غيبة زائد كذب.
[6] ثواب الاعمال، الشيخ الصدوق، ح1، ص347.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo