< قائمة الدروس

الحدیث الأستاذ محسن الفقیهی

45/04/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: جنود العقل والجهل/الإيمان/التوكّل علی الله/ معنى التوكّل

خلاصة الجلسة الماضية: كان البحث حول معنی التوکّل. من الصفات الحمیدة التي يجب أن يتحلّى بها الإنسان هي التوکّل علی الله. و لكن من المهمّ أن نفهم معنى التوکّل. و قد ذکرنا مباحث حول معنى التوکّل في الجلسة السابقة.

شرح معنى التوکّل:

قد جاء في الرواية: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرْسِلُ نَاقَتِي وَ أَتَوَكَّلُ‌ أَوْ أَعْقِلُهَا وَ أَتَوَكَّلُ‌ قَالَ اعْقِلْهَا وَ تَوَكَّل‌».[1]

على سبيل المثال، عندما توقف سيّارتك فعلیك بقفل باب السيّارة و ربط السلسلة و وضع مفتاح سرّيّ عليها، ثمّ توكّل على الله. لكن لا تترك باب السيّارة مفتوحاً و تقول توكّلت على الله. قال أحد رفقائنا إنّني نزلت من السيّارة و تركت باب السيّارة مفتوحاً و ذهبت لأخذ النقود من صرّاف البنك، فلمّا رجعت لم أجد السیّارة و لمـّا توجد السیّارة إلی الآن. لماذا فتحت بابها و لم تقفلها؟ لیس معنى التوكّل على الله أن تترك باب السيّارة مفتوحاً و تذهب و تقول توكّلت على الله، فلذا قال رسول الله (صلّی‌الله‌علیه‌وآله): اعْقِلْهَا وَ تَوَكَّل.

و لذلك فإنّ معنى التوكّل هو أنّ الإنسان إذا فعل ما یرید، فعليه أن يفعل الأفعال العقلائیّة التي ینبغي أن تفعل و أن يتوكّل على الله فيما ليس في يد الإنسان- مثل أن كان هناك لصّ قد كمن. بعض الناس کانوا يقرأون ستّ آیة الكرسيّ و إنّا أنزلنا و یدعون أدعيةً و ینفخون و يغلقون باب المنزل و يقومون بالمهامّ العقلائيّة اللازمة و يتركون المنزل فارغاً لمدّة شهر و يتوكّلون على الله. نحن جزء من العلّة و لسنا تمام العلّة، علّة العلل هو الله- تعالی، فلذا علينا أن نفعل ما یمکن أن یؤتی من عقلنا و قدرتنا و نتوكّل في الباقي على الله- تعالی. على سبيل المثال، أنت شابّ و تريد الزواج. تذهب و تبحث عن الفتاة المعنيّة في أنّها إن شاء الله جيّدة هي نفسها و أهلها من ذوي الاحترام و النجابة و الإصالة. تتأمّل كلّ خصوصیّاتها بعناية ثمّ تقول: يا إلهي، أنا أتوکّل علیك، لماذا؟ لأنّه لا يُعرف في المستقبل كيف ستكون أخلاقها و سلوکها و كيف ستتعامل معي و ماذا سيحدث، فتتوكّل على الله- تعالی- في مثل هذه الحالات. لكنّك تقوم للاختطاب ببحث كامل. لكن أن يقول أحد: لا، أنا أقوم بالاستخارة فقط. لا! يا سيدّي اذهب و قم ببحثك و أبحث كاملاً و بعد البحث فتوكّل على الله و اعمل هذا العمل الصالح. و لذلك فإنّ معنى التوکّل في الأحاديث هو أن نراقب و نفعل ما بأيدينا و نراعيه کاملاً ثمّ نترك ما ليس في أيدينا لله- تعالی. على سبيل المثال، أثناء القيادة، نتبع جميع قوانين المرور و نتوکّل علی الله- تعالی- في الحادثات غير المتوقّعة.

جاء في الحديث: أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ‌﴾ انْقَطَعَ رِجَالٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي بُيُوتِهِمْ وَ اشْتَغَلُوا بِالْعِبَادَةِ وُثُوقاً بِمَا ضُمِنَ لَهُمْ فَعَلِمَ النَّبِيُّ ص ذَلِكَ فَعَابَ مَا فَعَلُوهُ وَ قَالَ إِنِّي لَأُبْغِضُ الرَّجُلَ فَاغِراً فَاهُ إِلَى رَبِّهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي وَ يَتْرُكُ الطَّلَب.[2]

هذه الرواية یفهمنا أنّ التوكّل على الله لیس معناه أن يجلس الإنسان و يقول فقط: اللهمّ ارزق أنت نفسك. يجب على الإنسان أن يعمل و يجتهد و يكون له سیر مادّيّ و معنويّ و تخطیط لاحتياجاته الماليّة و المعنویّة و يجب أن يكون یومه المستقبل خیراً من یومه الماضي؛ أي فلتکن خیراً یوماً فیوماً معنويّة الإنسان و علمه و مادّیّته فلذا علیه أن یجتهد.

قال الصادق (علیه‌السلام): «إنّ قوماً من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لمـّا نزلت‌ «وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ» أغلقوا الأبواب و أَقبلوا على العبادة و قالوا قد كفينا فبلغ ذلك النّبيّ‌ فأرسل إليهم فقال ما حملكم على ما صنعتم قالوا يا رسول اللَّه تَكَفَّلَ (اللهُ عز و جل- فقيه) لنا بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة فقال انَّه من فعل ذلك لم يستجب (اللَّه- فقيه) له عليكم بالطلب».[3]

من أراد أن یستجاب دعاؤه فعلیه أن یجتهد و یسعی لمعیشته و رزقه الحلال.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo