46/10/17
بسم الله الرحمن الرحیم
آية المأتین و الإثنتین و العشرین/سورة البقرة /تفسیر القرآن
الموضوع: تفسیر القرآن/سورة البقرة /آية المأتین و الإثنتین و العشرین
﴿وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحيضِ قُلْ هُوَ أَذيً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحيضِ وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّی يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَکُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرينَ﴾[1] .
یکون الکلام حول تفسیر آیة المأتین و الإثنتین و العشرین من سورة البقرة.
سُئِل النبيّ (صلّیاللهعلیهوآله) عن «المحیض». المحیض یستخدم بمعنی زمن الحیض و مکان الحیض و یستخدم أیضاً بمعنی دم الحیض. و هنا یُقصد به زمن الحیض.
إجابة النبيّ (صلّیاللهعلیهوآله) عن السؤال:
أجاب النبيّ (صلّىاللهعليهوآله) بأنّ «المحيض» هو أذًى للنساء فيجب الابتعاد عن النساء في أيّام الحيض. و المقصود بقوله «لا تقربوهنّ» هو عدم الجماع، لا المعاشرة العاديّة (مثل التکلّم و تناول الطعام معاً و…)؛ بل الجماع فقط هو الممنوع. و بعد الطهر من الحيض و الغسل، يمكن الجماع. ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرينَ﴾.
مقارنة مع أحکام الیهود و النصاری:
الیهود:
قد منع الیهود مطلق المعاشرة مع النساء في أیّام الحیض حتی أنّهم یعتبرون لمس النساء موجباً للنجاسة أیضاً.
النصاری:
إنّ النصاری لا یفرّقون أساساً بین حالة الحیض و غیرها فیجوّزون الجماع مطلقاً في جمیع الحالات.
الإسلام:
قد اتّخذ الإسلام الطريق الوسط؛ حيث منع الجماع في أيّام الحيض فحسب و لكن لا حرج في المعاشرة العاديّة.
نقاط مهمّة للتعامل في أیّام الحیض:
ضرورة احترام النساء:
﴿قُلْ هُوَ أَذيً﴾ النساء في أيّام حيضهنّ في ضيق؛ بسبب خروج الدم و الآثار الجسديّة و النفسيّة المترتّبة عليه. ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحيضِ﴾ يجب التعامل معهنّ في هذه الأيّام باحترام و لين حتى لا يتأذّين.
لا حیاء في السؤال عن المسائل الشرعیّة:
لا یجوز في الأمور الشرعيّة، أن يمنع الحياء من السؤال؛ فالسؤال عن المسائل الشرعيّة لا یستدعي الخجل.
دراسة معنی «الطهارة» في الآیة:
﴿حَتّىٰ يَطْهُرْنَ﴾ لها قراءتان: بالتخفيف (يَطْهُرْنَ) بمعنى الطهارة بانقطاع دم الحيض حتى بدون غسل. و بالتشديد (يَطَّهَّرْنَ) بمعنى الطهارة بأداء الغسل بعد انقطاع دم الحيض.
رأیان فقهیّان حول الجماع بعد الحیض:
الرأي المشهور:
یجوز الجماع بعد الطهارة من الحيض (نقاء الدم)؛ حتى لو تغسل المرأة من الحیض.
الرأي الآخر:
یجوز الجماع فقط بعد غسل المرأة من الحیض.
فلسفة الأحکام في هذا المجال:
الأحكام الإلهيّة تحتوي على مصالح و مفاسد. هذا النهي هو للحفاظ على الصحّة الجسديّة و النفسيّة للمرأة. و قد وُضعت حدود للملذّات المحلّلة حتى لا تكون شهوة الإنسان بلا قيود و بلا حدود.
التواصي بالتوبة و النقاء:
إذا ارتكب شخص خطأً فإنّ الله يقبل توبته. الطهارة المعنويّة (التوبة) و الطهارة الظاهريّة (النظافة و الغسل) كلتاهما تؤثّران في كمال الإنسان.
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرينَ﴾ قد لا يلتزم بعض الأشخاص بأمر الله هذا و يرتكبون مخالفاتٍ، لذلك يقول الله إنّه إذا لم يلتزم أحد بهذا الأمر و ندم بعد ذلك و تاب، فإنّ الله يقبل توبته. يجب على الإنسان أن يكون نقيّاً من حیث المعنويّة و هو ما يُشار إليه بالتوّابين، و أن يكون نقيّاً من حیث الظاهر و هو ما يُشار إليه هنا بالمتطهّرين. هذان النوعان من الالتزام يؤدّيان إلى كمال الإنسان.
الخلاصة النهائیّة:
يدعو الإسلام البشرَ إلى الاستمتاع بالملذّات المحلّلة و لكن في إطار الحدود الإلهيّة. إن الالتزام بهذه الحدود يحافظ على الصحّة الفرديّة و الاجتماعيّة و المعنویّة. يجب أن نكون مطيعين لأوامر الله.