47/05/07
بسم الله الرحمن الرحیم
الآیة مئتان و ثلاث و ثلاثون/سورة البقرة /تفسیر القرآن الکریم
الموضوع: تفسیر القرآن الکریم/سورة البقرة /الآیة مئتان و ثلاث و ثلاثون
﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ، وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا، لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ، وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ، فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[1]
الکلام يدور حول تفسير الآية الثالثة و الثلاثين بعد المائتين من سورة البقرة.
بيان الأخلاق الأسرية، و إرضاع الأمهات و استحکام العلاقة الزوجية
إرضاع الأمهات؛ أمرٌ مستحبٌ لا واجب
يقول الله- تعالى- في مستهلّ الآية: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾.
قوله ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾
يدلّ هذا على أنّ هذا العمل ليس واجباً، بل إذا أراد أحد إتمام الرضاعة، فليستمرّ فيه لمدّة سنتين كاملتين. و لكن إن لم يرد، فلا يوجد إلزام شرعي. فإرضاع الطفل لمدّة سنتين عملٌ مستحسنٌ و حسنٌ، و لكنه ليس إجبارياًّ.
وظيفة الأب في تلبية احتياجات الأم و الطفل:
ويتابع الله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ المراد بـ «المولود له» هو الأب، أي صاحب الولد. واجب على الأب أن يؤمّن نفقة الأم و الطفل و مَلْبَسَهما. و لكن يجب أن يكون هذا التأمين ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي وفقًا للعرف و الرائج في المجتمع. لا إسراف و لا تجمّل و لا تشديد و لا بخل. يجب أن يكون الطعام و الكساء متعارفاً و في حدود سعة الأسرة.
العيش علی قدر الوسعة و الاستطاعة:
و قال في استدامة الآیة: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴾ أي لا يُكلَّف أحد فوق طاقته. فإذا كان دخل الأسرة قليلاً، فليس عليه إلا أن ينفق بهذا القدر. لا ينبغي للأب أن يُضَيِّق على نفسه، بل يجب عليه تلبية الاحتياجات بقدر استطاعته.
لا ينبغي أن تكون الأم سبباً للضرر و لا الأب:
يحذّر الله تعالى: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾، أي لا یجوز أن يكون الطفل وسيلةً لإيذاء الزوجين بعضهما لبعض. لا يُسمح للمرأة باستخدام الطفل لإيذاء زوجها، مثل أن تقول: «لن أتركك تراه»، و لا يحق للرجل إزعاج زوجته بحجة الطفل. يجب أن يكون الطفل مصدر محبّة و توثيق للعلاقة، لا للخلاف و العداوة.
حق الأم في أجر الإرضاع:
إذا كانت المرأة تُرضِع طفلها، فمن حقّها أن تحصل على أجر. و هذا أحد الحقوق المشروعة للمرأة، و لذلك لا ينبغي للأب أن يتجاهل حقها. و يؤكّد الإسلام على أنّه لا ينبغي لأحد أن يتضرّر بسبب الطفل.
مسؤولية الوارث في غياب الأب:
إذا توفي الأب، يقول القرآن: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ﴾، أي أنّ الجد أو وارث الأب عليه نفس الواجب: يجب عليه أن يوفّر رزق الأم و الطفل و كسوتهما، و يدير شؤونهما.
از شیر گرفتن کودک با مشورت و رضایت:
قال الله- تعالی: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ الفطام بالرضا و التشاور:
إذا اتفق الأب والأم برضاهما وتشاور بينهما على فطام الطفل، فلا حرج في ذلك. قد لا يكون لدى الأم حليب أو قد لا تستطيع الاستمرار في الإرضاع. ولكن يجب أن يتم اتخاذ هذا القرار بروح من المحبة و التشاور، لا عن طريق العناد و القوة. لا ينبغي للأم أن تقول: «أنا لن أُرضع بعد الآن»، و لا ينبغي للأب أن يصر إصراراً غير منطقي.
الإرضاع بواسطة المُرضِعة (الداية):
إذا عجزت الأم عن الإرضاع، فيجوز استئجار مُرضِعة للطفل. يقول القرآن الكريم: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ ، أي لا حرج عليكم في ذلك، بشرط أن تدفعوا أجرها بالمعروف: ﴿إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾.﴾ كل شيء في القرآن مقترن بكلمة «المعروف»؛ أي مراعاة العرف و الإنصاف في الحياة الأسرية.
اصل طلایی قرآن در زندگی خانوادگی:
القاعدة الذهبية للقرآن في الحياة الأسرية:
في ختام الآية يأتي قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ أي: اخشوا الله واعلموا أنه مُطَّلع و مُحيط بكل أعمالكم. و عليه، يجب أن يكون العمل في العلاقات الأسرية قائماً على التقوى؛ فلا ينبغي للمرأة أن تُؤذي زوجها بالكناية والتعريض، و لا للرجل أن یُعیي زوجته بالتشديد و الضيّق عليها. فالحياة الأسرية ليست ساحةً للتنافس و الانتقام، بل هي مكان للحب والتسامح و تذكُّر مواطن الخير.
ذکر الأعمال الحسنة و التغافل من السیّئات:
تتشكّل الحياة الجميلة عندما يتذكّر الإنسان محاسن الآخرين و ينسى مساويهم. فإذا ظلّ الإنسان يفكر دائماً في السيئات، اسوَدَّ قلبه و مرُرت حياته. أما إذا استدعى الخيرات، جرى الحب و السكينة في البيت. ينبغي للزوجين أن يُركّزا أكثر على الأعمال الحسنة لبعضهما البعض. فبدلاً من التنقیص و التنبيهات المتكررة، عليهما أن يُثنيا على الإيجابيات. هذه الروح هي الّتي تجعل البيت متيناً، عذباً، و مُشرقاً.
النتیجة الأخلاقية:
إنّ القرآن الكريم يدعو إلى أن تُبنى الأسرة على المحبة و التسامح و التقوى. و يجب على الزوج و الزوجة تجنُّب سوء الظن و التضييق، و السعي لجعل الحياة بسيطةً و مُحببةً.
تذكير هام:
إنّ كلّ من يتَّسم بالتَّعَنُّتِ و التشدُّدِ في الدنيا، سيُعامَلُ بمثله من قِبَلِ الله في الآخرة. لذا، كونوا رُحَماءَ بأهليكم، و ركّزوا على إيجابياتهم، و اعلموا أن بالله مُطَّلِعٌ على أفعالكم و نواياكم.