< قائمة الدروس

درس حدیث استاد محسن فقیهی

44/07/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: جنود العقل و الجهل/ الإیمان/ العدل و الظلم

خلاصة الجلسة السابقة: کان البحث في الجلسة السابقة حول رابطة العقل و العدل و قلنا إنّ العدالة من أهمّ الأشیاء التي حکم بها العقل.

یری العدل في سیرة الأئمّة^ جليّاً. کان النجاشيّ شاعر قد أنشد في فضائل أمیرالمؤمنین× أشعاراً کثیرةً. قد شرب في شهر رمضان المبارك و وصل خبره إلی أمیرالمؤمنین× فقال×: فأتوا به و أجروا علیه الحد. قال من حوله×: إنّه النجاشيّ و إنّه شخصيّة و هو الذي أنشد في مدحك أشعاراً کثیرةً و لا یجوز إجراء الحدّ علیه.

قال×: إنّه قد شرب الخمر في شهر رمضان فیجب أن یحد. مهما سعوا في أن لا یجري× الحدّ لم یقدروا فأجري علیه الحد. هذا معنی العدالة. إذا کان هناك شخص مرید و صدیق للإنسان فلا ینبغي أن یمنع هذا من إجراء العدالة. إذا کان طفلك قد تشاجر مع الأطفال الآخرین فممّن تدافع؟ تدافع من طفلك أو تقول له لمَ ارتکبت الخلاف؟ إن استطعت أن تجري العدالة مع أقربائك فأنت حینئذٍ من العادلین.

قال الله- تعالی- في آیة المأة و الإثنتین و الخمسین (152) من سورة الأنعام: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ﴾ یعني أنّه إذا أردت أن تقول کلمةً لأقرب الأفراد إلیك مثل أولادك، فراعِ العدالةَ.

لماذا قال الله- تعالی: ﴿ذَا قُرْبَىٰ﴾؟ إذ من أقرب ما يوجب خروج الإنسان من العدالة، الأقرباء. ینُاقَش الآن في أنّ المسؤولین یمنحون أولادهم مناصب رئیسيّةً؛ مثلاً: رئیس البلديّة جعل ولده قائماً مقامه. إذا جعلتَ ولدك نائبك و ارتکب خلافاً فلن تسطیع أن تعدل فیه و تجازيه. فلذا قال الله- تعالی: ﴿وَ إِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ﴾.

هکذا الآن وضع اجتماعنا بحیث أنّك إذا ذهبت إلی أيّ مکان، رأیت الأولاد بأیدیهم الأمور و هي بید أقارب المسؤول. نعم هذا جیّد أنّ هؤلاء من أقربائك و معتمدوك و لکن هل تفکّرت في أنّهم إذا ارتکبوا خلافاً فلدیك قدرة العدالة علی أن تجازیهم؟ هذا القول من الله تعالي- من النماذج التي یجب الالتفات إلیها في کلّ الاجتماع.

إعلموا أیّها السیاسيّون أنّكم إذا جازيتم أقاربكم، فَهِمَ الناس کیف برنامجكم و عدالتكم و کم هي مقداراً؟ لکنّك إن تجاوزت عن أقاربك فحیئنذٍ یغلق أیضاً لسانك و یدك بالنسبة إلی الآخرین و لن تستطیع علی أن تفعل فعلاً مقابل خلاف الآخرین. أیّها القاضي! أیّها الوکیل! أیّها الوزیر! أیّها الرئیس للجمهوريّة إنّك إن تعطي زوجتك المقام و المنصب فهل تری هذا المقام لغیرها أیضاً؟ و إن تعطي ولدك مقاماً فهل تری لغیره هذا المقام أیضاً؟ هل راعیت هنا العدالة؟ إذا تمّ تنفیذ العدالة في الاجتماع فقد تمّ تنفیذ الإسلام فیه.

هناك بعض الموارد و هي أنّ المسؤول قد أعطی ولده مقاماً و منصباً و کلّما قیل له قد ارتکب ولدك الخلاف فلا یلتفت إلی الاعتراضات و الأقوال. ترتبط عدّة من مشاکل الاجتماع إلی هذا النوع من المسائل.

من الأمور الواجب الالتفات إلیها هي العدالة في القول. أ نحن عدول في القول أم لا؟ هل نفرّق في أقوالنا بین الأقرباء و الآخرین في القضاء و الشهادات أم لا؟ إن استطعنا علی أن نراعي العدالة فکثیر من المشاکل سیحلّ إن شاء الله تعالي- و لکنّا إذا لم نقدر علی اتّخاذ جانب الحقّ للقرابة و العواطف فحینئذٍ یوجد اسم العدالة لا حقیقتها.

 

و لقد جاء في روایة أنّه: «قَالَ رَسُولُ اللَّه|: مَنْ عَامَلَ النَّاسَ فَلَمْ يَظْلِمْهُمْ وَ حَدَّثَهُمْ فَلَمْ يَكْذِبْهُمْ وَ وَعَدَهُمْ فَلَمْ يُخْلِفْهُمْ فَهُوَ مِمَّنْ كَمُلَتْ مُرُوءَتُهُ وَ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ وَ وَجَبَتْ أُخُوَّتُهُ وَ حَرُمَتْ غَيْبَتُهُ».[1]

مفهوم هذه الروایة هو أنّ من أخلف وعده و کذب في الإحصاء فهو لیس بعادل فمن ظلم و أخلف الوعد و کذب، فلا یحرم غیبته. یجب أن نتآخی مع من یکون صادق الوعد. سنحاول- إن شاء الله- في أن نکون صادقي الوعد و إلّا ستکثر مشاکلنا جدّاً.

قال رسول الله|: «عَدلُ ساعَةٍ خَيرٌ مِن عِبادَةِ سِتّينَ سَنَةً قِيامِ لَيلِها و صِيامِ نَهارِها و جَورُ ساعَةٍ في حُكمٍ أشَدُّ و أعظَمُ عِندَ اللّه ِ مِن مَعاصي سِتّينَ سَنَةً».[2]

ثمّ إنّ قوله| «عَدلُ ساعَةٍ خَيرٌ مِن عِبادَةِ سِتّينَ سَنَةً» مثل أنّك کنت عادلاً طول حیاتك. و یفید أیضاً أنّ رعایة العدالة تکون مشکلاً جدّاً. الذین یریدون أن یصیروا قضاةً فعلیهم أن یراقبوا العدالة فإنّها مهمّ جدّاً. إنّ عبادات الإنسان کلّها لأجل إجراء العدالة و کلّما صام إنسان و صلّی فهو لقوّة نفسه حتّی یستطیع أن یکون عادلاً و ینفذّ العدالة.

و أیضاً إذا ارتکب الإنسان ظلماً لساعة فقط فإذاً یبید عمره و هو کمن عصی ستّین سنةً. فلذا یجب علینا أن نجمع حواسّنا؛ إذ أقوالنا و تأییداتنا و تشویهاتنا في بعض الأحیان ظلم و قد تکون عدلاً و یجب أن تحاسب. لیس الأمر هکذا أن نترك سدیً بل ساعة جور تعدل المعصیة ستّین سنةً و ساعة عدل تعدل العبادة ستّين سنةً قد مضت لیلتها مع العبادة و نهارها مع الصیام.

قال أمیرالمؤمنین×: «مَن عَدَلَ في البِلادِ، نَشَرَ اللَّه عليه الرّحمة».[3] و عنه× أیضاً: «بِالعَدلِ تَتَضاعَفُ البَرَكاتُ».[4]

إذا صرنا عدولاً تنزّلت برکات الله- تعالی- و ستصلح الأمور. فلذلك من أهمّ الأشیاء للإنسان مسألة العدالة؛ لا سیّما أنتم الأعزّة معاشر رؤساء القوم فعلیکم أن تلتفتوا إلی هذه المسألة جدّاً.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo