< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/06/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فروع
إلى هنا قد تبين أن الاحتياط إذا لم يستلزم التكرار فلا شبهة في حسنه وأما اذا استلزم التكرار فالتكرار في نفسه وإن كان لعبا اذا لم يكن بغرض عقلائي او بداع عقلائي فلا شبهة في انه لغو وعبث بل هو قبيح كما اذا فرضنا في الافعال الخارجية اذا قام شخص وقعد مرارا بدون أي داع وغرض فلا محالة يكون عبثا ولغوا بنظر العرف والعقلاء بل هو قبيح.
وأما إذا كان بغرض عقلائي أو بداع عقلائي فلا شبهة في انه حسن كما هو الحال في سائر الافعال الخارجية كالكذب لإصلاح ذات البين او لإنقاذ مؤمن او عرضه او ماله فالتكرار في نفسه عبث بدون أي غرض عقلائي وكذلك اذا كان التكرار بداع ألهي فلا شبهة في أنه حسن بل هو من أرقى مرتبة العبودية والطاعة وأحسن مراتبها فإن انبعاث المكلف عن احتمال الامر من ارقى مراتب العبودية والخضوع والخشوع بالنسبة الى مقام ربه.
فإذاً الاتيان بصلاة الظهر في يوم الجمعة بدون أي داعٍ ألهي والاتيان بصلاة الجمعة في هذا اليوم بدون داعٍ الهي فهو عبث ولغو وقبيح وأما اذا كان بداع الهي فلا شبهة في انه حسن بل هو من ارقى مراتبه ولهذا يكون الانقياد بالنسبة الى العبد من ارقى مراتب العبودية فإن الحاكم في هذه المسألة هو العقل وهو يدرك ان انقياد المكلف بالنسبة الى مقام ربه من ارقى مراتب العبودية واحسنها فلا شبهة في ان التكرار ليس لعبا وعبثا ولهوا بل هو بداع ألهي وهو من احسن مراتب العبودية.
إلى هنا قد تبين أن الامتثال الاجمالي في عرض الامتثال التفصيلي فمع تمكن المكلف من الامتثال التفصيلي اجتهادا او تقليدا يجوز له ان يكتفي بالامتثال الاجمالي فالمجتهد في يوم الجمعة يتمكن من الامتثال التفصيلي اجتهادا او المكلف يرجع الى مقلده ولكن مع ذلك يجوز له الامتثال الاجمالي بان يأتي بكلتا الصلاتين برجاء أدراك الواقع بهما.
واما لو سلمنا ان الامتثال الاجمالي في طول الامتثال التفصيلي فهل هذه الطولية مختصة بالامتثال التفصيلي بالعلم الوجداني أو أنها تعم الامتثال التفصيلي بالعلم التعبدي أيضا؟
والجواب ان هذا يختلف باختلاف مدرك الطولية فبناء على ما ذكره المحقق النائيني(قد)[1] من ان منشأ هذه الطولية ومدركها هو ان في الامتثال التفصيلي يكون انبعاث المكلف عن شخص الامر الجزمي وأما انبعاث المكلف في الامتثال الاجمالي يكون عن احتمال الامر واحتمال الامر متأخر عن الامر رتبة فمن اجل ذلك يكون الامتثال الاجمالي في طول الامتثال التفصيلي رتبة، ولكن هذه الطولية مختصة بالامتثال التفصيلي بالعلم الوجداني واما الامتثال التفصيلي بالعلم التعبدي فأيضا يكون انبعاث المكلف عن الظن بالأمر ويكون في طول الامر رتبة فيكون الامتثال التفصيلي بالعلم التعبدي متأخرا عن الامتثال التفصيلي بالعلم الوجداني رتبة فإن انبعاث المكلف عن الظن بالأمر فمن اجل ذلك لا يكون الامتثال الاجمالي في طول الامتثال التفصيلي بالعلم التعبدي بل هو في عرضه وانما يكون في طول الامتثال التفصيلي بالعلم الوجداني.
واما إذا كان منشأ الطولية اعتبار الحسن والقبح في العبادة فعندئذ يكون الامتثال الاجمالي في طول الامتثال التفصيلي مطلقا سواء أ كان الامتثال التفصيلي بالعلم الوجداني أم كان بالعلم التعبدي لأن العقل لا يحكم بحسن الامتثال الاجمالي طالما يكون المكلف متمكنا من الامتثال التفصيلي وإن كان تعبديا فالعقل لا يحكم بحسن الامتثال الاجمالي وبتقربه طالما يكون المكلف متمكنا من الامتثال التفصيلي ولو بالعلم التعبدي.
وكذلك اذا كان مدرك الطولية اعتبار قصد التمييز فإن الامتثال الاجمالي في طول الامتثال التفصيلي مطلقا سواء أ كان الامتثال التفصيلي بالعلم الوجداني أم بالعلم التعبدي لتمكن المكلف حينئذ من قصد التمييز واما في الامتثال الاجمالي فلا يتمكن من قصد التمييز فالامتثال الاجمالي في طول الامتثال التفصيلي مطلقا.
وكذلك إذا كان منشأ الطولية استلزام الامتثال الاجمالي التكرار فإنه في طول الامتثال التفصيلي مطلقا سواء أ كان بالعلم الوجداني أم كان بالعلم التعبدي.
فالنتيجة أن هذه الوجوه جميعا ساقطة كما تقدم، والصحيح ان الامتثال الاجمالي في عرض الامتثال التفصيلي سواء أ كان بالعلم الوجداني أم كان بالعلم التعبدي.
هذا تمام كلامنا في الامتثال الاجمالي.
ثم بعد ذلك يقع الكلام في جملة من الفروع التي ذكرها شيخنا الانصاري(قد)[2] التي قد يتوهم منها إمكان ردع القاطع عن العمل بقطعه.
الفرع الاول: ان المكلف يعلم إما أنه جنب أو صاحبه جنب كما اذا كان اللباس مشترك بينهما قد يلبسه هو وقد يلبسه صاحبه ورأى فيه منياً فيعلم إما هو جنب او صاحبه جنب، ولا شبهة في انه لا أثر لهذا العلم الاجمالي فإن العلم الاجمالي انما يكون منجزا اذا كان التكليف المعلوم بالإجمال متوجها إليه على كل تقدير وفي المقام ليس كذلك فإن المكلف اذا كان هو جنبا فوجوب الغسل متوجها اليه واما اذا كان صاحبه جنبا فوجوب الغسل متوجها الى صاحبه فلا يعلم بالتكليف فيكون شاكا في وجوب الغسل عليه بالشك البدوي ولا أثر لهذا العلم الاجمالي فإنه إما هو جنب او صاحبه جنب فإنه ان كان صاحبه جنبا فيجب الغسل عليه وإن كان هو جنبا فيجب الغسل عليه فإذاً لا أثر لهذا العلم الاجمالي ولا مانع من الرجوع الى الاصل الموضوعي وهو استصحاب عدم جنابته لأنه شاك في انه جنب او لا فلا مانع من الرجوع الى استصحاب عدم جنابته او الرجوع الى الاصل الحكمي كإصالة البراءة فإنه يشك في وجوب الغسل عليه وعدم وجوبه فلا مانع من الرجوع الى أصالة البراءة عن وجوبه فكل منهما يتمكن من الرجوع الى الاصل الموضوعي او الى الاصل الحكمي.
ولكن قد يتصور ان لهذا العلم الاجمالي أثر فإذا فرضنا أن صاحبه جدير بالاقتداء به بأن يكون عادلا أو كليهما عادل فعندئذ لكل منهما علم اجمالي اما ببطلان صلاته او بطلان الائتمام بالأخر أي بطلان صلاته فرادى او بطلان صلاته جماعة قبل الغسل فإنه إن كان هو جنبا فصلاته باطلة وان كان صاحبه جنبا فالاقتداء به باطل فالنتيجة ان صلاته جماعة باطلة فيعلم ببطلان صلاته وحينئذ يكون هذا العلم الاجمالي منجزا ولا بد من الجمع بينهما ولا يكتفي بالصلاة فرادى كما انه لا يكتفي بالصلاة جماعة ولا بد من الجمع بينهما أي لا بد من الاتيان بالصلاة فرادى والاتيان بالصلاة جماعة حتى يعلم بصحة احداهما إذ إن لم يكن هو جنبا فصلاته فرادى صحيحة واما صلاته جماعة فهي باطلة وان كان هو جنبا فصلاته فرادى باطلة وصلاته جماعة صحيحة فإذا جمع بينهما يحصل له العلم بصحة صلاته إما فرادى او جماعة ولا يكتفي باحدى الصلاتين لعدم العلم بفراغ الذمة لأنه شاك في صحة هذه الصلاة.
هذا اذا كان كلاهما جديرا بالاقتداء وكان محل الابتلاء.
وأما إذا لم يكن احدهما او كليهما جديرا بالاقتداء فعندئذ ليس هنا علم اجمالي او كان خارجا عن محل الابتلاء ولا يمكن الاقتداء به فأيضا لا أثر لهذا العلم الاجمالي.
ولهذا العلم الاجمالي أثر فيما إذا أدخل صاحبه في المسجد فهو يعلم إما دخوله في المسجد حرام اذا كان هو جنبا او ادخال صاحبه في المسجد حرام اذا كان صاحبه جنبا وحيث يعلم ان احدهما جنبا فهذا العلم الاجمالي منجز.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo