< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/11/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : أقسام القطع
الثالث : ان المراد من الاهمال في المقام ليس هو الفرد المردد في الخارج، فإن وجود الفرد المردد فيه مستحيل، لأن وجود كل فرد في الخارج متعين ولا يعقل ان يكون وجود زيد مرددا بين وجود نفسه ووجود غيره، ولهذا لا يعقل مثل هذا الاهمال من الشارع، كما انه ليس المراد من الاهمال المساوقة للقضية المهملة لأن القضية المهملة مساوقة للقضية الجزئية وتنطبق عليه، بل المراد من الاهمال عدم لحاظ القيد وعدم لحاظ الاطلاق وهذا يعني ان الموضوع في القضية لا ينطبق على المقيد ولا على المطلق، فمثلا موضوع وجوب القصر هو المسافر مهملا، فإن المسافر لا ينطبق على الحصة المقيدة بالعلم بوجوب القصر ولا على الجامعة بينها وبين سائر الحصص، فإن الحصة الاولى مستحيلة وكذلك الحصة الثانية اذ استحالة الحصة الاولى تستلزم استحالة الحصة الثانية عل اساس ان التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة، فلا يمكن تقييد وجوب القصر بالعالم به فهو مستحيل، وكذلك تقييد وجوب القصر بكون المكلف جاهلا به فإنه ايضا مستحيل، اما استحالة الاول والثاني من جهة ان التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة لأن استحالة التقييد تستلزم استحالة الاطلاق، واما استحالة الثالث وهو تقيد وجوب القصر مثلا بالمسافر الذي يكون جاهلا بوجوبه فإنه مستحيل لأمرين :
الاول : لزوم الدور لأن وجوب القصر على المسافر يتوقف على جهله به من باب توقف الحكم على موضوعه وجهله به يتوقف عليه من باب توقفه على متعلقه فيلزم الدور وتوقف الشيء على نفسه .
الثاني : ان هذا الحكم يستحيل فعليته وتنجزه على المكلف، فإن المكلف طالما يكون جاهلا بوجوب القصر فلا يكون وجوبه محركا للمكلف وداعيا له، واما اذا ارتفع جهله وصار عالما به انتفى الوجوب بانتفاء موضوعه وعليه فتستحيل فعلية هذا الوجوب وتنجزه على المكلف في مرحلة الامتثال، ومن الواضح ان كل حكم استحالت فعليته وتنجزه على المكلف في مرحلة الامتثال استحال جعله ايضا لأنه لغو اذ جعل الحكم انما هو من اجل امتثاله اذ هو داعيا للمكلف ومحركا له نحو الاتيان بمتعلقه او الاجتناب عنه كما في التكاليف المحرمة، واما اذا استحال ذلك استحال جعله ايضا لأنه لغو فلا يمكن صدوره من المولى الحكيم، هذا من ناحية .
ومن ناحية اخرى، أن الدليل المتمم بالكسر والدليل المتمم بالفتح كلاهما ناشئ من ملاك واحد لا ان الاول ناشئ من ملاك والثاني ناشئ من ملاك اخر، فإن وجوب القصر تابع للملاك القائم بالصلاة قصرا على المسافر وكذلك الحال في وجوب الحج وما شاكل ذلك، فملاك وجوب القصر القائم بالصلاة قصرا على المسافر ملاك واحد ولا يمكن تقييد هذا الملاك بصورة علم المكلف بوجوب القصر اذ لا يمكن تقييد هذا الوجوب أي الوجوب الكاشف عن الملاك، فإن الوجوب الحقيقي هو الملاك لأن الملاك هو حقيقة الوجوب وروحه واما الوجوب بما هو اعتبار فلا اثر له، فتقييد الوجوب على المسافر بالعلم به مستحيل وكذلك اطلاقه، فمن اجل ذلك التقييد والاطلاق بحاجة الى دليل اخر المسمى بمتمم الجعل،فإن هذا الدليل شأنه اثبات تقييد الاول او اطلاقه بعد عدم امكان اثبات اطلاق الملاك او تقييده بالدليل الاول فنحتاج الى الدليل الثاني فإنه يثبت تقييد الملاك بصورة العلم بوجوب القصر او يثبت اطلاقه فالحاجة الى متمم الجعل من هذه الناحية .
فإذن كلا الدليلين ناشئ من ملاك واحد.
وعلى هذا، فإن أراد المحقق النائيني بذلك ان العلم بالجعل في الدليل الاول قد اخذ في موضوع الدليل الثاني، فيرد عليه ن محذور الدور وان كان يرتفع بذلك الا انه تطويل للمسافة وتكلف زائد ولا حاجة اليه لما ذكرناه سابقا من امكانية اخذ العلم بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في مرتبة المجعول في دليل واحد بلا حاجة الى تكلف دليل ثاني اذ هو بلا مبرر، وإن اراد ان العلم بالحكم الفعلي في الدليل الاول مأخوذ في موضوعه في الدليل الثاني فيرد عليه ان هذا لا يدفع محذور الدور ومحذور الخلف ومحذور توقف الشيء على نفسه، اما الاول فلأن الدليل الثاني يوقف على العلم بفعلية الحكم في الدليل الاول من باب توقف الحكم على موضوعه، فإن العلم بالحكم الفعلي في الدليل الاول قد اخذ موضوعا في الدليل الثاني، والدليل الثاني يتوقف على العلم بفعلية الحكم في الدليل الاول والعلم بفعلية الحكم يتوقف على العلم بفعلية موضوعه من باب توقف فعلية الحكم على فعلية موضوعه، فإن فعلية الحكم منوطة بفعلية موضوعه فالعلم بفعلية الحكم يتوقف على العلم بفعلية موضوعه والعلم بفعلية موضوعه يتوقف على تعيين هذا الموضوع وبيان حدوده وتعيين هذا الموضوع انما هو بالدليل الثاني، فيلزم توقف الدليل الثاني على الدليل الثاني وهذا هو الدور ونتيجته توقف الشيء على نفسه وهو محال، مثلا العلم بوجوب القصر الفعلي في الدليل الاول اذا اخذ موضوعا في الدليل الثاني والدليل الثاني يتوقف على العلم بفعلية وجوب القصر في الدليل الاول من باب توقف الحكم على موضوعه والعلم بفعلية وجوب القصر يتوقف على العلم بفعلية موضوعه من باب ان فعلية الحكم معلولة لفعلية موضوعه في الخارج وفعلية موضوعه في الخارج تتوقف على تحديد هذا الموضوع وتعيينه في الخارج وهو مما يتوقف على الدليل الثاني فيلزم توقف الدليل الثاني على الدليل الثاني وهو دور ولازم هذا الدور توقف الشيء على نفسه وهو مستحيل وعندئذ ان كان مراد المحقق النائيني (قده) ان العلم بالحكم في الدليل الاول قد اخذ موضوعا له في الدليل الثاني فيرد عليه انه يستلزم الدور، واما التخلف فلأن موضوع الحكم في القضية مهمل فيستحيل انطباقه على المقيد في الخارج او على المطلق، واذا استحال انطباقه على ما في الخارج استحالت فعليته اذ فعلية الحكم انما هي بفعلية موضوعه في الخارج وفعلية الموضوع انما هي بانطباقه على ما هو موجود في الخارج ومع عدم الانطباق فلا يكون الحكم فعليا وعندئذ فرض الفعلية خلف أي يلزم من فرض الفعلية عدمها وهو الخلف، فمن اجل ذلك لا يمكن اخذ العلم بالحكم الفعلي في الدليل الاول موضوعا له في الدليل الثاني لاستلزامه الخلف يعني يلزم من فرض الشيء عدمه وكل ما يلزم من فرض وجوده عدمه فوجوده مستحيل .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo