< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/08/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حجية الظن
ملخص ما ذكرناه في التزاحم الحفظي أن التزاحم الحفظي غير التزاحم في مرحلة المبادئ وغير التزاحم في مرحلة الامتثال فإن التزاحم الحفظي إنما هو في الشبهات الحكمية التي يدور الامر فيها بين المحرمات والوجوبات والمباحات من بداية الفقه الى نهايته في موارد اختلاف الاحكام اللزومية مع الاحكام الترخيصية فإن الاحكام اللزومية تقتضي الحفاظ عليها حتى في موارد الاشتباه والالتباس والاحكام الترخيصية أيضا تقتضي الحفاظ عليها في هذه الموارد والمكلف لا يتمكن من الحفاظ على كلتا الطائفتين معا فعندئذ بطبيعة الحال تقع المزاحمة بينهما ولا بدّ من الرجوع الى المرجحات ومرجحات هذه المزاحمة إما قوة الاحتمال مع قوة المحتمل او قوة الاحتمال فقط او قوة المحتمل فقط، وهذه المزاحمة تتوقف على مقدمات:
المقدمة الأولى: أن تكون الاباحة الواقعية مجعولة في الشريعة المقدسة كسائر الاحكام الواقعية المجعولة في الشريعة المقدسة.
المقدمة الثانية: أن يكون جعل الاباحة ناشئا عن وجود المقتضي كما هو الحال في سائر الاحكام الشرعية كالوجوب والحرمة وما شاكلهما، فإن جعل الوجوب ناشئ عن وجود مصلحة في متعلقه وجعل الحرمة ناشئ عن وجود مفسدة في متعلقها وهكذا سائر الاحكام التكليفية والاحكام الوضعية، وأما إذا كانت إباحة الاشياء ناشئة عن عدم المقتضي للوجوب او الحرمة فعندئذ لا تتصور المزاحمة بين ما هو المقتضي وبين عدم الاقتضاء فإذاً هذا التزاحم مبنيا على ان يكون جعل الاباحة الواقعية مبنيا على وجود المقتضي لها كسائر الاحكام التكليفية والاحكام الوضعية.
المقدمة الثالثة: وجود المزاحمة بين الاحكام الالزامية من الوجوبات التحريمات وبين الاحكام الترخيصية في موارد الاختلاف والاشتباه من بداية الفقه الى نهايته ولا بد من الرجوع الى المرجحات، ومرجحات هذه الاحكام التكليفية الاحكام الظاهرية فإن الاحكام الظاهرية إذا كانت لزومية فقد تقدم أنها أحكام طريقية وشأنها الاحتفاظ بالأحكام الواقعية اللزومية بما لها من الملاكات والمبادئ سواء كانت تلك الاحكام الظاهرية اللزومية في موارد الامارات ام في موارد الاصول المحرزة كالاستصحاب ام كانت في موارد الاصول غير المحرزة كأصالة البراءة ونحوها فإن هذه الاحكام الظاهرية شأنها الحفاظ على الاحكام الواقعية اللزومية بما لها من الملاكات والمبادئ فإن هذه الاحكام الظاهرية تدل على ترجيح الحفاظ على الاحكام الالزامية بما لها من المبادئ والملاكات اللزومية في موارد الاشتباه والالتباس على الاحكام الترخيصية بما لها من المبادئ الترخيصية، وأما الاحكام الظاهرية الترخيصية سواء كانت في موارد الامارات كالأمارات المتكفلة للأحكام الترخيصية او الاصول العملية كالاستصحاب المتكفل للأحكام الترخيصية او أصالة البراءة او أصالة الطهارة وما شاكل ذلك من الاحكام الترخيصية فإن هذه الاحكام الترخيصية تدل على ترجيح الاغراض الترخيصية والمبادئ الترخيصية على الاغراض اللزومية أي تدل على ترجيح الاحكام الترخيصية الواقعية بما لها من المبادئ الترخيصية على الاحكام الالزامية بما لها من المبادئ الالزامية.
هذا ما ذكره بعض المحققين(قده).
وللمناقشة فيه مجال.
أما المقدمة الاولى فقد ذكرنا غير مرة:
أولا: أنه لا دليل على أن الاباحة الواقعية للأشياء مجعولة في الشريعة المقدسة فإن المجعول في الشريعة المقدسة إنما هو الاحكام التكليفية والاحكام الوضعية وأما إباحة الاشياء فهي ثابتة من الاول فلا تتوقف على الجعل فلا دليل على ان إباحة الاشياء واقعا مجعولة في الشريعة المقدسة كسائر الاحكام الواقعية.
وثانيا: مع الاغماض عن ذلك وتسليم انها مجعولة في الشريعة المقدسة كسائر الاحكام الشريعة إلا انه لا دليل على أنها ناشئة من وجود المقتضي فيكفي في جعلها عدم ثبوت المقتضي للوجوب والحرمة وغيرها من الاحكام الشرعية فإذا لم يكن في الفعل مقتض للوجوب ولا مقتض للحرمة ولا للاستحباب ولا للكراهة فالشرع يجعل الاباحة له فالإباحة لا تتوقف على ثبوت المقتضي لها فيكفي في جعلها وإثباتها عدم ثبوت المقتضي للأحكام التكليفية، ومع الاغماض عن ذلك أيضا وتسليم أن الاباحة الواقعية ناشئة عن الملاكات الواقعية في مقابل سائر الاحكام التكليفية ولكن وقوع المزاحمة بين الاحكام الالزامية في الواقع في موارد الاختلاط والالتباس والاشتباه والاحكام الترخيصية وقوع التزاحم الحفظي وإن كان ممكنا الا انه لا طريق لنا إلى ذلك حتى نرجع الى المرجحات في موارد الاثبات، وأما الاحكام الظاهرية اللزومية فقد ذكرنا - غير مرة - أنها أحكام طريقية وشأنها تنجيز الواقع عند الاصابة والتعذير عند الخطأ وهي تحافظ على الاحكام الواقعية اللزومية بما لها من الملاكات والمبادئ اللزومية وأنها في الحقيقة توسع دائرة محركيتها وأنها في هذه الحالة أيضا محركة للمكلف نحو امتثالها والاتيان بها فإن هذه الاحكام الظاهرية اللزومية تدل على ذلك وطريق الى الحفاظ على الاحكام الواقعية ولا تدل على ترجيح تلك الاحكام الواقعية اللزومية بما لها من الملاكات والمبادئ على الاحكام الترخيصية بما لها من الملاكات والمبادئ بل هي تدل على الحفاظ على تلك الاحكام في هذه الحالة وهي حالة الاشتباه والالتباس وحالة الجهل ولا تدل على أكثر من ذلك.
وأما الاحكام الظاهرية الترخيصية فهي ليست طريق الى الواقع أصلا فإن الاحكام الظاهرية الترخيصية ليس أحكاما طريقية الى الواقع كي تدل على ترجيح الاحكام الترخيصة الواقعية بما لها من المبادئ والملاكات على الاحكام الالزامية بما لها من الملاكات والمبادئ في هذه الموارد أي موارد الاشتباه والالتباس بل هذه الاحكام الظاهرية إثبات إطلاق العنان للمكلف والترخيص في مقام الظاهر بالنسبة الى الشبهة بين الفعل والترك وقد تقدم أن جعل هذا الترخيص إنما هو لمصلحة عامة وهي مصلحة التسهيل النوعية بالنسبة الى نوع المكلفين ولا إشعار فيها بالترجيح لأنها غير ناظرة الى الاحكام الترخيصية الواقعية بما لها من الملاكات والمبادئ الواقعية الترخيصية بل هي تدل على ترخيص المكلف في مقام الظاهر في موارد الجهل والشك أي أن المكلف مطلق العنان في هذه الموارد بين الفعل والترك ولا يكون مقيدا بالفعل ولا مقيدا بالترك هذا هو ملاك جعل هذه الاحكام الظاهرية.
فالنتيجة أن ما ذكره بعض المحققين(قده) لا يمكن إتمامه.
فالصحيح ما ذكرناه من انه لا تنافي بين الاحكام الواقعية والاحكام الظاهرية لا في مرحلة الجعل ولا في مرحلة المبادئ ولا في مرحلة الامتثال، وأما وقوع المكلف في المفسدة تارة او تفويت المصلحة فهو يتدارك بالمصلحة العامة فإنها تتقدم على المصالح الشخصية وطبعا ترخيص نوع المكلف في ارتكاب الشبهات قد يؤدي الى تفويت المصلحة وقد يؤدي الى الالقاء في المفسدة ولكن المصلحة النوعية تتقدم على المصالح والمفاسد الشخصية.
هذا تمام كلامنا في الجمع بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري.
وبعد ذلك يقع الكلام في الأصل الاولي عند شك في حجية الامارة أي إذا شككنا في أن الظن حجة أو ليس بحجة فالمرجع هو الاصل الأولي وهل انه قاعدة البراءة او أنه قاعدة الاشتغال؟ فسوف يأتي إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo