الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الفقه وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.

نكمل الكلام في تراتبية المنفق، وقلنا ان نفقة الولد على الأم بعد الأب والجد، واستدلوا على ذلك كما مرّ بآية " اولي الارحام بعضهم اولا ببعض" والآية الثانية: " ايتاء ذي القربى " وسنأتي إلى بعض الآيات ثم الروايات. فلنفهم هل الاولوية مطلقة وان هناك عموم او لا؟

قلنا ان " واولي الارحام " تشمل غير العمودين الاخوة والاخوال والاعمام، وقلنا ان حذف المتعلق يفيد العموم إلا ما خرج بدليل.

ثم إن القرآن يفسر بعضه بعضا. فلننظر إلى آية أخرى: ﴿ كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين ﴾ [1] . فظاهر كلمة كتب الوجوب، مؤكدا بقوله تعالى: " حقا على المتقين ". ولننظر إلى الآية الكريمة: ﴿ وإذا حضر القسمة اولي القربي واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم معروفا ﴾ [2] . هذه الآية خاصة بالارث، وقد ورد في الصدقات " لاصدقة وذو رحم محتاج " .

ونعود للآية، فقد يقال انها خاصة بالميراث، فقد قال العياشي في تفسيره: عن زرارة عن ابي جعفر (ع) في قول الله ⁾ اولو الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله ⁽ ان بعضهم اولى بالميراث من بعض، لان اقربهم إليه رحما اولى به. ثم قال: ابو جعفر إنهم [3] اولى بالميت واقربهم إليهم أمه وأخوه واخواته لامه وابيه، اليس الأم أقرب إلى الميت من إخوته وأخواته " [4] .

وفي السند خدش من جهة ان العياشي حذف الاسانيد ولعلّه بداعي الاختصار وعدم التطويل مع العلم ان رواياته محترمة اجمالا، كما انه هو بنفسه ثقة عين جليل فاضل محدث، إلا انه لم يثبت انه من الذين لا يروون إلا عن ثقة.

واما في الدلالة فلا تدل على حصر متعلّق الاولوية بالارث، بل هي تطبيق.

في الروايات تارة تكون هناك دلالة على الحصر أي ان هذه الآية خاصة بالارث، وتارة نطبق الآية على الارث، مثلا في حرمة " الغناء " طبقت الرواية عن الامام (ع) ولذا اجاب الامام (ع) عن حرمة الغناء بآية اللهو عليه انه لهو ﴿ الذين يشترون لهو الحديث ﴾ [5] ولكن هل اللهو خاص بالغناء؟ طبعا لا هذا تطبيق، ففرق بين التطبيق والحصر، ونقول ان الرواية ليست ظاهرة في الحصر وليست آية " اولي الارحام " خاصة بالارث، وتطبيقها لا يعني عدم تطبيقها على النفقة والحضانة والاحسان والصدقة وإلى آخره. فتبقى الآية على اطلاقها.