« قائمة الدروس
الحدیث الأستاذ محسن الفقیهی

47/05/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الزهد/صفات المؤمن /شرح حدیث جنود العقل و الجهل

 

الموضوع: شرح حدیث جنود العقل و الجهل/صفات المؤمن /الزهد

 

ثلاث خصال أحبّ إلى الله، و دور الزهد و العبادة مع الحبّ و محبّة أهل البيت (عليهم السلام) في طریق تكامل الإنسان:

الزهد الحقيقي؛ التحرّر من التعلّق، لا ترك الدنيا

ورد في المعارف الأخلاقيّة أنّ الله يحب خصالاً كثيرةً، لكن ثلاث خصال هي الأحب و الأفضل من غيرها. أولاها «الزهد في الدنيا».

الزهد لا يعني ترك الدنيا أو عدم الاستفادة من النعم؛ لأنّ القرآن يقول: ﴿خَلَقَ لَکُمْ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً﴾[1] . نعم الدنيا ليست للترك بل للاستفادة و الاستمتاع. لكن الشرط الأساسي هو ألّا نتعلّق بها: ألا يتعلق الإنسان بالبيت، أو السيارة، أو المنصب، أو الزوجة، أو المال، لدرجة أن يضحّي بدينه من أجلها. المشكلة تكمن في أنّ الإنسان قد يرتكب الكذب أو التهمة أو المخالفة من أجل الوصول إلى الدنيا؛ و هذا هو التعلّق و السقوط بعينه.

خطر السقوط؛ دعاء آية الله البهجة:

كان آية الله البهجة (رحمه‌الله) يحذّر من أنّ الإنسان دائماً في معرض السقوط، و ليس فقط لتغيير الدين. و لهذا السبب كان ذكره المعروف هو: «يا الله يا رحمن يا رحيم، يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك».

عندما سُئل: نحن متدينون؛ لِمَ نقرأ هذا الدعاء؟ أجاب: الإنسان يكون أحياناً في مسار النزول؛ و إيمانه ينزل من درجة العاشر إلی التاسع ثم الثامن ثمّ السابع و ... و هو لا یعلم.

التعلّق بالدنيا يزداد عادةً مع تقدّم السن، في حين يقترب الإنسان من الموت. الثروات المفرطة، و الأمنيات التي لا نهاية لها، و جمع البيوت و الأراضي بلا حد، هذه كلّها علامات على السقوط.

العبادة العشقیّة؛ الطاعة من دون إکراه:

قال الإمام علي بن الحسین (علیهماالسلام) في مقام الدعاء: «أَمِتْنَا مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ، طَائِعِينَ غَيْرَ مُسْتَكْرِهِينَ، تَائِبِينَ غَيْرَ عَاصِينَ»[2] ؛ أي أن يأتينا الموت ونحن مهتدون، وعبادٌ يطيعون عن عشق لا عن إكراه. فالصلاة التي تُؤدَّى بعُبوس و عجلة تختلف عن الصلاة التي تُؤدَّى بشوق و حضور القلب، اختلافاً ما بین الثری و الثریّا.

صلاة آية الله المطهريّ و عبادة العلامة الطباطبائي، هي نموذج للعبادة العشقية؛ عبادة مقرونة بالدموع و المحبة و السكينة و الحضور. الوضوء العشقي و أدعية الوضوء و سورة القدر و الأذكار التي تُنير الوجه، كلّها لأجل أن يبدأ الإنسان العبادة بحال قلبي و يصبح مُشرقاً.

الإنفاق العشقي؛ الخمس و الزكاة و الإنفاق أيضاً يجب أن تكون برضا قلبي؛ لا بالإكراه. الإنفاق الذي يُعطى بفرح، يحرّر روح الإنسان.

الطريق المختصر للتقرب: محبة أهل البيت (عليهم السلام):

في طریق الوصول إلى الله، توجد طرق صعبة و طرق سهلة. فما هو الطريق السهل و المختصر؟ هو المحبّة الحقيقية لأهل البيت (عليهم السلام)؛ و هذه المحبّة تكون مصحوبةً بالدموع على المصائب، و المشاركة في العزاء و الزيارة و الخدمة و الإنفاق و الإیثار الحقیقي.

ورد في روایة معتبرة: «مَن رَزَقَهُ الله حُبَّ الأئمّة مِن أهلِ بیتی فقد أصابَ خَیرَ الدنیا و الآخرة فلا يَشُكّنّ أحدٌ أنّه في الجنّة، فإنّ في حُبّ أهل بيتي عشرين خصلةً: عشر منها في الدنيا، و عشر منها في الآخرة، فأمّا التي في الدنيا: فالزهد و الحرص على العلم ... إلى أن قال (عليه‌السلام) بعد تعدادها: فطُوبى لمحبّي أهل بيتي »[3] محبة أهل البيت كنز الدنيا والآخرة، من بكى للإمام الحسين (عليه‌السلام) و أنفق على أهل البيت، فلا يشكّ أنّ مقامه هو الجنّة.

علائم محبّة أهل البیت (علیهم‌السلام):

في قياس المحبّة الحقيقية علامات معيّنة، ففي الدنيا عشر علامات، منها:

عدم التعلّق بالدنيا

الإنفاق على أهل البيت (عليهم السلام)،

تحمّل المشقّة في المشي إلی زيارتهم و الخدمة و النذر و الإنفاق فیهم

و تقديم أهل البيت (علیهم‌السلام) على الدنيا.

فمن ادّعى المحبّة و لم يكن مستعدّاً لأن يخطو خطوةً في سبيل أهل البيت، فمحبّته دعوى لا حقيقة لها.

النتيجة:

ثلاث خصال هي أحبّ إلى الله تعالى: الزهد، و العبادة عن شوق و محبّة أهل البيت (عليهم السلام) و هي أركان ثلاثة أساسيّة في نموّ روح الإنسان.

إنّ حياةً دنيويّةً طيّبةً و لذّةً مشروعةً و محبّةً للأسرة، و راحةً في المعيشة، لا تتعارض مع هذا الطريق؛ شريطةَ أن لا يكون هناك تعلّق دنيويّ أو فتور في العبادة أو عدم الاعتناء بأهل البيت (عليهم السلام).

فإنّ الطريق إلى الله ليس صعباً، إذا كان مساره واضحاً.

 


logo