< قائمة الدروس

درس حدیث استاد محسن فقیهی

44/05/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: جنود العقل و الجهل/ الإیمان/ العدل و الظلم

 

خلاصة الجلسة السابقة: کان البحث في الأخلاق حول رابطة العقل و العدل فیما یوجب تدمیر العقل. قلنا: هناك عدّة أمور توجب تدمیر العقل:

1) طول الأمل

۲) طول الکلام (كثرة الکلام)

۳) اتّباع الشهوة

فقد سبق توضیح هذه الموارد.

ما یوجب تقویة العقل:

1) الصبر علی الوحدة

قال الکاظم×: «يَا هِشَامُ الصَّبْرُ عَلَى الْوَحْدَةِ عَلَامَةُ قُوَّةِ الْعَقْلِ فَمَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ اعْتَزَلَ أَهْلَ الدُّنْيَا وَ الرَّاغِبِينَ فِيهَا».[1]

لم یرد الإمام× من اعتزال أهل الدنیا الاعتزال عن الزوجة أو الأسرة أو العشیرة؛ بل مراده× اعتزال أهل الدنیا و من یلوّث الإنسان بالدنیا. المراد من الوحدة هو اعتزال أهل الدنیا. أهل الدنیا من یتبع المادّيّات و المحرّمات و الآلات الموسیقيّة و الغناء و الشهوات. لا ینبغي أن یکون الإنسان صدیقاً لمثل هؤلاء. إذا خالط الإنسان مع أهل الدنیا فسیزول دینه و إیمانه و عقله. قال في نفسه إبتداءاً إنّه لم یهمّ و لکن بعد فترة ستصیر المعصیة عادیةً عنده.

ثمّ قال×: «وَ رَغِبَ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ».[2]

مثلاً: إذا حان وقت الأذان استبشر و افترش سجّادة صلاته و أذّن و أقام لصلاته من صمیم قلبه و دخل في صلاته مع شوق و ابتهاج و التذّ من التکلّم مع الله- تعالی- و من قیام اللیل. قد سألوا من آیةالله البهجة & مَنِ البطل و کم کیلوغراماً استطاع أن یرفع حتّی یقال له بطل؟ قال&: إذا استطاع أن یرفع کیلوغراماً واحداً فهو بطل. قالوا: کیف؟ قال&: إذا استطاع أن یرفع البطانيّة عن رأسه و یصلّي صلاة اللیل فهو البطل. ینبغي أن یلتذّ الإنسان من صلاة اللیل و یحزن و یبکي إذا لم یقدر علی قیام اللیل. قد رأینا بعض الناس إذا غلب علیه النوم فلم یقدر علی صلاة اللیل، کان یبکي و یقول إنّي لم أستطع اللیلة من القیام و الإتیان بصلاة اللیل. قد رأیت أمّي و هي تبکي، قلت لها ما یبکیك یا أمّاه؟ ماذا وقع؟ قالت: أولادي یأتوني بعض اللیالي و یبیتون عندي فإذاً یوجب هذا أنّي أستیقظ متأخّرةً. إنّ أمّي کانت تقرأ في کلّ لیلة مضافاً إلی صلاة لیلها جزأین من القرآن و زیارة العاشوراء و هي تبکي و تقول: إنّي لم أستطع أن آتي بأعمالي اللیلة. هذا العشق بالعبادة مهمّ جدّاً و أن یلتذّ الإنسان من العبادة. یلتذّ الإنسان من حیاته إذا کانت في قلبه لذّة المناجاة مع ربّه. لأيّ شيء نرید الدنیا أساساً؟ نریدها لصلاة اللیل و الصلاة لأوّل وقتها و المناجاة مع الربّ- تعالی. فإذاً رغبتنا تکون فیما عند الله- تعالی.

قال الإمام الکاظم× في امتداد کلامه:

«وَ كَانَ اللَّهُ أُنْسَهُ فِي الْوَحْشَةِ وَ صَاحِبَهُ فِي الْوَحْدَةِ و غِناهُ في العَيلَةِ و مُعِزَّهُ مِن غَيرِ عَشيرَةٍ»؛ یلتذّ من تکلّمه مع الله- تعالی- و هو أنیسه في الوحدة و غناه، یقول: الله معي. یقول شخص إنّ فلاناً محاباتي و یقول آخر إنّ فلاناً صدیقي و... تری أنّ الناس کثیراًما یتبعون المحاباة و النقد و ... کلّ یتبعون أن یجدوا صدیقاً و رابطاً حتّی یصلوا إلی مقام أو نقد. و لکن من یکون شخصاً إلهيّاً یقول إنّ علاقتي بالله- تعالی- فإذاً أرید منه کلّ ما أرید. یمکن أن لا تکون له أقرباء و عشیرة و لکنّه عزیز عند الله- تعالی. قد رأیتم هذا التشییع للجنازة فما أکثر جماعةً قد جاءت، إنّ الله- تعالی- یعطي العزّة للإنسان و العزّة التي أعطاها الله هي ذات القیمة. لا یعطي المال و العشیرة و القریب عزّةً و العزّة بید الله- تعالی. هذه نکات یجب الالتفات إلیها و یجب علینا أن نزید ارتباطنا مع الله- تعالی.

ترون أنّه یدرّس کتاب الکفایة في الحوزات العلميّة منذ حیاة الآخوند& إلی الآن و ما أکثر الحواشي و الشروح علیه. علینا أن ننظر کیف عاش الآخوند&؟ کان فقیراً و کان ثیابه خلقاً بحیث لم یقدر علی الجلوس في مجلس الدرس حیاءاً فلذا جلس جنب الباب لئلّا یراه أحد و یحقّره. هکذا کبر الآخوند مع ذاك المقام. کانت حیاته مدّةً طویلةً هکذا بحیث کان یذهب لفطوره و غداءه و عشاءه إلی المخبز و یأخذ خبزاً طازجاً و یأکله هناك مع الماء؛ أي کان یأکل کلّ وجباته خبزاً خالیاً و قد صام بعض الأیّام أیضاً. کان مشتغلاً بالدرس و البحث حتّی توفّت زوجته و ولده. ثمّ أتی إلی المدرسة و سکن في حجرة و عاش فیها إلی انتهاء عمره. عاش هو هکذا مع الفقر و الوحدة و أنسه مع الله- تعالی- مشتغلاً بالدرس و المطالعة و عبادة الله- تعالی.

أعطانا الله- تعالی- جمیعاً توفیقاً حتّی نقدر إن شاء الله علی أن نأتي بوظائفنا الشرعيّة صحیحةً.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo