< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

45/05/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الفور و التراخی

دلیل القول الثاني

قال الشیخ حسین الحلّيّ(رحمه الله): «يمكن أن يقال: إنّ مقتضى إطلاق الطلب هو فعليّة البعث بمجرّد توجّهه. و مقتضى فعليّة البعث هو الانبعاث الفعلي، فلا ترخيص في التأخير. و مقتضاه لزوم الفور و التعجيل، غايته أنّه لا بنحو التوقيت، بل من مجرّد لزوم التعجيل بمعنى لزوم الانبعاث على وجه لو عصى و قصّر يلزمه التعجيل أيضاً، نظير التعجيل في إزالة النجاسة عن المسجد، فلم يبق في قبال إطلاق الطلب إلّا إطلاق المادّة و شمولها للأفراد الطوليّة، فإن قدّمنا إطلاق المادّة على إطلاق الطلب، كان نتيجة ذلك هو جواز التراخي و إلّا كان المرجع هو ما يقتضي إطلاق الطلب من البعث الفعليّ و كون التأخير عصياناً».[1]

کما قال بعض الأصولیّین(حفظه الله): «يمكن أن يقال: إنّ مقتضى الإطلاق هو الفور. و ذلك لما مرّ في وجه حمل الأمر على الوجوب دون الندب، أو النفسيّة دون الغيريّة، فيقال في المقام إنّ كلّاً من الفور و التراخي خارج عن مفهوم البعث و قسمان له و إرادة كلّ قسم يحتاج إلى بيان زائد وراء بيان البعث، غير أنّ متلقّى العرف أنّ البعث يلازم الانبعاث فكأنّهما متلازمان فلو أراد الآمر ذاك الفرد، فهو غني عن البيان و إن أراد التراخي فهو رهن بيان زائد.

هذا إذا كان المولى في مقام البيان. و أمّا إذا كان في مقام الإجمال و الإهمال فالمرجع هو البراءة عن الكلفة الزائدة على أصل التكليف و هي الفوريّة». [2]

تتمة: في ثمرة دلالة الصيغة على الفور (حكم الفعل الفوريّ بعد تأخيره‌)

تحریر محلّ النزاع

بناءً على القول بالفور فهل قضيّة الأمر الإتيان فوراً ففوراً بحيث لو عصى لوجب عليه الإتيان به فوراً أيضاً في الزمان الثاني أو لا؟ فذهب بعض إلی عدم دلالة الأمر على الفور فالفور. و ذهب بعض آخر إلی أنّه إن کان الفور استفید من دليل خارج يبقي الفعل في الأزمنة المتتالية على صفة الوجوب و إن کان استفید من ظاهر نفس الخطاب يبقي علی غير الوجوب. و ذهب بعض إلی أنّه لو لم يأت المكلّف بالمأمور به في الآن الأوّل بعد الأمر، يجب عليه الإتيان به في الآن الثاني.

هنا أقوال:

القول الأوّل: عدم دلالة الأمر على الفور فالفور (الأمر بالموقّت لا يقتضي فعله في ما بعد ذلك الوقت‌) [3] [4] [5] [6]

قال الشیخ الطوسيّ(رحمه الله): «إذا ثبت أنّ الأمر على الفور، فمتى لم يفعله في الثاني، احتاج إلى دليل آخر في وجوبه عليه في الثالث و في ذلك بطلان مذهب من‌ قال: إنّ بالأمر الأوّل يلزمه الفعل في الثالث و الرابع إلى أن يحصل الفعل»، (إنتهی ملخّصاً). [7]

أقول: هذا في التعبّديّات لاحتمال التشریع. و أمّا في التوصّليّات فبعد ثبوت المطلوبيّة لا بدّ من الإتیان فوراً ففوراً إلّا أن یدلّ دلیل علی سقوط المطلوبيّة بعد الزمان الأوّل. و التبادر في الأوامر العرفيّة یقضي بذلك. و أمّا التعبّديّات فلاحتمال تحقّق التشریع لا بدّ من التماس دلیل علی الإتیان في الزمان الثاني.

و قال المحقّق النراقيّ(رحمه الله): «إنّ الأمر بالموقّت- موسّعاً كان أو مضيّقاً- لا يقتضي فعله فيما بعد ذلك الوقت، لا أداءً و لا قضاءً، وفاقاً للأكثر». [8]

و قال الشهید مصطفی الخمینيّ(رحمه الله): «بناءً على دلالة الأمر على الفور، ففي دلالته على الفور فالفور- ثبوتاً و إثباتاً- إشكال، بل منع. و يظهر النظر بعد التدبّر في أنّ الأغراض تختلف:

فمنها: ما هو المقيّد، فيكون في الزمان الثاني مبغوضاً (مثلاً).

و منها: ما يكون القيد فيه مطلوباً ثانياً في المرتبة الأولى، دون الثانية، فيكون الفوريّة مطلوبةً في الزمان الأوّل و أصل الطبيعة مطلوبة في الزمان الثاني، من غير تقييد بالفوريّة.

و منها: ما يكون القيد مطلوباً في جميع الأزمنة على صفة الوجوب.

و منها: ما يكون مطلوباً على صفة الندب». [9]

أقول: لا بدّ من التفصیل في التعبّديّات و التوصّليّات، کما سبق.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo