< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/06/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التأمین/ ماهيّة التأمین/ کون التأمین ضماناً

 

خلاصة الجلسة السابقة: کان بحثنا في الفقه المعاصر حول «عقد التأمین» و أنّه ینطبق مع أيّ عقد من العقود الشرعيّة؟ و قلنا هل یمکن إدخال عقد التأمین في الضمان؟ و قد استشکل علیه بأنّ بعض الفقهاء لم یجوّز «ضمان ما لم یجب»؛ أي ضمان من لم یأت علی الذمّة بعدُ. قد یضمن الضامن لمن استقرض و علی ذمّته دین؛ هذا «ضمان ما یجب»؛ أي قد ثبت سبب الضمان و هو الذمّة و الضامن یضمنها. و لکن في «ضمان ما لم یجب» لم یأت شيء علی ذمّة الشخص بعدُ، حتّی یرید ضمانه. أراد أحد أن یتزوّج و تقول المرأة له: لیست لدیك ثروة، کیف تنفق عليّ؟ ثمّ جاء أحد و یضمن أنّ الزوج إذا لم ینفق فأنا الذي أدفع النفقة إلیها. و إن کانت النفقة بالنسبة إلی السابق فالضمان لها هو ضمان ما یجب و الضمان بالنسبة إلی الشهر الآتي هو ضمان ما لم یجب.[1]

المثال الآخر: یقول المؤجر إذا استأجر بیته للمستأجر: السراجات و الأبواب و المدفأة و الأشیاء الأخری سلیمة؛ فإذاً یجب علیك أن تسلّمها بعد انقضاء مدّة العقد سلیمةً و قبل المستأجر أیضاً و أفتی الفقهاء علی صحّة هذا الشرط و هو من «ضمان ما لم یجب»، بینا أنّ القانون هو أنّ المستأجر یتّخذ العین المستأجرة و لکنّه لا یضمن إذا لم یکن لدیه إفراط و لا تفریط و لکن یمکن أن یشترط المؤجر علی المستأجر أن یضمن و لو حدثت زلزلة.

قال السیّد الیزدي (رحمه‌الله): «العين المستأجرة في يد المستأجر أمانة، فلا يضمن تلفها أو تعيّبها إلّا بالتعدّي أو التفريط و لو شرط المؤجر عليه ضمانها بدونهما فالمشهور عدم الصحّة لكنّ الأقوى صحّته».[2]

ثمّ إنّه في رأینا کما قلنا سابقاً إنّه لا بأس في ضمان ما لم یجب؛ لأنّ هذا الضمان تعهّد عقلائيّ قد قبله عقلاء العالم. و شبه هذه الأمثال، العاریة. من کانت له جلسة زفاف و استعار من الآخر فرشاً و لکن شُرط أنّه إن عیّب الفرش بأيّ سبب کان فالمستعیر ضامن، بینا أنّ المستعیر غیر ضامن بشکل طبیعيّ، نعم هو ضامن في صورة الإفراط أو التفریط. یصوّر ضمان ما لم یجب في العقود مثل المضاربة و الجعالة أیضاً. من کانت لدیه سیّارة و راجع شرکة التأمین و شرط أنّه إن حدثت خسارة فإنّ شرکة التأمین هي التي یعطي الخسارة؛ بینا أنّ سبب الضمان لم یتحقّق بعد.

هناك مثال آخر لضمان ما لم یجب و هو أنّ الجرّاح یتّخذ رضی المریض قبل العملیّة الجراحیّة علی أنّه إن حدثت حادثة فلا شيء علی ذمّته فإنّ في هذا المثال قد رفع الضمان و لکن ضمان لم یتحقّق علی ذمّة بعدُ.

ثمّ إنّ مخالفي جواز ضمان ما لم یجب، یجوّزون الضمان فقط في مورد قد وجدت فيه ذمّة و هو منحصر في الدیون، لکن هذا الانحصار و عدم جواز ضمان ما لم یجب فلا دلیل علیه و إن کان قد اشتهر.

هناك إشکال: الضمان قد یکون للعین و قد یکون للذمّة. و ضمان الذمّة شبیه بالقرض؛ شخص‌ما قد استقرض و وقع في ذمّته و جاء آخر و یضمن. و ضمان العین کالتأمین الذي یضمن فیه المؤمِّن أن یتدارك الخسارة في صورة حدوثها. التأمین علی التقاعد و التأمین الصحّي و بعض التأمینات الأخری فمن أيّ نوع من التأمین؟

قال آیةالله السبحانيّ (سلّمه‌الله): «لكن لا يصحّ إدخال عامّة أقسام عقد التأمين تحته: نظير التأمين الصحّي للموظّفين و العمّال، فليس هناك عين خارجيّة حتّى يضمنها المؤمّن و مثله التأمين على التقاعد فلا مناص في تصحيح هذه الأقسام».[3]

قال في موضع آخر: «و لكن مجال التأمين أوسع من ذلك، نظير التأمين الصحّي للموظّفين و العمّال فليس هناك شيء خارجيّ تتضمّنه شركة التأمين».[4]

جواب الإشکال:‌ قال بعض الفقهاء في تعریف الضمان: «الضمان و هو عقد شرّع للتعهّد بمال أو نفس»[5] . هناك من حُبس و أنت تضمن أنّه إن أطلق من السجن فأنا الذي أضمن رجوعه إلیه و إلّا حُبستُ مکانه. و في التأمین الصحّي و التأمین علی التقاعد فالضمان علی النفس أیضاً و هي عین خارجيّة فإنّ المؤمِّن یضمن أنّه إن مرض الشخص فهو الذي یعطي مخارجه.

و من جانب آخر فالضمان تعهّد عقلائيّ و عقلاء العالم یقبلون هذا التعهّد؛ التأمین الصحّي و التأمین علی التقاعد لا بأس بهما أیضاً. کلّ نوع من أنواع التأمین نوع تعهّد عقلائيّ و ینطبق مع عقد الضمان تماماً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo