< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/02/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : قيام الامارات مقام القطع الموضوعي
كان كلامنا في تفسير كلام المحقق الخراساني (قده) بتفسير اخر وهذا التفسير بحاجة الى بيان مقدمات :
المقدمة الاولى : ان تنزيل المؤدى منزلة الواقع يحقق موضوع التنزيل الثاني وهو تنزيل الظن بالواقع التنزيلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي، فإنه بمثابة الموضوع للتنزيل الثاني فدليل الحجية يدل على التنزيل الاول بالمطابقة وهو تنزيل مؤدى الامارة منزلة الواقع الذي هو مؤدى القطع الوجداني وهذا يحقق موضوع التنزيل الثاني، فإن موضوع التنزيل الثاني الواقع التنزيلي، والمؤدى انما يتصف بهذا الوصف بعد التنزيل الاول، فاذا دل دليل الحجية على تنزيل المؤدى منزلة الواقع اتصف المؤدى بالواقع التنزيلي، وهو موضوع التنزيل الثاني وهو تنزيل الظن بالواقع التنزيلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي، فإذن التنزيل الثاني في طول التنزيل الاول ومتفرع عليه كتفرع الحكم على موضوعه ولا يمكن ان يكون في عرضه .
المقدمة الثانية : ان حقيقة التنزيل على مسلكه (قده) عبارة عن اسراء الحكم من المنزل عليه الى المنزل، فحقيقة التنزيل متقومة باركان ثلاثة :
الاول : المنزل
الثاني : المنزل عليه
الثالث : الحكم المترتب على المنزل عليه
فالتنزيل يوجب اسراء هذا الحكم من المنزل عليه الى المنزل ومعنى الاسراء ان الشارع جعل حكما مماثلا لحكم المنزل عليه للمنزل وهذا التنزيل قد يكون حقيقيا كتنزيل الطواف كمنزلة الصلاة او تنزيل الفقاع منزلة الخمر فالطواف في البيت صلاة هذا التنزيل يدل على ان الشارع جعل احكاما مماثلة لأحكام الصلاة للطواف حقيقة والفقاع خمر يدل على ان الشارع جعل احكاما للفقاع مماثلة لأحكام الخمر، فهذا التنزيل تنزيل واقعي ويثبت للمنزل حكما واقعيا، وقد يكون التنزيل ظاهريا أي يثبت للمنزل الحكم الظاهري كما في المقام، فان تنزيل المؤدى منزلة الواقع يثبت الحكم الظاهري للمؤدى المماثل للحكم الواقعي الثابت للواقع، فان الشارع جعل حكما ظاهريا مماثلا للحكم الواقعي للمؤدى فالمؤدى الذي هو المنزل محكوم بحكم ظاهري مماثل لحكم المنزل عليه وهو الواقع فإن الواقع الذي هو المنزل عليه محكوم بحكم واقعي، وعلى كلا التقديرين فان التنزيل انما يثبت جزء الموضوع اذا كان الموضوع مركبا والجزء الاخر محرزا اما بالوجدان او تعبدا في عرض الاول والا فلا يمكن ان يثبت الموضوع جزء الموضوع .
المقدمة الثالثة : ان الموضوع اذا كان مركبا من جزئين فلا يمكن تنزيل شيء منزلة جزئه مستقلا، باعتبار ان جزء الموضوع ليس موضوعا للأثر الشرعي والموضوع مركب من جزئين اما جزء الموضوع باستقلاله ليس موضوعا للحكم الشرعي واذا لم يكن موضوعا للحكم الشرعي فلا يمكن تنزيل شيء بمنزلته، مثلا الواقع في المقام جزء الموضوع وجزؤه الاخر القطع به فلا يمكن ان يكون تنزيل المؤدى منزلة الواقع مستقلا، فإن الواقع باستقلاله ليس موضوعا للحكم فاذا لم يكن موضوعا للحكم فأركان التنزيل غير متحققة فان من اركانه ثبوت الحكم للمنزل عليه والمفروض ان الحكم غير ثابت للمنزل عليه فان المنزل عليه ليس موضوعا للحكم وموضوع الحكم مركب من الواقع والقطع به اما الواقع فلا يكون موضوعا للحكم .
فإذن لا يمكن تنزيل المؤدى منزلة الواقع مستقلا لأن الواقع باستقلاله ليس موضوعا للحكم فأركان التنزيل غير متوفرة، أي لا يصح تنزيل شيء منزلة جزء الموضوع الا اذا كان جزئه الاخر محرزا اما بالوجدان او بالتعبد في عرض التنزيل الاول واما اذا لم يكن الجزء الاخر محرزا في عرض التنزيل الاول فلا يصح تنزيل المؤدى منزلة الواقع الا ان يكون الجزء الاخر وهو القطع به محرزا ام وجدانا او تعبدا والمفروض انه غير محرز وجدانا ولا تعبدا في عرض التنزيل الاول فلا يصح هذا التنزيل .
هذه هي المقدمات
ونتيجة هذه المقدمات ان الموضوع اذا كان مركبا من جزئين والاثر مترتب على الجزئين معا ولا يترتب الاثر الشرعي على كل من جزئيه، فعندئذ اذا كان هناك تنزيلان عرضيان فهما بمثابة تنزيل واحد ويثبت الموضوع بكلا جزئيه احدهما يثبت جزء الموضوع والاخر يثبت الجزء الاخر في عرضه لأن كل منهما بمثابة تنزيل ضمنا لا تنزيل مستقلا، كما ان كل جزء الموضوع جزء ضمنا لا مستقلا واما اذا كان هناك تنزيلان طوليان احدهما في طول الاخر فلا يصح التنزيل الاول كما في المقام، فإن تنزيل دليل الحجية الذي يدل على تنزيل المؤدى منزلة الواقع متقدم رتبة على التنزيل الثاني وهو تنزيل الظن بالمؤدى منزلة القطع بالواقع فإن دليل الحجية يدل على التنزيل الاول بالمطابقة ويدل على التنزيل الثاني بالالتزام فلا يمكن ان يكون التنزيل الاول بلحاظ ان الجزء موضوع مستقل فهو خلف فرض انه جزء الموضوع وايضا لا يترتب على الجزء اثر شرعي فمن اجل ذلك لا يصح التنزيل بلحاظ جزء الموضوع .
فإذن التنزيل انما يصح فيما اذا كان الجزء الاخر محرز اما بالوجدان او بالتعبد في عرضه والمفروض في المقام ليس كذلك، وعليه فلا يصح تنزيل المؤدى منزلة الواقع فلا يمكن شمول دليل الاعتبار ودليل الحجية للتنزيل الاول، فإنه انما يشمل التنزيل الاول اذا كان التنزيل الثاني -وهو تنزيل الظن بالمؤدى منزلة القطع بالواقع- محرزا اما وجدانا او تعبدا في عرض التنزيل الاول والمفروض انه ليس محرزا لا بالوجدان ولا بالتعبد في عرضه، فلا يمكن لأجل ذلك التنزيل الاول، لأن التنزيل الثاني يتوقف على التنزيل الاول من باب توقف الحكم على موضوعه والتنزيل الاول لا يمكن الا اذا كان التنزيل الثاني محرزا .
هذا هو مراد المحقق صاحب الكفاية (قده) أي ان دليل الاعتبار لا يشمل تنزيل المؤدى منزلة الواقع لأنه يتوقف على ان يكون التنزيل الثاني محرزا اما بالوجدان او بالتعبد في عرضه .
لكن للمناقشة في هذه المقدمات مجال واسع
اما اولا : فقد تقدم الكلام ان ما ذكره(قده) من ان مدلول دليل الحجية هو التنزيل مبني على ان يكون دليل الحجية دليلا لفظيا واما اذا قلنا بان دليل الحجية ليس دليلا لفظيا بل هو دليل لبي كالسيرة القطعية من العقلاء الجارية على العمل بأخبار الثقة والعمل بظواهر الكتاب والسنة فعندئذ لا عين ولا اثر للتنزيل، ومع الاغماض عن ذلك وتسليم ان دليل الحجية دليل لفظي الا ان مفاد دليل الحجية ليس هو تنزيل المؤدى منزلة الواقع فإنه ليس للتنزيل عين ولا اثر في الأيات والروايات التي استدل بها على حجية الامارات، ومع الاغماض عن ذلك وتسليم ان دليل الحجية مفاده تنزيل المؤدى منزلة الواقع بالمطابقة وعلى تنزيل الظن بالواقع التنزيلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي بالالتزام ولكن ما ذكره في هذه المقدمات غير تام .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo