« قائمة الدروس
الحدیث الأستاذ محسن الفقیهی

46/07/21

بسم الله الرحمن الرحیم

فضیلة العلم و العالم/صفات المؤمن /جنود العقل و الجهل

 

الموضوع: جنود العقل و الجهل/صفات المؤمن /فضیلة العلم و العالم

 

خلاصة الجلسات السابقة: قد أشیر في المباحث السابقة إلی قیمة العلم و ذکرت هنا روایة: «الْعِلْمُ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ مَنْ يَشَاءُ»[1] تجب سرایة العلم إلی قلب الإنسان. قد یکون الحصول علی العلم مجرّد كلام باللسان، أي لا يؤثّر في قلب الإنسان و أحياناً يصل العلم إلى القلب و يؤثّر فيه. عندما تجرّب أمراً ما و تصل إلى نتائج فحینئذٍ يصبح علمك علماً قلبیّاً و تعتقد به. من أین نجد تأثیر العلم فینا و عدمه؟ قد نقل عن أبي بصیر في روایة: «سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (علیه‌السلام) يَقُولُ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (علیه‌السلام) يَقُولُ‌ يَا طَالِبَ الْعِلْمِ إِنَّ الْعِلْمَ ذُو فَضَائِلَ كَثِيرَةٍ فَرَأْسُهُ التَّوَاضُعُ وَ عَيْنُهُ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْحَسَدِ وَ أُذُنُهُ الْفَهْمُ وَ لِسَانُهُ الصِّدْقُ وَ حِفْظُهُ الْفَحْصُ وَ قَلْبُهُ حُسْنُ النِّيَّةِ وَ عَقْلُهُ مَعْرِفَةُ الْأَشْيَاءِ وَ الْأُمُورِ وَ يَدُهُ الرَّحْمَةُ وَ رِجْلُهُ زِيَارَةُ الْعُلَمَاءِ وَ هِمَّتُهُ السَّلَامَةُ وَ حِكْمَتُهُ الْوَرَعُ وَ مُسْتَقَرُّهُ النَّجَاةُ وَ قَائِدُهُ الْعَافِيَةُ وَ مَرْكَبُهُ الْوَفَاءُ وَ سِلَاحُهُ لِينُ الْكَلِمَةِ وَ سَيْفُهُ الرِّضَا وَ قَوْسُهُ الْمُدَارَاةُ وَ جَيْشُهُ مُحَاوَرَةُ الْعُلَمَاءِ وَ مَالُهُ الْأَدَبُ وَ ذَخِيرَتُهُ اجْتِنَابُ الذُّنُوبِ وَ زَادُهُ الْمَعْرُوفُ وَ مَاؤُهُ الْمُوَادَعَةُ وَ دَلِيلُهُ الْهُدَى- وَ رَفِيقُهُ مَحَبَّةُ الْأَخْيَار»[2] . قوله «كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (علیه‌السلام) يَقُولُ» یعني أنّ أمیر المؤمنین (علیه‌السلام) کان یتکلّم بهذا الکلام کراراً. هذه الجملة هي المیزان و المقیاس لإدراك أنّ العلم هل یکون لنا حجاباً أو وسیلةً لتعالینا و تطوّرنا. إن تحلیّت بهذه الصفات فأنت عالم فاضل نبیل و لکن إذا لم تکن لدیك هذه الصفات فاعلم أنّ هذا العلم قد صار في نفسك حجاباً أکبر. قد درست و تحصّلت علی الاصطلاحات و لکنّك لم تبلغ بعدُ إلی المقام المعنويّ الذي یجب أن یعطیك العلم إیّاه.

یقول امیرالمؤمنین (علیه‌السلام) «يَا طَالِبَ الْعِلْمِ إِنَّ الْعِلْمَ ذُو فَضَائِلَ كَثِيرَةٍ»، إن أردت أن تکون عالماً حقیقیّاً فعلیك بهذه العلائم: «فَرَأْسُهُ التَّوَاضُعُ» أهمّ هذه الفضائل التواضع. إذا رأیت أنّك متکبّر و متوقّع لتحیّة الآخرین و احترامهم لك فاعلم أنّ العلم لم یؤثّر فیك شیئاً. العلم الباعث علی التکبّر فلا فائدة فیه و یجب أن یُترك. کان یقبّل آیة الله الصافي (رحمةالله‌علیه) ید الأشخاص المختلفة فعلینا أن نکون هکذا؛ أي یمکن لنا تقبیل أیدي الناس بسهولة و أن نحترمهم. تجب الممارسة للوصول إلی التواضع. نعم یمکن أن یکون هذا الأمر صعب في بدایته و لکن سیسهل مع مرور الزمان. و في هذه الصورة یظهر أنّ العلم قد أثّر فیك و سینتج إلی الغایة.

«وَ عَيْنُهُ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْحَسَدِ» عین العلم هي الابتعاد عن الحسد. العین أهمّ أعضاء جسد الآدميّ و عینه هي التي تسمو بالإنسان و أنتم تستخدمون العین لأعمال مختلفة عدیدة. لذلك قال امیرالمؤمنین (علیه‌السلام): الذین یحسدون فهم کالعمیان لیست لدیهم عیون. إذا وصل صدیقك إلی مقام أو خطب خطابةً عالیةً فعلیك بالفرح و الابتهاج و اللذّة. و إن شعرتَ بالقلق فأنت حاسد و الحسد یجلب للإنسان البؤسَ و الشقاءَ في الدنیا و الآخرة.

«وَ أُذُنُهُ الْفَهْمُ» من نعم الله علی الإنسان، الأذن. الأذن وسیلة سماع قول الآخرین. إذا استکبر الإنسان، لا یسمع کلام الآخرین. معنی الفهم في هذا السیاق هو أنّ الإنسان یستمع إلی کلام الآخرین و یفهمه.

«وَ لِسَانُهُ الصِّدْقُ» الصدق یجعل الإنسان عظیماً. هناك بعض یظنّون أنّهم سیتطوّرون مع الکذب و یمکن لهم الاستفادة منه و لکن عاقبتهم إلی الشر. إن رأیت أنّ لسانك یدور حول الکذب فهو علامة علی أنّك لم تحصل من العلم الحقیقيّ شیئاً.

 


logo