< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/06/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ أولياء العقد/ ولاية الأب على الصغيرين - نفوذ عمله بعد البلوغ

خيار الفسخ للصغير بعد البلوغ.

كان الكلام في خيار الصغيرة بعد البلوغ، أما الصغير الذكر الذي عُقد له على امرأة، فهل له بعد البلوغ خيار الفسخ أم لا نقطتان:

تارة: هل تزويجه فضولي أو نافذ؟.

وأخرى: أخرى بناء على أنه نافذ هل له الفسخ أو لا بعد البلوغ؟

النقطة الأولى: فهو تزويج نافذ إجماعا لأنه تزويج من الولي بسيرة المسلمين وإجماعهم ورواياتهم. ويدل عليه روايات توارثهما من حين الصغر، فلو كان مجرد فضولي فلا يتوارثان.

منها: محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن صفوان عن علاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) ( في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان، قال: إذا كان أبوهما الوليان اللذان زوجاهما، فنعم، قلت: فهل يجوز طلاق الأب، قال: لا )[1] الرواية صحيحة.

منها: رواية ثانية تدل على نفوذ العقد وليس كونه مجرد فضولي يحتاج إلى الإجازة.

محمد بن مسلم قال: ( سألت أبا جعفر (ع) عن الصبي يزوج الصبية قال: إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما، فنعم جائز ولكن لهما الخيار إذا أدركا )[2]

هناك تركيز في الرواية على أنه من لم يكن له ولاية أصبح فضوليا. والفرق بين العقد النافذ والعقد الفضولي، أنه في العقد النافذ تجري جميع آثار العقد، وإما في الفضولي فلا يجري أي أثر إلا بعد الإجازة، والإجازة لا تكون إلا بعد البلوغ.

النقطة الثانية: هل يثبت خيار الفسخ للصغير أو لا؟

أستدل لنفي الخيار بأمور:

أولا: الروايات:

صاحب الحدائق استدل على عدم ثبوت الخيار بالرواية الأولى السابقة صحيحة محمد بن الحسن، لأن الأبوين زوجاهما، بإطلاقها تدل على عدم جواز الفسخ، فالأمر ليس له ولا لها.

ولكن يمكن أن يجاب: بعد التسليم بصحة السند أن الرواية تحتمل معنى آخر، هل هو عقد نافذ أو عقد فضولي؟ هنا نستظهر أنه نافذ لا مجرد فضولي. لا تدل هذه الرواية على عدم ثبوت الفسخ، بل تدل على نفوذ الزواج.

الرواية الثانية: صحيحة الحلبي: قال: ( قلت لأبي عبد الله (ع) الغلام له عشر سنين فيزوجه أبوه في صغره أيجوز طلاقه وهو ابن عشر سنين، فقال(ع): أما تزويجه فهو صحيح، وأما طلاقه فينبغي أن تجلس عليه امرأته حتى يدرك )[3]

استدل هنا بالإطلاق، أنه لا يجوز له الفسخ بعد البلوغ.

والجواب: أن هذه الرواية يحتمل دلالتها على النفوذ لا على الفضولية ومع الاحتمال يبطل الاستدلال فلا تدل على ثبوت خيار الفسخ بعد البلوغ.

الرواية الثالثة: رواية خبر دعائم الإسلام عن علي (ع) ( تزويج الآباء على البنين والبنات جائز إذا كانوا صغارا، وليس لهم خيار إذا كبروا )[4]

هذه الروايات التي يمكن الاستدلال بها على عدم ثبوت خيار الفسخ.

الدليل الثاني: أصالة اللزوم في العقود. أي أشك في ثبوت خيار الفسخ في زمن ما أو حال ما أو فعل ما، فالأصل اللزوم في العقد وعدم ثبوت الخيار.

وأصل اللزوم في العقد إذا أخذناه من " أوفوا بالعقود " يكون أصلا لفظيا، ولو أخذنا أصل اللزوم من الاستصحاب أصبح أصلا عمليا.

هنا أصالة اللزوم في العقود إن كان دليلها " أوفوا بالعقود "كما استدل الكثيرون فهي أصل لفظي يقدم على الأصل العملي، وأما إذا كان دليلها الاستصحاب كما ذكر الشيخ الأنصاري (ره) فهي أصل عملي فلا تقدم على الأصول اللفظية بل تقدم على الأصول العملية الأخرى من البراءة والاحتياط والتخيير.


[1] - الوسائل ج14 باب12 من أبواب عقد النكاح، ح.
[2] - الوسائل ج14 باب6 من أبواب عقد النكاح ح8.
[3] - الوسائل باب11 من أبواب ميراث الأزواج ح4.
[4] - مستدرك الوسائل باب11 من عقد النكاح ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo