< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/12/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : أقسام القطع
تلخص مما ذكرنا ان ما نسب الى الاخباريين من منع العمل بالقطع الحاصل من المقدمات العقلية لا يرجع عند التحقيق الى معنى محصل، فان ارادوا بذلك المنع عن العمل بالقطع بما هو قطع وانه ليس بحجة بدون رفع اليد عن الحكم المقطوع فهذا غير معقول ويستلزم التناقض، فإن المكلف اذا قطع بوجوب شيء يرى ان المولى اراد امتثال هذا الوجوب ولم يرفع يده عن حق طاعته وامتثاله ويعاقب على مخالفته ومع ذلك يمنع عن العمل بهذا القطع فهذا هو معنى التناقض ولا يمكن صدوره من المولى الحكيم فبطبيعة الحال لو صدر منع من المولى في مورد عن العمل بالقطع فلا محالة يرجع الى ان المولى لم يرد امتثال ما تعلق به القطع من الوجوب او الحرمة وهو امر معقول ولا مانع منه لأن الامر بيد المولى، واما مع عدم رفع اليد عن الواقع واراد امتثاله ويعاقب على مخالفته ومع ذلك يمنع عن العمل بالقطع وانه ليس بحجة فهو تناقض لا يمكن صدوره من المولى الحكيم، هذا من جانب .
ومن جانب اخر، هل يمكن اخذ عدم العلم بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في مرتبة المجعول او لا يمكن ؟
والجواب :- انه لا مانع منه ثبوتا وانه بمكان من الامكان حتى لو قلنا ان اخذ العلم بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في مرتبة المجعول مستحيل كما ذهب اليه السيد الاستاذ والمحقق النائيني (قدهما)، فإن العلم اذا كان مأخوذا يلزم الدور اذ ان فعلية الحكم تتوقف على العلم بالحكم من باب توقف الحكم على موضوعه والعلم بالحكم يتوقف على الحكم من باب توقف العلم على متعلقه، وهذا لا يجري في عدم العلم اذ ان عدم العلم بالحكم في مرتبة الجعل اذا كان مأخوذا في موضوع نفس هذا الحكم في مرتبة المجعول لا يلزم منه هذا المحذور، لأن فعلية الحكم وان كانت متوقفة على عدم العلم بالحكم من باب توقف الحكم على موضوعه واما عدم العلم فلا يتوقف على شيء اذ هو في نفسه ثابت وثبوته أزلي ولا يتوقف على أي شيء اذ العدم ليس بشيء حتى يتوقف على شيء، فعدم العلم لا يتوقف على الحكم حتى يلزم الدور، ولهذا لا مانع من اخذ عدم العلم بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في مرتبة المجعول .
ولكن قد يقال كما قيل ان هذا المحذور وان كان غير لازم الا ان هناك محذورا اخر وهو ان هذا الحكم غير قابل للوصول الى المكلف وغير قابل للتنجز لأن المكلف طالما يكون جاهلا به لا يكون هذا الحكم محركا للمكلف وداعيا وطالما يكون عالما به فهو مانع عن وصوله لأن عدمه مأخوذا في موضوعه فما كان عدمه مأخوذا في الموضوع فوجوده مانع عنه، فيستحيل وصول هذا الحكم الى المكلف لا في حال الجهل وعدم العلم ولا في حال العلم، فكل حكم يستحيل وصوله الى المكلف وامتثاله وتنجزه على المكلف يستحيل جعله ايضا لأنه لغو اذ جعل الحكم انما هو بداعي الاطاعة والامتثال واذا لم يمكن امتثاله فجعله لغو وصدور اللغو من المولى مستحيل .
والجواب عن ذلك :- ان هذا المحذور انما يلزم اذا كان عدم العلم بالحكم في مرتبة الجعل مأخوذا في موضوع نفسه في مرتبة المجعول مطلقا من أي سبب حصل عدم العلم سواء أ كان من المقدمات العقلية ام كان من المقدمات الشرعية، فعندئذ يلزم هذا المحذور ولا يمكن وصول هذا الحكم الى المكلف وامتثاله في حال الجهل او في حال العلم، واما اذا كان عدم العلم الخاص بالحكم مأخوذا في موضوع نفسه في مرحلة المجعول فلا يلزم هذا المحذور، فلو فرضنا ان المولى اخذ عدم العلم الحاصل بالأحكام الشرعية من المقدمات العقلية في موضوع نفسه في مرتبة المجعول واما العلم الحاصل بالأحكام الشرعية من المقدمات الشرعية كالكتاب والسنة فلا يكون عدمه مأخوذا في الموضوع، فعندئذ يكون المكلف ملتفتا الى ان العلم الحاصل منه بالأحكام الشرعية من المقدمات العقلية هذا العلم مانع عن وصولها ومانع من فعليتها وتنجزها على المكلف واما العلم الحاصل بالأحكام الشرعية من المقدمات الشرعية فهو موجب لوصول هذه الاحكام وتنجزها ولا يكون مانعا فعندئذ لا مانع من أخذ عدم العلم الخاص بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في مرتبة المجعول لا عدم العلم المطلق والمحذور انما يرد فيما اذا كان المأخوذ عدم العلم المطلق بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في مرتبة المجعول، واما اذا كان المأخوذ عدم العلم الخاص بالحكم في مرتبة الجعل كالعلم الحاصل من المقدمات العقلية فلا مانع من ذلك اذ المكلف ملتفت الى ان علمه بالحكم اذا حصل من المقدمات العقلية فهذا العلم لا اثر له ولا يوجب وصول الحكم وهو مانع من وصول الحكم اليه وتنجزه، واما العلم الحاصل منه بالأحكام الشرعية من الكتاب والسنة فهو موجب لوصول هذه الاحكام اليه وتنجزها عليه، ونظير ذلك ما اذا فرضنا ان المولى اخذ عدم الظن المعتبر بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في مرتبة المجعول، وعلى هذا فاذا ظن بالحكم فهذا الظن يكون مانعا عن وصول هذا الحكم واما اذا علم بالحكم فهذا العلم موجبا لوصول هذا الحكم وتنجزه لأن المأخوذ في الموضوع انما هو عدم الظن المعتبر لا عدم العلم ولا محذور فيه لأن المكلف يعلم ان ظنه مانع من وصول الحكم والذي يوجب وصول الحكم وتنجزه هو العلم لا الظن .
ومن جانب ثالث، هل يمكن اخذ عدم العلم بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في هذه المرتبة ؟
والجواب :- ان فيه تفصيلا فإن اخذ عدم العلم بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في هذه المرتبة يختلف عن اخذ العلم بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في نفس هذه المرتبة، وقد تقدم ان اخذ العلم بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في هذه المرتبة غير معقول لاستلزامه توقف الشيء على نفسه وتقدم الشيء على نفسه مباشرة، واما اذا كان المأخوذ في الموضوع عدم العلم بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في مرتبة المجعول فإن فيه تفصيلا بين ما اذا كان عدم العلم تمام الموضوع وما كان عدم العلم جزء الموضوع، اما اذا كان عدم العلم جزء الموضوع وجزؤه الاخر الحكم فعندئذ يلزم محذور توقف الشيء على نفسه فإن الحكم يتوقف على عدم العلم بالحكم والمفروض ان هذا الحكم جزء الموضوع فيتوقف الحكم على نفسه وهو من تقدم الشيء على نفسه وهو مستحيل، واما اذا كان عدم العلم بالحكم تمام الموضوع فعندئذ لا يلزم أي محذور لا محذور الدور ولا محذور الخلف، فإن الحكم يتوقف على عدم العلم به واما عدم العلم فهو ثابت بنفسه ولا يتوقف على أي شيء اذ العدم ليس بشيء حتى يتوقف على شيء لأنه امر أزلي، ولهذا لا مانع من اخذ عدم العلم بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في هذه المرتبة اذا كان عدم العلم تمام الموضوع

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo