< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/04/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تنجيز العلم الاجمالي
الى هنا تبيّن ان العلم الاجمالي لا يكون علة تامة للتنجيز لا بالنسبة الى حرمة المخالفة القطعية العملية ولا بالنسبة الى وجوب الموافقة القطعية العملية.
واما انه هل يكون العلم الاجمالي منجزا بنحو الاقتضاء او لا يكون كذلك؟ وهل يكون منجزا مطلقا بالنسبة الى حرمة المخالفة القطعية العملية وبالنسبة الى وجوب الموافقة القطعية العملية معا ؟ او فيه تفصيل ان العلم الاجمالي علة تامة لحرمة المخالفة القطعية العملية ومقتضي بالنسبة الى وجوب الموافقة القطعية العملية ؟
فهنا قولان :
المشهور بين الاصوليين هو القول بالتفصيل وانه علة تامة بالنسبة الى حرمة المخالفة القطعية العملية وبنحو الاقتضاء بالنسبة الى وجوب الموافقة القطعية العملية، ولكن ذهب صاحب الكفاية (قده) الى انه بنحو الاقتضاء مطلقا بلا فرق بين حرمة الموافقة القطعية العملية وبين وجوب الموافقة القطعية العملية وان العلم الاجمالي منجز بنحو الاقتضاء [1].
وقد أُستدل للقول المشهور بوجوه:
الاول : ما ذكره المحقق النائيني (قده) من انه لا يمكن للشارع الترخيص في تمام اطراف العلم الاجمالي ثبوتا، لأنه ترخيص في المعصية وترخيص في مخالفة المولى وهو قبيح بحكم العقل الفطري، لأنه تفويت لحق المولى وهو حق الطاعة وهتك لحرمته وتعدٍ على حقه، وهو من اظهر مصاديق الظلم ولهذا لا شبهة في قبح ذلك وأنَّ حكم العقل بقبح ذلك من القضايا الاولية الفطرية وغير قابلة للمنع والنفي، فمن اجل ذلك لا يمكن ثبوتا الترخيص في تمام اطراف العلم الاجمالي، فاذا فرضنا ان المكلف علم اجمالا ان احد الاناءين خمر ويحرم شربها فلا يمكن للمولى الترخيص في ارتكاب كلا الاناءين معا لأن الترخيص في شرب كلا الاناءين ترخيص في شرب الخمر وهو قبيح وتفويت لحق المولى وهو حق الطاعة وهتك لحرمته وهو من اظهر مصاديق الظلم فمن اجل ذلك لا يمكن هذا الترخيص في تمام اطراف العلم الاجمالي [2].
هكذا ذكره المحقق النائيني(قده) .
والجواب عن ذلك : ان حكم العقل بقبح معصية المولى وتفويت حقه ليس حكما مطلقا ومنجزا بل هو حكم معلق على ثبوت حق المولى وهو حق الطاعة على العبد في المرتبة السابقة فاذا ثبت حق الطاعة على العبد في المرتبة السابقة فلا يمكن تفويته ولا يمكن الاذن في مخالفته لأنه تفويت لحق المولى وهو حق الطاعة وتعدٍ على حقه وهو من اظهر مصاديق الظلم، واما اذا فرضنا ان المولى رفع اليد عن حق طاعته على العبد ورخص في ترك طاعته فان بإمكان المولى ذلك وليس هذا امرا مستحيلا، فاذا رأى مصلحة اقوى من مصلحة الواقع فلا مانع من ان المولى يرخص في ترك طاعته ورفع اليد عن حقه وهو حق الطاعة فعندئذ لا حق للمولى في الواقع على العبد حتى يكون تفويته قبيحا فان المولى رفع اليد عن حقه وهو حق الطاعة واذن في تركه ومخالفته.
فإذاً لا حق على العبد من المولى حتى يكون تفويته قبيحا، فإذاً ينتفي حكم العقل بانتفاء موضوعه وبانتفاء المعلق عليه، ومن الواضح ان هذا ممكن للمولى فاذا فرضنا ان المكلف علم اجملا بنجاسة احد الاناءين او بحرمة التصرف في احد المالين كما اذا علم بان احدهما غصب وعلم بحرمة التصرف في احد المالين، فاذا فرضنا ان المولى رخص في ارتكاب كلا الاناءين او في التصرف في كلا المالين ومن الواضح ان هذا الترخيص من المولى لا يمكن ان يكون جزافا وبدون ملاك فلا محال يكون صدور مثل هذا الترخيص الظاهري يكون بملاك اقوى من ملاك الواقع فالملاك الموجود في هذا الترخيص اقوى من ملاك حرمة شرب النجس او ملاك حرمة التصرف في مال الغير، فاذا كان اقوى فالشارع لا محالة يرخص في ارتكاب كلا الاناءين او بارتكاب كلا المالين وهذا الترخيص الظاهري يكشف عن ان ملاكه اقوى من ملاك حرمة التصرف في احدهما او حرمة شرب احدهما فمن اجل ذلك يجوز للعبد شرب كلا الاناءين فلا يكون شربهما محرما ومخالفا للمولى وتفويتا لحقه وكذلك تصرفه في كلا المالين فان المولى رفع اليد عن حقه وهو حق الطاعة لأجل مصلحة اهم من مصلحته او لأجل ملاك اقوى من ملاكه وحينئذ لا حكم للعقل بالقبح وينتفي حكم العقل بانتفاء موضوعه ولا مخالفة للمولى اذ لا حق للمولى في الواقع حتى يكون مخالفة للمولى .
هذا كله في العلم الاجمالي فان بإمكان المولى ان يرخص في ارتكاب جميع اطراف العلم الاجمالي لكن ترخيصا ظاهريا باعتبار ان موضوع الحكم الظاهري محفوظ في كل طرف من اطراف العلم الاجمالي وهو الشك في ثبوت الحكم الواقعي في كل طرف من اطرافه فاذا جعل الشارع الترخيص الظاهري في جميع اطراف العلم الاجمالي فلا محالة يكشف عن ان ملاكه اقوى من ملاك الواقع ومصلحته اقوى من مصلحة الواقع فعندئذ يكشف عن ان المولى رفع اليد عن حقه في الواقع واذن في تركه .
واما العلم التفصيلي فلا يتصور في مورده جعل الحكم الظاهري لأن موضوع الحكم الظاهري غير محفوظ في موارد العلم التفصيلي ولكن لا مانع من جعل الحكم الترخيصي الواقعي في موارد العلم التفصيلي فاذا رأى المولى مصلحة في هذا الترخيص اقوى من مصلحة الواقع او رأى في هذا الترخيص الواقعي ملاكا اهم من ملاك الواقع فبطبيعة الحال المولى يجعل هذا الترخيص وجعل هذا الترخيص كاشف في ان المولى رفع اليد عن حقه في الواقع وهو حق الطاعة فلا يكون ترك الواقع مخالفة للمولى وتفويتا لحقه حتى يكون قبيحا بحكم العقل، فبطبيعة الحال ينتفي حكم العقل بانتفاء موضوعه ومن الواضح ان كل ذلك ممكن للمولى فان المولى انما يحكم على طبق المصالح والمفاسد فاذا رأى ان في الترخيص مصلحة اهم وملاك اقوى من ملاك الواقع فلا محالة يقوم بجعل هذا الترخيص غاية الامر في موارد العلم الاجمالي جعل الترخيص الظاهري وفي موارد العلم التفصيلي جعل الترخيص الواقعي وهذا بمكان من الامكان فلو كان العلم الاجمالي او التفصيلي علة تامة للتنجيز لم يمكن جعل هذا الترخيص اذ فرض وجود مانع للعلة التامة خلف فرض انها علة تامة فان معناها انه لا يتصور وجود المانع عنها وفرض وجود المانع هو فرض انها ليست علة تامة وهذا خلف .
فإذاً كون العلم الاجمالي او التفصيلي علة تامة معناه انه لا يمكن للمولى جعل الترخيص الظاهري في اطراف العلم الاجمالي ولا جعل الترخيص الواقعي في موارد العلم التفصيلي .
فالنتيجة انه لا يمكن ان يكون العلم الاجمالي والتفصيلي علة تامة للتنجيز بالنسبة الى حرمة المخالفة القطعية العملية .
قد يقال كما قيل ان هذا وان ممكنا أي يمكن للمولى جعل الترخيص الظاهري في اطراف العلم الاجمالي اذا رأى ان فيه ملاك اهم واقوى من ملاك الواقع وجعل الترخيص الواقعي في موارد العلم التفصيلي اذا رأى ان فيه ملاك اهم من ملاك الواقع، ولكن هناك مانع اخر عن هذا الجعل وهو ان هذا الجعل يستلزم اجتماع الضدين أي اجتماع الترخيص الظاهري مع الحرمة الواقعية او اجتماع الترخيص الواقعي في موارد العلم التفصيلي مع الحرمة الواقعية وهو من اجتماع الضدين واجتماع الضدين مستحيل فان المولى اذا جعل الترخيص في اطراف العلم الاجمالي باعتبار ان موضوع الحكم الظاهري محفوظ في كل طرف من اطراف العلم الاجمالي فاذا علم بحرمة التصرف في احد المالين ومن الواضح ان حرمة التصرف في كل واحد منهما مشكوكة فموضوع جعل الحكم الظاهري محفوظ في كل من المالين فاذا جعل الترخيص الظاهري في كل من المالين فيلزم اجتماع الترخيص الظاهري مع الحرمة الواقعية محتملا ومن الواضح ان اجتماع الضدين مستحيل ولو كان بنحو الاحتمال لأن اجتماع الضدين مستحيل وعليه لا يمكن احتمال اجتماع الضدين، فيلزم احتمال اجتماع الضدين في كل طرف من اطراف العلم الاجمالي فان في كل طرف من اطرافه احتمال الحرمة موجود وهو لا يجمتع مع الترخيص الظاهري فيلزم اجتماع الضدين وهو مستحيل ولا يمكن احتماله واما في موارد العلم التفصيلي فيلزم اجتماع الضدين يقينا فان المولى اذا جعل الترخيص الواقعي للشيء الذي يكون حرما لزم اجتماع الضدين وهو مستحيل .
والجواب عن ذلك انه لا بد من تحقيق ان الحكم الظاهري لا ينافي الحكم الواقعي .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo