< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/05/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: وجوب الموافقة القطعية العملية
ذكرنا أن القول بأن العلم الاجمالي يقتضي وجوب الموافقة القطعية العملية أما بنحو الاقتضاء أو بنحو العلة التامة، هذا القول مبني على القول المشهور من أن تنجيز العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية العملية يكون بنحو العلة التامة فعلى هذا القول يمكن البحث عن أن العلم الاجمالي هل يكون تنجيزه لوجوب الموافقة القطعية العملية بنحو الاقتضاء أو بنحو العلة التامة؟ و هنا قولان آخران:
أحدهما: ما ذهب اليه جماعة من المحققين من ان تنجيز العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية العملية أنما هو بنحو الاقتضاء وليس بنحو العلة التامة.
القول الثاني: ما ذكره السيد الاستاذ(قد) من أن العلم الاجمالي لا يقتضي وجوب الموافقة القطعية العملية مباشرة وسوف نتكلم فيه.
أما على قول المشهور من ان تنجيز العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية العملية يكون بنحو العلة التامة فيكون لهذا البحث مجال وهو ان تنجيز العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية العملية هل يكون بنحو العلة التامة ايضا أو يكون بنحو الاقتضاء، وكأن العلم الاجمالي بالنسبة الى حرمة المخالفة القطعية العملية ووجوب الموافقة القطعية العملية يكون بنحو العلة التامة ومعناه عدم أمكان جعل الترخيص في أطراف العلم الاجمالي في مقام الثبوت فلا تصل النوبة الى مقام الاثبات.
واما على القول الأخر وهو أن تنجيز العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية العملية يكون بنحو الاقتضاء فلا مجال لهذا البحث أي أن البحث عن تنجيز العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية العملية يكون بنحو الاقتضاء أو بنحو العلة التامة، إذ لو كان العلم الاجمالي علة تامة لوجوب الموافقة القطعية العملية لكان علة تامة لحرمة المخالفة الاحتمالية فضلا عن حرمة المخالفة القطعية ولا يمكن التفكيك بينهما، فإذا فرضنا أن العلم الاجمالي بوجوب أحدى الصلاتين في يوم الجمعة أما صلاة الظهر أو صلاة الجمعة فهذا العلم الاجمالي إذا كان علة تامة لوجوب الموافقة القطعية العملية أي لوجوب الاتيان بكلتا الصلاتين معا وعدم أمكان جعل الترخيص في مقام الثبوت لأن إمكان جعل الترخيص ينافي فرض كونه علة تامة إذ معنى كونه علة تامة أنه لا مانع في البين ففرض وجود المانع كجعل الترخيص خلف فرض كونه علة تامة فإذا فرضنا أن العلم الاجمالي لوجوب أحدى الصلاتين في يوم الجمعة علة تامة للتنجيز بالنسبة الى وجوب الموافقة القطعية العملية فبطبيعة الحال يكون علة تامة لحرمة المخالفة الاحتمالية أيضا فضلا عن حرمة المخالفة القطعية العملية فلا يمكن فرض أن العلم الاجمالي يكون تنجيزه بالنسبة الى حرمة المخالفة القطعية بنحو الاقتضاء وأما بالنسبة الى وجوب الموافقة القطعية العملية بنحو العلة التامة فلا يمكن هذا الفرض وهذا الفرض غير معقول لأن تنجيز العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية العملية لو كان بنحو العلة التامة لكان تنجيزه لحرمة المخالفة القطعية العملية أيضا بنحو العلة التامة ولا يمكن التفكيك بينهما ثبوتا بأن يكون العلم الاجمالي علة تامة لوجوب الموافقة القطعية العملية دون حرمة المخالفة القطعية العملية فلا يمكن التفكيك بينهما أيضا على هذا القول وهو أن العلم الاجمالي تنجيزه بالنسبة الى حرمة المخالفة القطعية العملية بنحو الاقتضاء واما بالنسبة الى وجوب الموافقة القطعية العملية بنحو العلة التامة فلا يمكن الجمع بين هذين القولين لأن تنجيز العلم الاجمالي لو كان لوجوب الموافقة القطعية العملية بنحو العلة التامة لكان تنجيزه لحرمة المخالفة القطعية العملية أيضا بنحو العلة التامة ولا يمكن التفكيك بينهما فمن أجل ذلك على هذا القول لا مجال لهذا البحث أي على القول بأن تنجيز العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية العملية يكون بنحو الاقتضاء وهو أن تنجيز العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية العملية هل يكون بنحو الاقتضاء او يكون بنحو العلة التامة فإنه على هذا القول لا يمكن افتراض أن يكون تنجيزه لوجوب الموافقة القطعية العملية بنحو العلة التامة وإلا لزم ان يكون تنجيزه لحرمة المخالفة القطعية العملية أيضا بنحو العلة التامة بل يكون علة تامة لحرمة المخالفة الاحتمالية فضلا عن القطعية بل لا مجال على هذا القول، وإنما يكون لهذا البحث مجال على المشهور بين الاصوليين من أن تنجيز العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية العملية يكون بنحو العلة التامة، فيكون البحث في أنه هل يكون تنجيز العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية العملية بنحو الاقتضاء أو بنحو العلة التامة كتنجيزه لحرمة المخالفة القطعية العملية فتنجيزه بالنسبة الى كليهما بنحو العلة التامة وبنحو الإطلاق لا بنحو التعليق.
فإذن هذا البحث لا مجال له على هذا القول.
وأما على القول الثاني وهو الذي أختاره السيد الاستاذ فأيضا لا مجال لهذا البحث، فإن السيد الاستاذ(قد) قد اختار أن العلم الاجمالي لا يقتضي وجوب الموافقة القطعية العملية مباشرة حتى نبحث عن أن اقتضائه لوجوب الموافقة القطعية العملية هل يكون بنحو العلة التامة أو بنحو الاقتضاء لأنها سالبة بانتفاء الموضوع فالعلم الاجمالي لا يقتضي بنفسه تنجيز وجوب الموافقة القطعية العملية مباشرة حتى نبحث عن أن تنجيزه يكون بنحو العلة التامة أو بنحو الاقتضاء وأيضا بنحو العلة التامة غير متصور إذا لو كان تنجيزه لوجوب الموافقة القطعية العملية بنحو العلة التامة لاستحال جعل الترخيص في أطرافه ثبوتا فعندئذ لا تصل النوبة الى مقام الاثبات من حيث جريان الاصول العملية في أطرافه وتعارضها وسقوطها من جهة المعارضة فلا تصل النوبة الى هذا البحث في مقام الاثبات لأن العلم الاجمالي لو كان علة تامة لوجوب الموافقة القطعية العملية لاستحال جعل الترخيص في أطرافه في مقام الثبوت فلا تصل النوبة الى مقام الاثبات والبحث عن جريان الاصول العملية في أطراف العلم الاجمالي وتساقطها من جهة المعارضة.
والخلاصة أنه على مسلك السيد الاستاذ(قد) أنه يرى ان العلم الاجمالي لا يقتضي بنفسه وجوب الموافقة القطعية العملية مباشرة بل يتوقف على جريان الاصول العملية في أطرافه وسقوطها بالمعارضة فإن تنجيز العلم الاجمالي ليس بنحو مباشر حتى نبحث أنه بنحو الاقتضاء أو انه بنحو العلة التامة بل يتوقف تنجيزه على جريان الاصول المؤمنة في أطرافه وتساقطها من جهة المعارضة فإذا سقطت الاصول العملية المؤمنة في أطراف العلم الاجمالي فعندئذ يبقى احتمال التكليف في كل طرف من أطرافه فإن الاصل المؤمن قد سقط في كل طرف من أطرافه من جهة المعارضة فيبقى احتمال التكليف في كل طرف من أطرافه والتنجز مستند الى هذا الاحتمال مباشرة فإن احتمال التكليف منجز طالما لم يكن هناك أصل مؤمن في البين ولهذا احتمال التكليف في الشبهات الحكمية قبل الفحص منجز من جهة أن الاصل المؤمن لا يجري في الشبهات الحكمية قبل الفحص فمجرد احتمال الوجوب او احتمال الحرمة فهو منجز وما نحن فيه ايضا كذلك، فإن الاصول المؤمنة إذا سقطت من أطراف العلم الاجمالي من جهة المعارضة لم يبقى إلا احتمال التكليف في كل طرف من أطرافه وهذا الاحتمال منجز طالما لم يكن هنا أصل مؤمن في البين وحيث أن هذا الاحتمال احتمال مقرون بالعلم الاجمالي فإن منشأ هذا الاحتمال هو العلم الاجمالي ففي نهاية المطاف التنجز مستند الى العلم الاجمالي.
فإذاً العلم الاجمالي يكون منجزا لوجوب الموافقة القطعية العملية بالواسطة لا بالمباشرة فلا يكون منجزا لوجوب الموافقة القطعية العملية في نهاية المطاف.
إلى هنا قد تبين أن هذا النزاع أن العلم الاجمالي هل يكون تنجيزه لوجوب الموافقة القطعية العملية بنحو الاقتضاء أو بنحو العلة التامة؟ له مجال على المشهور بين الاصوليين من أن تنجيز العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية العملية بنحو العلة التامة، فعلى هذا القول يوجد مجال لهذا البحث وأما على القول بأن تنجيز العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية العملية يكون بنحو العلة التامة فلا مجال لهذا البحث ولا معنى له.
وكذلك على ما ذكره السيد الاستاذ(قد) من ان العلم الاجمالي لا يكون منجزا لوجوب الموافقة القطعية العملية مباشرة حتى نبحث عن ان تنجيزه هل يكون بنحو العلة التامة او بنحو الاقتضاء فعلى هذين القولين لا مجال لهذا البحث ولا موضوع له.
ثم أن هنا قول أخر وهو التفصيل بين حرمة المخالفة القطعية العملية وبين وجوب الموافقة القطعية العملية وقد أختار هذا القول المحقق النائيني(قد) وكذلك جماعة أخرى وهو أن العلم الاجمالي يكون تنجيزه لحرمة المخالفة القطعية العملية بنحو العلة التامة وأما تنجيزه لوجوب الموافقة القطعية العملية يكون بنحو المقتضي لا بنحو العلة التامة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo