< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

44/04/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر

الدلیل السابع: إنصراف الوجوب عند الإطلاق

قال الحجّة التبریزيّ (رحمه الله): «إنّ معنى البعث هو الاتيان بالفعل و عدم الرضاء بالترك إلّا إذا رخّص المولى، فكما كان في الخارج إذا أراد شخصا أن يجلس رجلا في مكان، فإذا أخذ يده للجلوس نستفيد منه أنّه أراد جلوسه حتما كذلك إذا بعث المولى نحو الفعل نستفيد بأنّه أراد من ذلك اتيان الفعل و لم يكن راضيا بتركه، فإذا كان معنى البعث هذا فإرادة الندب محتاج الى القرينة، فما دام لم يكن قرينة في البين كان المنصرف له هو الوجوب يمكن القول به. فعلى هذا يكون المنصرف اليه عند الإطلاق هو الوجوب و الندب محتاج الى القرينة»، (إنتهی ملخّصاً). [1]

أقول: دلالة الأمر علی الطلب مسلّم. و أمّا کون الطلب إلزامیّاً أو غیره، فیحتاج إلی القرینة و إثبات الإلزام یحتاج إلی دلیل قطعي. و لا یخفی أنّ ترخیص المکلّفین في الموارد المشکوکة صعب جدّاً و لکن إلزامهم بالتکلیف الوجوبيّ في الموارد المشکوکة أصعب، فلا بدّ من الدلیل القطعيّ علی الوجوب. و لذا یقال: الاحتیاط خلاف الاحتیاط و قد یوجب تنفّر الناس عن الدین و الدیانة.

الدلیل الثامن: حکم العقلاء [2] [3]

قال المحقّق البروجرديّ (رحمه الله): «إنّه لا إشكال في أنّ صرف الطلب إذا صدر من المولى المنعم الذي له حقّ المولويّة و السيادة، متوجّهاً إلى العبد الذي له العبوديّة، بأيّ نحوٍ من أنحاء التحقّق- باللّفظ، أو بالإشارة، أو الكتابة، أو غير ذلك- يجب على العبد إطاعته، و لو خالفه يستحقّ عند العقلاء العقوبة و اللّوم و المذمّة، و لا يقبلون منه العذر أصلًا، سواء قلنا: بأنّ الطلب تمام الموضوع لهذا الحكم، أو قلنا: بأنّ الطلب كاشفٌ عن الموضوع الذي هو الإرادة الغير المقترنة بالرضا بالترك لترك.

بل لو قلنا: بأنّ الطلب تمام الموضوع، لا بدّ من الالتزام بأنّ الموضوع هو الطلب الذي يكون مبدؤه إرادة الانبعاث، لا مطلق الطلب و لو كان مبدؤه إرادة التعجيز و السخريّة مثلًا أو غير ذلك.

و على أيّ حالٍ: مجرّد إحراز الطلب من المولى، موضوعٌ لحكم العقلاء؛ إمّا ذاتاً، و إمّا كشفاً.

بل لو شكّ في مقارنة أمر المولى للترخيص، أو إرادته للرضا بالترك، يكون حكم العقلاء ثابتاً. و لو ترك العبد أمر المولى؛ معتذراً بالشكّ في مقارنته للترخيص، أو مقارنة إرادته للرضا بالترك، عُدَّ عاصياً مستحقّاً للعقوبة و الذمّ عند العقلاء كافّة.

و هذا هو العمدة في حمل الطلب المطلق على الوجوب». [4]

أقول، أوّلاً: بعد صدور الأوامر الکثیرة من المولی و کون کثیرها استحبابیّاً و قلیلها وجوبیّاً، لا دلیل علی صرف الطلب إلی الوجوب إلّا مع القرینة القطعیّة علی ذلك. و ثانیاً: أنّ مادّة الأمر في اللغة مشترك معنويّ بین الوجوب و الندب. و لا دلیل علی النقل من المعنی اللغويّ إلی معنی آخر مع استعمال لفظ الأمر و صیغته في الندب بکثیر غیر قابل للقیاس مع استعمالها في الوجوب، فیلاحظ ذلك في تعداد الواجبات مع تعداد المستحبّات الغالب فیها استعمال لفظ الأمر أو صیغته. و ذلك کلّه یوجب الشكّ في التکلیف و البرائة عنه إلّا إذا ثبت بالدلیل القطعيّ خلافه، کما التزم بذلك السیّد المرتضی (رحمه الله) و جمع آخر مع قربه (رحمه الله) بزمان غیبة الصغری و کونه (رحمه الله) تلمیذ الشیخ المفید (رحمه الله).

کلام بعض الأصولیّین في المقام

قال (حفظه الله): «لا كلام في ظهوره في الوجوب. فقد تلخّص من جميع ما ذكرنا:

أوّلاً: أنّ مادّة الأمر مشترك معنوي بين الوجوب و الندب في اللّغة، و الدليل هو ما مرّ من الاطّراد و عدم صحّة السلب عن مورد الاستحباب.

و ثانياً: أنّها مع اشتراكها معنويّاً بحسب اللّغة تنصرف إلى الوجوب بمقتضى طبيعة الوجوب». [5]

 


[1] المحجة في تقريرات الحجة، الصافي الگلپايگاني، الشيخ علي، ج1، ص136.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo