< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/02/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، احكام الطلاق الرجعي.

     احكام الطلاق الرجعي: النفقة، السكن، التوارث.

     لا يجوز الاخراج من المنزل في اثناء العدّة الرجعية.

     هل يجوز له ان يخرجها من بيت الزوجية إذا أتت بفاحشة مبيّنة، أو إذا سقطت نفقتها للنشوز؟

بعبارة اخرى اثناء العدّة ما هي احكام الطلاق الرجعي؟

في كل حكم نشك في ثبوته نبحث عن علم فعلمي فاصل لفظي فاصل عملي. العلم القطعي غالبا غير موجود وهو الذي ينشأ من التواتر او القطع الوجداني او القرائن الخاصّة، فننتقل غالبا إلى العلمي اولا نبحث عن نص وحكم خاص إذا لم يوجد نأتي للقواعد والاصول اللفظية، وإذا لم نجد نأتي للأصل العملي.

فلذلك في مسألتنا نبحث عن النصوص المعتبرة في كل مسألة وعند عدم وجوده نبحث عن تأسيس قاعدة، والمسألة الاساسية في تأسيس القاعدة هل هي زوجة أو بحكم الزوجة [1] .

النفقة والسكن والتوارث.

اجماعا ان لها النفقة والسكنى والتوارث وقد ورد فيها نصوص صحيحة وصريحة:

في وسائل الشيعة: من ابواب اقسام الطلاق باب كيفية طلاق السنّة وجملة من احكامه، ح1:

محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد (احمق كما وصفه الفضل بن شاذان) وعن محمد ابن يحيى (ثقة)، عن أحمد بن محمد (ثقة)، وعن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة) جميعا، عن الحسن ابن محبوب (ثقة)، عن علي بن رئاب (ثقة)، عن زرارة (ثقة)، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: كل طلاق لا يكون على السنة أو طلاق على العدة فليس بشيء، قال زرارة: قلت لأبي جعفر عليه السلام: فسر لي طلاق السنة وطلاق العدة، فقال: أما طلاق السنة فإذا أراد الرجل ان يطلق امرأته فلينتظر بها حتى تطمث وتطهر فإذا خرجت من طمثها طلقها تطليقة من غير جماع ويشهد شاهدين على ذلك ثم يدعها حتى تطمث طمثتين فتنقضي عدتها بثلاث حيض، وقد بانت منه، ويكون خاطبا من الخطاب إن شاءت تزوجته وإن شاءت لم تزوجه وعليه نفقتها والسكنى ما دامت في عدتها وهما يتوارثان حــتى تنقضي عدتها. الحديث. [2]

من حيث السند: الرواية معتبرة مستفيضة صحيحة.

ومن حيث الدلالة: فهي واضحة في وجوب النفقة عليها وفي سكناها ما دامت في العدّة، وكذلك في التوارث بينهما.

إذن في هذه الامور الثلاثة لا نحتاج إلى الاصول والقواعد، النص واضح بالنفقة والسكنى والارث والاجماع على ذلك.

الاخراج من المنزل:

هل له ان يخرجها؟ وهل لها ان تخرج؟

يقول تعالى: ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ [3]

الآية ظاهرة في عدم جواز الإخراج.

كذلك ورد في الحديث: وسائل الشيعة، باب 20 وجوب النفقة والسكنى لذات العدة الرجعية لا البائنة: ح 1:

محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى (ثقة)، عن أحمد بن محمد (ثقة)، عن ابن محبوب (ثقة)، عن سعد بن أبي خلف (ثقة) قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن شيء من الطلاق فقال: إذا طلق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة فقد بانت منه ساعة طلقها وملكت نفسها ولا سبيل له عليها وتعتد حيث شاءت ولا نفقة لها، قال: قلت: أليس الله عز وجل يقول: " لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن " قال: فقال: إنما عنى بذلك التي تطلق تطليقة بعد تطليقة فتلك التي لا تخرج ولا تخرج حتى تطلق الثالثة فإذا طلقت الثالثة فقد بانت منه ولا نفقة لها، والمرأة التي يطلقها الرجل تطليقة ثم يدعها حتى يخلو أجلها فهذه أيضا تقعد في منزل زوجها ولها النفقة والسكنى حتى تنقضي عدتها.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله. [4]

من حيث السند فهي معتبرة صحيحة.

ومن حيث الدلالة اوجب السكنى في منزل زوجها في الرجعية دون البائنة. والرواية ظاهرة في عدم جواز الاخراج.

وفي الوسائل الحديث 6 باب 18: محمد بن يعقوب، عن حميد (ثقة واقفي)، عن ابن سماعة (ثقة واقفي)، عن وهيب بن حفص (أكدّ السيد الخوئي (ره) انه الجريري وبالتالي فقد وثقه النجاشي)، عن أبي بصير (ثقة)، عن أحدهما عليهما السلام في المطلقة أين تعتد؟ فقال: في بيتها إذا كان طلاقا له عليها رجعة، ليس له أن يخرجها ولا لها أن تخرج حتى تنقضي عدتها . [5]

وغيرها من الروايات، ويستفاد منها عدم جواز الاخراج.

فرع: هل يجوز له ان يخرجها من بيت الزوجية إذا أتت بفاحشة مبيّنة، أو إذا سقطت نفقتها للنشوز مثلا؟ [6]

وهل لها نفس الحكم في الطلاق الرجعي؟

هذا الفرع الثاني يبتني على ان وجوب السكنى هنا هل هو لكونه من مصاديق النفقة أي مسكن النفقة، أو هو أمر تعبدي محض للنص؟

ظاهر الأكثر كما في الجواهر الثاني أي انه أمر تعبدي، ويدلّ عليه قول الكثيرين بعدم جواز خروجها ولو اذن زوجها، بل يمنعها الحاكم من ذلك لان فيه حقا لله تعالى، كما ان العدّة حق لله تعالى، ولو كانت حقا للزوج لسقطت بإسقاطه، وقد ادّعي ظهور الكتاب والسنّة والفتاوى في ذلك. نعم هذا الحق يلاحظ به الزوج لكونه احتراما له، وفرق بين ان يلاحظ وبين ان يكون حق. ومثلا: بعد وفاة الزوج لا يلاحظ حقه في العدّة كونها احتراما له وانه يمكن ان يسقطها، لكنه حق لله عز وجل فلا تسقط، ولذا لو قال لها: " لا تعتدي بعد وفاتي لم تسقط عدّتها لوجوبها التعبدي ".

غدنا نكمل بان السكنى هل هي من باب سكنى النفقة او سكنى التعبد.


[1] المشهور انها زوجة وبعضهم يقول انها بحكم الزوجة وانا منهم، مثلا: هل يجوز في المطلّقة رجعيا ان تصافح زوجها المطلّق؟، او هو هل له الحق ان يسلم عليها من دون قصد الرجوع؟ فبناء على انها زوجة له الحق، اما بناء على انه حكم الزوجة فلا حق له، ونقتصر هنا على القدر المتيقن من احكام الزوجية، ولذلك عند الشك وعدم القطع بحرمة حكم او حليّته نبحث في كل مسألة هل فيها نص معتبر، او نرجع للقواعد، والقاعدة الاساسية هي ان المطلّقة هل هي بحكم الزوجة او زوجة.
[6] جاءنا سؤال: انه إذا خرجت زوجة مطلّقة من بيت زوجها إلى بيت اهلها، فهل يحق لها في هذه الحال وهي في بيت اهلها ان تخرج من دون اذن الزوج؟الجواب: الظاهر انها لا تحتاج للإذن الزوج لأنها ليست في بيته. سمعت ان السيد الخوئي (ره) كان يقول انه يحق لها الخروج إذا ادت له الحقوق الجنسية (حق الاستمتاع بها) فليس عليها ان تستأذنه. وبه تقيّد إطلاقات الروايات في عدم جواز خروج الزوجة إلا بإذنه. وانا الذي اراه انه عندنا قاعدة قرآنية عامّة: " وعاشرهن بالمعروف " والروايات التي وردت في عدم جواز خروج الزوجة من بيتها بدون اذن زوجها محكومة تحت سقف هذه القاعدة، والاذن أحدها. وسنرى من كلام الفضل بن شاذان بعد قليل انه يؤيد كلامنا في توجيه هذه القاعدة. فاشتراط إذن الزوج محكوم بهذه الآية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo