< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

42/08/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ التقیّة

التوجیه الثالث

قال الشهید الأوّل (رحمة الله): «يمكن أن يقال: إنّ هذه الثلاث لا يقع الإنكار فيها من العامّة غالباً؛ لأنّهم لا ينكرون متعة الحجّ و أكثرهم يحرّم المسكر و من خلع خفّه و غسل رجليه، فلا إنكار عليه». [1]

و علی هذا لا یتحقّق تقیّة موضوعاً؛ فالنفي نفي الموضوع، لا نفي الحکم؛ فالمعنی أنّه لا یتحقّق تقیّة موضوعاً في هذه الموارد؛ لورودها صریحاً في القرآن المجید. هذا التوجیه حسن یوجب الاحتمال المبطل للاستدلال.

و یؤیّده ما قال الفاضل الإصفهانيّ (رحمة الله): «إنّه لا حاجة إلى فعلها غالباً للتقيّة؛ لأنّ العامّة لا ينكرون المتعة و لا خلع الخفّ للوضوء و لا الاجتناب عن المسكر و إن كان فعلها على بعض الوجوه قد يوهمهم الخلاف. و لعلّه يدخل في تأويل الشيخ (رحمة الله) لأنّه لا تقيّة لمشقّة يسيرة لا تبلغ إلى النفس أو المال. [2] [على أنّه يمكن التمتّع على وجه لا يظهر لهم][3] ». [4]

و ما قال السیّد الطباطبائيّ (رحمة الله): «إنّه لا حاجة إلى فعلهما غالباً للتقيّة؛ لعدم إنكار العامّة خلعهما للوضوء و لا متعة الحجّ و إن كان فعلهما على بعض الوجوه ممّا يوهمهم الخلاف». [5]

و ما قال المحقّق النراقيّ (رحمة الله): «على عدم الحاجة في التقيّة إليه بملاحظة تجويز العامّة الغسل المجامع مع المسح بضرب من التدبير، سيّما مع كفاية المسمّى عرضاً في المسح». [6]

و قال الشیخ النجفيّ (رحمة الله): «إنّ هذه الثلاثة لا يقع الإنكار فيها من العامّة غالباً؛ لأنّهم لا ينكرون متعة الحجّ و حرمة المسكر و نزع الخفّ مع غسل الرجلين». [7]

قال الإمام الخمینيّ (رحمة الله): «إنّ المراد بعدم التقيّة فيما ذكر ليس كونه مستثنى من عمومات التقيّة حتّى ينافي الطائفة الثانية، بل المراد أنّه لا موقع للتقيّة فيه غالباً؛ لعدم وجوب شرب الخمر و المسح على الخفّين عندهم حتّى يكون تركهما مخالفاً لطريقتهم. و أمّا متعة الحج، فيمكن الإتيان بها من دون التفاتهم؛ لأنّهم أيضاً إذا دخلوا مكّة يطوفون و يسعون و عمرة التمتّع لا تزيد عليهما و النيّة أمر قلبيّ لا يطّلع عليه الناس. و التقصير أيضاً يمكن إخفائه عنهم؛ إذ هو يتحقّق بمجرّد نتف شعرة واحدة أو قصّ ظفر واحد». [8] [9]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

التوجیه الرابع

قال الشیخ النجفيّ (رحمة الله): «إنّ المراد لا أتّقي أحداً في الفتوى بها؛ لأنّ ذلك معلوم من مذهبه، فلا وجه للتقيّة فيها».[10]

هذا التوجیه حسن یوجب الاحتمال الذي یبطل به الاستدلال.

و قال الإمام الخمینيّ (رحمة الله): «يمكن أن يكون وجه الجمع هو أنّ الأئمّة (علیهم السلم) كانوا لا يتّقون في المذكورات؛ لكون الفتوى بحرمة النبيذ و المسح على الخفّين و جواز متعة الحجّ معروفاً عنهم؛ بحيث يعرفه خلفاء الجور منهم. و ذلك لا يوجب عدم تقيّة الشيعة فيه أيضاً. و يؤيّد هذا الوجه ما في ذيل صحيحة زرارة من قوله: و لم يقل: «الواجب عليكم أن لا تتّقوا فيهنّ أحداً»». [11]

و قال (رحمة الله) في موضع آخر: «ربّما يقال: إنّ ترك التقيّة فيها مختصّ بالإمام (ع) كما فهم زرارة؛ إمّا لأنّهم كسائر فقهائهم في الفتوى و سلاطين الوقت لا يأبون عن فتواهم، بل عن الاجتماع حولهم خوفاً من مزاحمتهم في رئاساتهم. و لهذا كانوا يستفتون منهم‌ في قبال سائر الفقهاء و إمّا لمعروفيّة فتواهم فيها بحيث لا تنفع فيها التقيّة، كما لا يبعد». [12]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

التوجیه الخامس

قال المحقّق النراقيّ (رحمة الله): «أمّا الأخبار النافية للتقيّة في المسح على الخفّين، فلا تصلح للمعارضة‌؛ لرجحانه بموافقة الكتاب و السنّة في انتفاء العسر و الحرج و الضرر». [13]

أقول: لا تعارض بین الروایات حتّی تحتاج إلی المرجّحات؛ فإنّ هذه الروایات في مقام بیان أهمّیّة حرمة شرب الخمر و وجوب المسح علی الرجلین؛ لعدم أهمّیّة عوامّ الناس في ذلك الزمان لهما. و لا بدّ من الجمع بین الروایات، مع الالتفات إلی هذه التوجیهات مجموعاً.

التوجیه السادس

قال الشیخ النجفيّ (رحمة الله): «إنّ المراد أنّه لا تقيّة حيث لا ضرر؛ لأنّ مذهب عليّ (ع) فيه[14] معروف عندهم أو لغير ذلك من الوجوه. و لذا[15] لم نعثر على عامل بهذه الرواية[16] أو من استثنى ذلك[17] من عمومات التقيّة». [18]

أقول: فهذه الموارد خارجة عن التقیّة موضوعاً.

توضیح هذا التوجیه

إنّه (ع) قال «لا اتّقى» و معنى هذه العبارة عدم اتّقائه (ع) و لا يلزم منه أن يكون الواجب علينا أيضاً عدم الاتّقاء لمعروفيّة مذهبه (ع) و أنّه أحد الفقهاء و ما كانوا يتعرضون له (ع) بل يتعرّضون لشيعته من جهة بغضهم من توجّه الناس إليهم (علیهم السلام). [19]

الإشکال في هذا التوجیه

إنّهم كانوا في مقام إعمال السلطنة حتّى للإمام (ع) و عمله كان خلاف ذلك، فكيف نقول ما كان (ع) في التقيّة. [20]

التوجیه السابع

قال الشیخ الأنصاريّ (رحمة الله): «يحتمل أن يريد به أنّه لم يوجب التقيّة في هذه الثلاثة، كما في سائر مواردها، لا أنّه أوجب علينا تركها؛ فكان هذا مستثنى من عموم «لَا دِينَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ» كما في رواية الدعائم،[21] فيكون التقيّة هنا رخصةً لا عزيمةً؛ كالتقيّة في إظهار كلمة الكفر. و يكون النهي في صحيحة الكافي[22] محمولاً على المرجوحيّة». [23]

أقول: هذا التوجیه یناسب ظاهر قوله (ع) «لا أتّقي». و هکذا یناسب قوله (ع) «عَلَّمَ أَصْحَابَهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَ مِائَةِ بَابٍ مِمَّا يُصْلِحُ لِلْمُسْلِمِ فِي دِينِهِ وَ دُنْيَاهُ ...» فإنّ ظاهرها یناسب المرجوحیّة، لا الوجوب و لکن لا یناسب ظاهر بعض الروایات الأخر.

التوجیه الثامن

قال الشیخ الأنصاريّ (رحمة الله): «يمكن أن يحمل رواية أبي الورد على مورد الضرر الفعليّ دون التقيّة المبنيّة على ملاحظة الضرر النوعيّ على الشيعة باشتهارهم بمخالفة جمهور‌ الناس دون الضرر الفعليّ اللاحق للشخص بترك هذا الفعل الخاص. و يشهد لهذا الحمل عطف البرد المعتبر فيه الضرر الشخصيّ إجماعاً؛ لكن هذا مبنيّ على أنّ التقيّة لا يعتبر فيها ترتّب الضرر الفعليّ على الترك، بل الحكمة فيها ملاحظة الضرر اللاحق من اجتماع الشيعة على تركها و اشتهارهم بخلافها. و هذا و إن كان يظهر من جملة من الأخبار إلّا أنّ المستفاد من كثير منها خلاف ذلك». [24]

أقول: هذا الحمل بعید عن ظاهر الروایة؛ لأنّ الظاهر من قوله (ع): «قول عليّ (ع) فیکم سبق الکتاب الخفّین» أنّ المسح علی الرجلین مذکور في الکتاب العزیز؛ فلا تقیّة فیه موضوعاً، إلّا إذا خفت من عدوّ تتّقیه أو ثلج تخاف علی رجلیك، مع أنّه لا فرق بین الضرر الشخصيّ و النوعيّ علی الشیعة من حیث جواز التقیّة.

التوجیه التاسع

قال المیرزا هاشم الآمليّ (رحمة الله): «إنّ التقيّة واجبة و محرّمة و جائزة؛ فإنّها إن بلغت الدم، فهي محرّمة. و إن بلغ تركها إليه أو إلى ما شابهه، فواجبة و إلّا فيجوز تحمّل ضرر تركه. و عليه فلا يمكن أن يقال إنّ الإمام (ع) لا يتّقى في مورد كونها واجبةً؛ مثل أن يدور الأمر بين المسح على الخفّين أو إراقة دم شخص أو‌ دم نفسه و كذا في سائر الموارد؛ مثل شرب المسكر، فيمكن أن يكون عدم اتّقائه (ع) في صورة جواز ذلك. و هذا هو الوجه الذي يمكن أن يعتمد عليه و أمّا سائر الوجوه فلا». [25]

أقول: لا دلیل علی جواز التقیّة في موارد وجود الضرر، بل یجب دفع الضرر عن نفسه أو غیره. و لا یجوز تحمّل الضرر، مع عدم التقیّة. و أمّا حمل الروایة علی صورة جواز التقیّة أو رجحان ترکها حتّی یکون قوله(ع): «لا أتّقي» محمولاً علی رجحان ترك التقیّة، فلا بعد فیه.

التوجیه العاشر

قال المیرزا هاشم الآمليّ (رحمة الله): «یمكن أن يقال معنى عدم التقيّة في ذلك هو أنّه على فرض رفع الحكم التكليفيّ و الوضعيّ في سائر الموارد لا يكون ما ذكر التقيّة فيه من جهة الحكم الوضعي؛ أي إن وقعت الصلاة كذلك لا تصح، فيجب الإعادة لا الحكم التكليفي؛ فإنّه مرفوع». [26]

أقول: إحتمال رفع الحکم التکلیفيّ دون الحکم الوضعي، خلاف ظاهر الروایة، کما أنّه في مورد وجود عدوّ تتّقیه أو ثلج تخاف علی رجلیك یرفع الحکم التکلیفيّ و الوضعيّ معاً.

توجیهات أخر

قال ابن کاشف الغطاء (رحمة الله): «لا يعارض فإمّا أن يطرح أو يحمل على التقيّة أو على إمكان الفرار منها إلي غيرها؛ كالفرار من المسح على الخفّين إلى الغسل بنيّة المسح أو لعدم التقيّة فيهن ذلك الزمان أو غير ذلك». [27]

المحصّل من التوجیهات

قال الشیخ البحراني: «بالجملة فإنّ أخبار وجوب التقيّة عامّة و منها الخبر المذكور[28] المتضمّن لهذا الإطلاق الظاهر في المنافاة، فالواجب حمله[29] على ما ذكرناه جمعاً بين الأخبار». [30]

و قال الإمام الخمینيّ (رحمة الله): «رفع اليد عن عمومات دليل الحرج و حديث الرفع و عمومات التقيّة و خصوص الروايات المتقدّمة الدالّة على جريان التقيّة في الأمور المذكورة- بمجرّد تلك الروايات الدالّة على عدم جريانها فيها القابلة للتوجيه بما ذكر في غاية الإشكال، خصوصاً بعد مساعدة الاعتبار على أنّه لو دار الأمر بين القتل و مجرّد شرب النبيذ أو المسح على الخفّين، لكان الترجيح مع الثاني، بل هو المتعيّن. و يؤيّده: أنّه لم يظهر من أحد الفتوى بوجوب ترك التقيّة فيما ذكر؛ فالأقوى جريان عمومات التقيّة بالإضافة إليه أيضاً». [31] [32]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

التحقیق: أنّ مجموع التوجیهات توجب الاحتمال و عدم جواز الاستدلال بحیث یعارض أخبار التقیّة؛ فأخبارها شاملة للخفّین و غیره إذا تحقّق شرائط التقیّة من خوف الضرر أو الضرورة أو الخوف علی الدین و أمثالها.

الدلیل الثالث[33] : العمومات و الاطلاقات

قال المحقّق الخوئيّ (رحمة الله): «تدلّ عليه[34] العمومات و الإطلاقات الواردة في وجوب التقيّة و مشروعيّتها؛ كقوله (ع): «... إِنَّ التَّقِيَّةَ مِنْ دِينِي وَ دِينِ آبَائِي وَ لَا دِينَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ ...». [35] و «... التَّقِيَّةُ فِي‌ كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ ...»»[36] .[37]

الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ[38] عَنْ فَضَالَةَ[39] عَنْ حُسَيْنٍ[40] عَنْ سَمَاعَةَ[41] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ[42] ... فَقَالَ (ع): «... لَيْسَ شَيْ‌ءٌ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا وَ قَدْ أَحَلَّهُ‌ لِمَنِ‌ اضْطُرَّ إِلَيْهِ». [43]

إستدلّ بها بعض الفقهاء علی جواز التقیّة في مسح الخفّین. [44]

الدلیل الرابع[45] : الإجماع (لا خلاف)

قال العلّامة الحلّيّ (رحمة الله): «یجوز المسح على الخفّين عند التقيّة و الضرورة‌ إجماعاً». [46]

و قال الشهید الأوّل (رحمة الله): «لا يجوز المسح على حائل من خفّ و غيره إلّا لضرورة أو تقيّةً إجماعاً». [47]

و قال الشیخ البحراني: أمّا مع الضرورة؛ كالتقيّة و البرد الشديد و نحوهما، فظاهر كلمة الأصحاب الاتّفاق على الجواز». [48]

و قال العلّامة الحلّيّ (رحمة الله): «لا يجوز المسح على الخفّين‌ و لا على ساتر إلّا للضرورة أو التقيّة، ذهب إليه علماؤنا أجمع». [49]

و قال الشیخ النجفيّ (رحمة الله): «لا يجوز المسح على كلّ حائل يستر محلّ الفرض أو شيئاً منه إلّا التقيّة، فيجوز حينئذٍ على الخفّ و نحوه بلا خلاف أجده بين أصحابنا، بل هو محصّل عليه، فضلاً عن المنقول للأخبار التي كادت أن تكون متواترةً في الأمر بها و إنّها دين آل بيت محمّد (علیهم السلام) بل أصل التقيّة من ضروريّات مذهب الشيعة». [50]

و قال الشیخ الأنصاريّ (رحمة الله): «لا يصحّ المسح على الحائل و لا يعدّ جزءاً من الوضوء إلّا إذا كان للتقيّة من المخالفين، فإنّه يصحّ حينئذٍ بلا خلاف فيه في الجملة». [51]

الدلیل الخامس[52] : اشتهاره بين الأصحاب (الشهرة الفتوائیّة) [53]

الدلیل السادس[54] : قاعدة لا حرج

قال الشیخ النجفيّ (رحمة الله): «يدلّ عليه نفي الحرج في الدين». [55]

و قال الشیخ الأنصاريّ (رحمة الله): «لا يصحّ المسح على الحائل و لا يعدّ جزءاً من الوضوء، إلّا إذا كان للتقيّة من المخالفين؛ فإنّه يصحّ حينئذٍ بلا خلاف فيه في الجملة؛ للحرج بتركه، فيسقط اعتبار مماسّة الماسح للبشرة لقوله- تعالى: ﴿مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[56] فيمسح عليه». [57]

تنبیهات

التنبیه الأوّل: هل یجتزئ المسح علی الخفّین مع التقیّة أم لا؟

هنا أقوال:

القول الأوّل: الإجزاء [58] [59] [60] [61] [62] [63] [64] [65]

أقول: هو الحق؛ لأنّ العمل بالتقیّة مأمور به و مصداق له؛ فلا بدّ من الإجزاء. و لا دلیل علی عدم الإجزاء، إلّا أن یقال بأنّ أدلّة التقیّة رافعة للحکم التکلیفيّ فقط. و لا یرفع الحکم الوضعي. و هذا خلاف ظاهر الروایات التي في مقام البیان، مع عدم ذکر الإعادة أو القضاء. هذا في التقیّة الواجبة. و أمّا التقیّة الراجحة أو الجائزة، فلا دلیل علی الإجزاء؛ مثل التقیّة المداراتیّة، کما سبقت في المباحث السابقة. و لا یخفی أنّ الإجزاء في المسح علی الخفّین فیما لا یمکن الغسل. و إلّا فیجب الغسل. و لا یصحّ المسح علی الخفّین، کما سیأتي.

قال الشهید الأوّل (رحمة الله): «لا يجزئ المسح على حائل من خفّ أو غيره إلّا لتقيّة أو ضرورة». [66]

قال بعض الفقهاء (رحمة الله): «يجوز المسح على الحائل و يجتزئ به في حال التقيّة». [67]

قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «لا إشكال في الاجتزاء به[68] في التقيّة». [69]

القول الثاني

قال شمس الدین الحلّيّ (رحمة الله): «يجزئ ذلك[70] مع الضرورة أو التقيّة و الغسل أولى من المسح على الحائل». [71]

القول الثالث: عدم الإجزاء [72] [73]

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «لا يجزئ المسح على الحائل كالخفّ و إن كان تقيّةً». [74]

دلیل القول الثالث

إنّ التقيّة إنّما تقتضي جواز العمل فقط و لا يقتضي الإجزاء عن المأمور به؛ كما في المسح على الخفّين (مثلاً) فإنّه لو اتّقى بذلك و مسح على خفّيه تقيّةً، لم يجز له أن يقصد به التقرّب و الامتثال؛ لعدم كونه مصداقاً للمأمور به، فلو قصد به ذلك، كان محرّماً تشريعيّاً. [75]

أقول: بعد الأمر من الشارع بالتقیّة؛ فیکون ما أتی به تقیّةً مصداقاً للمأمور به.

القول الرابع: الاحتیاط الواجب أنّه لا یجتزئ [76]

قال المحقّق الخوئيّ (رحمة الله): «في الاجتزاء به[77] مع التقيّة، إشكال». [78]

القول الخامس

قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «لا يجزي المسح على الحائل كالخفّ لغیر تقيّة. و لا يبعد الاجتزاء مع التقيّة و إن كان الاحتياط[79] في محلّه». [80]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین في التقیّة بالنسبة إلی الشرائط دون الأجزاء؛ فإنّه إذا انتفی الشرط، إنتفی المشروط.

التنبیه الثاني

قال بعض الفقهاء (رحمة الله): «لا يصحّ المسح على الحائل للضرورة أو العدوّ أو الجبيرة إلّا إذا اقتضت الضرورة ذلك في جميع الوقت، فإذا أمكنه أن يأتي بالوضوء الصحيح و لو في آخر الوقت، وجب عليه التأخير و لم يجز له البدار؛ نعم لا تجب مراعاة ذلك مع التقيّة إلّا إذا أمكنه التخلّص منها بوجه من الوجوه، كأن يريهم (مثلاً) إنّه يمسح على الخفّ و هو يمسح على القدم أو أمكنته الحيلة في رفعها، فيتعيّن عليه ذلك في المسح على الخف». [81]

أقول: یخرج بذلك عن التقیّة موضوعاً، فیخرج عن محلّ النزاع.

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «إذا أمكن المكلّف في مورد التقيّة أن يوهم من يتّقي منه العمل على طبق التقيّة، مع إتيانه بالعمل التامّ في الواقع، وجب ذلك و لم يجزئه العمل على مقتضى التقيّة إذا التفت لذلك». [82]

أقول: یخرج بذلك عن التقیّة موضوعاً، فیخرج عن محلّ النزاع.

التنبیه الثالث

قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «يكفي في التقيّة الخوف على النفس أو المؤمنين من الضرر، بل يكفي فيها التحبّب للمخالفين و حسن معاشرتهم و مخالطتهم تجنّباً لشرّهم و لو‌ بلحاظ الأمد البعيد؛ نعم لا تشرع لمحض التزلّف[83] ، كما إذا علموا مذهب أهل الحقّ في المسألة و علموا بأنّ المكلّف منهم و لم يكن من حالهم طلب متابعته لهم و ترك ما يقتضيه مذهبه؛ فإنّه لا تجزئ متابعتهم حينئذٍ، بل قد تحرم تكليفاً لما فيها من توهين مذهب أهل الحق». [84]

أقول: لا دلیل علی الإجزاء في التقیّة المداراتیّة، بل رجحانها تکلیفاً لا ینافي بقاء الحکم الوضعيّ و لزوم الإعادة أو القضاء.

 


[3] في نسخة.
[14] المسح على الخفّین.
[15] لعدم المنافاة بأحد الوجوه المتقدّمة.
[16] صحيحة زرارة الدالّة على عدم التقيّة في المسح على الخفّين.
[17] المسح على الخفّین.
[22] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج6، ص415 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِيهِ [إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] عَنْ حَمَّادٍ [حمّاد بن عیسی الجهني: إماميّ ثقة] عَنْ حَرِيزٍ [حریز بن عبد الله السجستاني: إماميّ ثقة] عَنْ زُرَارَةَ [زرارة بن أعین الشیباني: إماميّ ثقة من أصحاب الاجماع] عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ [الإمام الباقر](ع) فِي الْمَسْحِ‌ عَلَى‌ الْخُفَّيْنِ‌ تَقِيَّةٌ؟ قَالَ(ع): «لَا يُتَّقَى فِي ثَلَاثَةٍ» قُلْتُ: وَ مَا هُنَّ؟ قَالَ(ع): «شُرْبُ الْخَمْرِ أَوْ قَالَ شُرْبُ الْمُسْكِرِ وَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَ مُتْعَةُ الْحَجِّ» (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی).
[28] خبر أبي الورد.
[29] خبر زرارة.
[33] من أدلّة جواز التقیّة في مسح الخفّین.
[34] جواز المسح علی الخفّین.
[35] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص224 و جاء فیه: عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا [هم عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّيّ [إماميّ ثقة] و محمّد بن عبد اللّه بن أذينة [مهمل] و أحمد بن عبد اللّه بن أميّة [لعلّه هو أحمد بن عبد الله بن أحمد [مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً] و أیضاً أحمد بن عبد الله بن بنت البرقي [مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً] و عليّ بن الحسين السعد آبادي [مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدً [البرقي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِيهِ [محمّد بن خالد البرقي: إماميّ ثقة] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى [عبد الله بن بحر: کوفيّ: ضعیف] عَنْ حَرِيز[حریز بْنِ عبد اللَّه السجستاني: إماميّ ثقة] عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ [کوفيّ بزّاز: أبو عبد الله: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع): (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود عبد الله بن بحر في سندها و هو ضعیف).
[36] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص217 و جاء فیه: [عليّ بن إبراهیم بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة] عن ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ [محمّد بن أبي عمیر زیاد: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ [إماميّ ثقة] عَنْ أَبِي عُمَرَ الْأَعْجَمِيِّ [مهمل] قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع) (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود أبي عمر الأعجميّ في سندها و هو مهمل).
[37] التنقيح في شرح العروة الوثقى، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج4، ص246 و جاء فیه: [عليّ بن إبراهیم بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة] عن ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ [محمّد بن أبي عمیر زیاد: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ [إماميّ ثقة] عَنْ أَبِي عُمَرَ الْأَعْجَمِيِّ [مهمل] قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع) (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود أبي عمر الأعجميّ في سندها و هو مهمل).
[38] الأهوازي: إماميّ ثقة.
[39] فضاله بن أیّوب: إماميّ ثقة.
[40] الحسین بن عثمان الأحمس الرواسي: إماميّ ثقة.
[41] سماعة بن مهران: إماميّ ثقة.
[42] يحيى أبو بصير الأسدي‌: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[43] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج3، ص177 (هذه الروایه مسندة و صحیحة).
[45] من أدلّة جواز التقیّة في مسح الخفّین.
[52] من أدلّة جواز التقیّة في مسح الخفّین.
[54] من أدلّة جواز التقیّة في مسح الخفّین.
[62] ما وراء الفقه، الصدر، السید محمد، ج1، ص109.
[63] منهاج الصالحین، التبریزی، جواد، ج1، ص32.
[65] ، ج1، ص450 (صحّة جمیع العبادات في حال التقیّة من غير حاجة الى الإعادة و القضاء).
[67] منهاج الصالحین، التبریزی، جواد، ج1، ص32.
[68] المسح علی الحائل.
[70] المسح علی الحائل.
[77] المسح علی الحائل.
[79] الاحتیاط المستحب.
[81] کلمة التقوی، الزین الدین، محمد امین، ج1، ص105.
[83] أي: التقرّب، التملّق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo