< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/08/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الأصل في الحجية عند الشك فيها
ذكرنا أن احتمال التكليف مساوق لاحتمال العقوبة كما اذا احتمل ان الدعاء عند رؤية الهلال واجب او ليس بواجب؟ فإن احتمال أنه واجب مولوي مساوق لاحتمال العقوبة عند مخالفته واحتمال الحرمة المولوية مساوق لاحتمال العقوبة على مخالفتها، هذا إذا كانت في الشبهة الحكمية قبل الفحص لأن المرجع فيها أصالة الاشتغال أو قاعدة حق الطاعة باتفاق الكل وأما اذا فحص المجتهد عن مظان وجود الدليل على المسألة ولم يجد دليلا على الوجوب او الحرمة فعندئذ إذا بقي الشك في التكليف فلا مانع من الرجوع الى الأصول المؤمنة كأصالة البراءة العقلية وهي قاعدة قبح العقاب بلا بيان وقاعدة البراءة الشرعية او استصحاب عدم التكليف، هذا بناءً على ان حجية الامارات قد ثبتت في الشريعة المقدسة فعندئذ يكون المرجع في الشبهات الحكمية بعد الفحص هو الاصول المؤمنة من الاصول العقلية والشرعية.
وأما أذا لم تثبت حجية الامارات كحجية أخبار الثقة في الشريعة المقدسة و حجية الظواهر فعندئذ المرجع هو الاصل العملي العقلي إذ الاصل الشرعي غير ثابت لأن الدليل على أصالة البراءة الشرعية هو الروايات والروايات لم تثبت حجيتها شرعا وكذلك الدليل على استصحاب عدم التكليف او أصالة الطهارة لأن الدليل هو الروايات فإذا لم تثبت حجية الروايات فلا يمكن التمسك بها فعندئذ اذا كانت الشبهة حكمية وكانت بعد الفحص فالمرجع هو أصالة البراءة العقلية وهي قاعدة قبح العقاب بلا بيان وكذلك الحال في الشك في الحجية فإذا شككنا في حجية أمارة فتارة يكون الشك في حجية أمارة خاصّة بعد ثبوت الكبرى في الشريعة المقدسة وهي حجية أخبار الثقة كقاعدة عامة او حجية ظواهر الالفاظ كقاعدة عامة ونشك في حجية هذه الرواية إما من جهة سندها او من جهة دلالتها او من جهة جهتها فلا نعلم انها صدرت تقية او انها صدرت لبيان الحكم الواقعي ففي مثل ذلك اذا كانت الشبهة بعد الفحص فالمرجع هو قاعدة البراءة لا قاعدة البراءة عن الشك في الحجية لأننا ذكرنا ان الحجية حكم ظاهري وطريقي ولا يترتب عليه أي اثر والأثر إنما يترتب على الواقع ولهذا لا عقوبة على مخالفتها الا بالعقوبة على الواقع ولا مثوبة على موافقتها الا بمثوبة الواقع، فالمراد من ان الشك في الحجية مساوق للشك في العقوبة اذا كانت الشبهة قبل الفحص وأما اذا كانت بعد الفحص فالمرجع هو أصالة البراءة فإن مرجع هذا الشك الى الشك في مضمون الرواية ومؤداها ومضمون الوراية هو الحكم الشرعي المولوي من الوجوب او الحرمة فالشك في الحجية يرجع الى الشك في الوجوب المولوي او الحرمة المولوية فإذا كان هذا الشك بعد الفحص فالمرجع هو أصالة البراءة غاية الامر تارة يكون الشك في المصداق مع ثبوت الكبرى فإن كبرى حجية أخبار الثقة كقاعدة عامة في الاصول ثابتة او حجية ظواهر الالفاظ كقاعدة عامة ثابتة والشك قد يكون في المصاديق الخارجية في رواية خاصة وقد يكون الشك في الكبرى أي نشك في أن أخبار الثقة حجة في الشريعة المقدسة أي يكون الشك في وجود دليل يدل على حجية أخبار الثقة كقاعدة عامة او هنا دليل على حجية ظواهر الالفاظ كقاعدة عامة او لا؟ وحجية أخبار الثقة سندا ودلالة وجهة جميعا فإذا دل الدليل على حجية أخبار الثقة من جميع الجهات فتكون منجزة للواقع عند الاصابة ومعذرة عن الواقع عند المخالفة ومن هنا يظهر ان الشك في حجية الامارة مساوق للقطع بعدم تنجيزها وعدم تعذيرها فإذا شككنا في ان هذه الامارة حجة في مرحلة الجعل او لا تكون حجة؟ فالشك في حجيتها مساوق للقطع بعدم تنجيزها خارجا كما ان الشك في حجيتها في مرحلة الجعل مساوق للقطع بعدم ترتب الاثرين المذكورين وهما صحة الاستناد اليها في مقام عملية الافتاء او في مقام العمل بها مباشرة وصحة اسناد مؤداها الى الشارع فإن الاثر المترتب على حجية الامارة لا يكون منحصرا بالأثرين المذكورين وهما صحة الاستناد وصحة الاسناد بل لها اثر آخر وهو تنجيز الواقع فإن الامارة اذا كانت حجة فهي منجزة للواقع عند الاصابة ومعذرة عند الخطأ فإذاً الاثر المترتب على حجية الامارة لا ينحصر في الاثرين المذكورين.
فالنتيجة انه لا فرق بين ان يكون الشك في التكليف كالوجوب او الحرمة مباشرة كما في الشك عند وجوب الدعاء عند رؤية الهلال او حرمة شرب التتن مباشرة او يكون الشك في حجية الامارة فإن مرجع هذا الشك الى الشك في الوجوب او الحرمة وهذا الشك يرجع الى الشك في مؤدى الامارة إذ مؤداها اما الوجوب واما الحرمة فمن هذه الناحية لا فرق بين ان يكون الشك في التكليف مباشرة او يكون الشك في حجية الامارة لا فرق من هذه الناحية، ثُم ان موضوع الخلاف بين الاصوليين في ان المرجع في موارد الشك في التكليف هل هو قاعدة الاشتغال أي قاعدة حق الطاعة او ان المرجع قاعدة البراءة العقلية مورد هذا النزاع هو الشك في الحكم الشرعي المولي في الشبهة الحكمية بعد الفحص وقبل اثبات حجية الامارات إذ المكلف يشك في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ولكن لم يثبت عنده حجية الامارات بعدُ كحجية أخبار الثقة وحجية ظواهر الالفاظ فعندئذ المرجع عند الشك في التكليف واحتماله بعد الفحص هل هو قاعدة البراءة العقلية لأن قاعدة البراءة الشرعية لا تجري من جهة ان دليلها الروايات والروايات لم تثبت حجيتها ودليلها حجية الظواهر وظواهر الالفاظ لم تثبت حجيتها فإذاً المرجع هل هو قاعدة البراءة العقلية كقاعدة قبح القاب بلا بيان وهذا هو المعروف والمشهور بين الاصوليين او ان المرجع هو قاعدة حق الطاعة؟ نعم الاخباريون قد اختلفوا في ذلك وذهبوا الى وجوب الاحتياط في الشبهات التحريمية لكن المشهور بين الاصوليين ان المرجع قاعدة قبح العقاب بلا بيان، ولكن ذهب جماعة الى ان المرجع هو قاعدة حق الطاعة أي وجوب الاحتياط فإذا شك في وجوب شيء او حرمة شيء آخر قبل ان تثبت حجية الامارات وحجية ظواهر الالفاظ فالمرجع هو قاعدة حق الطاعة أي وجوب الاحتياط ولكن المشهور هو ان المرجع هو قاعدة قبح العقاب بلا بيان وتفصيل ذلك في أول مبحث البراءة والظاهر ان ما ذهب اليه المشهور هو الصحيح.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo