« قائمة الدروس
الحدیث الأستاذ محسن الفقیهی

46/06/16

بسم الله الرحمن الرحیم

فضیلة العلم و العالم/صفات المؤمن /جنود العقل و الجهل

 

الموضوع: جنود العقل و الجهل/صفات المؤمن /فضیلة العلم و العالم

فضیلة العلم و العالم:

موضوع بحثنا في فضيلة العلم و قيمة العالِم.

إنّ طريقكم، هو طريق العلم و من الضروريّ أن تعلموا مدى عِظم شأن العلم. لقد فضَّل الله- تعالى- آدم على الملائكة بعلمه و أمرهم بالسجود له. فسجدوا جميعاً إلّا إبليس الذي كفر. فما سبب الأمر بهذا السجود؟ إنّما هو علم آدم. فقد علّم الله آدمَ الأسماء و الصفات أو ما يتعلّق بالسماء و الأرض و بعد هذا التعلیم أمر الملائكة بالسجود.

هذا يدلّ على أنّ قيمة العلم عظيمة إلى حدّ أنّ الملائكة تواضعوا لآدم عليه السلام بسببها. و لذا فإنّ العلم هو أعلى قيمةً و الإنسان يعظّم بقدر علمه. و قد قال أمير المؤمنين في خطبة المتّقين: «و حِرصاً في علمٍ»[1] أي إنّ المتّقي يجب أن يجتهد في طلب العلم. و كذلك ورد عن النبيّ (صلّى الله عليه و آله و سلم) في فضل طلب العلم قوله: «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد»[2] .

ليس هناك زمان أو مكان محدّدان لطلب العلم. «اُطلبوا العلم و لو بالصين»[3] . لقد سافر العلّامة الأمينّي إلى بلدان مختلفة لکتابة «الغدير» و تحمّل في جمع منابعه زحماتٍ کثیرةً. علینا أن نخصّص في کلّ یوم زماناً للمطالعة و ازدیاد علومنا في دائرة الفقه أو التفسیر أو التاریخ أو الحدیث. قد روي أنّه: «لو علم الناس ما في العلم لطلبوه و لو بسفك المهج و خوض اللّجج»[4] یعني: لو علم الناس فضیلة العلم لخاضوا في البحار فإن تعبتَ نفسك في طلب العلم حتّی تُقتل فإنّ ذاك جدیر و ذو قیمة.

لقد سُجن علماء أجلّاء في النجف أو عُذّبوا بسبب سعيهم في طلب العلم، لکنّهم صبروا و حافظوا على الحوزات العلميّة. و تتجلّى أهميّة مقام العالم في أنّه يقوم بتعليم الآخرين و يلعب دوراً روحيّاً سامياً يتجاوز دور الأب الجسماني.

احترام الأستاذ و آداب العلم:

للأستاذ مكانة سامية و احترامه من الواجبات. و قد روي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنّه قال: «من علّمني حرفاً فقد صيّرني عبداً»[5] .

قال امیرالمؤمنین (علیه‌السلام): «إنّ من حقّ العالم أن لا تكثر عليه السؤال و لا تجرّ بثوبه و إذا دخلتَ عليه و عنده قوم فسلّم عليهم جميعاً و خصّه بالتحيّة دونهم و اجلس بين يديه و لاتجلس خلفه و لا تغمز بعينيك و لا تشر بيدك و لا تكثر من قول قال فلان و قال فلان خلافاً لقوله و لا تضجر بطول صحبته فإنّما مثل العالم مثل النخلة ينتظر بها متى يسقط عليك منها شئ و العالم أعظم أجراً من الصائم القائم الغازي في سبيل الله و إذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة لايسدّها شئ إلى يوم القيامة».[6]

إنّ البحث و التساؤل حول الدرس حسن و لکن لا ینبغي تکراره زائداً عن العادة. ينبغي لکم طرح الأسئلة بالاحترام و توقّفوا عن السؤال عند الحصول على الإجابة. إنّ الإصرار المبالَغ فيه على طرح الأسئلة بشكل متكرّر قد يؤدّي إلى انتقاص من مكانة المعلّم. هذا السلوك لا یمنع من التقدّم فقط بل قد يؤدّي إلى عاقبة السوء.

قد أوصی أمير المؤمنين (عليه السلام) بأن لا تتحدّثوا في نقل الأقوال بحيث یُوهم كلامكم أنّكم تريدون التقليل من شأن أستاذكم. فإنّ العالم كشجرة النخيل، ينبغي أن تنتظروا حتى تنضج ثمارها ثمّ تستفيدوا منها، لا أن تغضبوه بسلوكياتكم غير المبرّرة.

أهميّة العمل بالعلم:

من أهمّ قيم العالِم هو أن يعمل بعلمه. ويل للعالم الذي لا يعمل بعلمه! فسيرى يوم القيامة تلاميذه يدخلون الجنّة و هو يدخل النار لعدم عمله بعلمه. و هذه أكبر حسرة على العالم.

 


[2] . لا يوجد نصّ هذا الحديث في كتب الحديث المعتبرة عند الخاصّة و العامّة و لكنّه من الروايات الشائعة التي نقلها العلماء.
logo