< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/05/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : المباحث العملية
قبل الدخول في تفصيل قضية التقليد نقدم مجموعة من المقدمات :-
المقدمة الاولى : ان الاجتهاد على قسمين الاجتهاد الذاتي والاجتهاد الموضوعي ونقصد بالاجتهاد الذاتي المعلوم بالذاتي والقائم بنفس المجتهد، ونقصد بالاجتهاد الموضوعي المعلوم بالعرض وهو الحكم الشرعي الاسلامي الثابت بالاجتهاد في خارج افق الذهن
اما الاجتهاد الذاتي فلا اثر له لان صورة الحكم في عالم النفس كصور سائر الاشياء ولا يترتب عليه أي اثر، واما الاجتهاد الموضوعي فله اثر ويترتب عليه الاثر وان كان وليد اجتهاد المجتهد الا انه ذات طابع اسلامي فمن اجل ذلك يترتب عليه الاثر الشرعي، واما واقع التشريع الاسلامي فهو واحد ولا يتعدد بتعدد اجتهادات المجتهدين وان الذي يتعدد بتعدد اجتهادات المجتهدين هي الاحكام الاجتهادية وحيث ان تلك الاحكام ذات طابع اسلامي ومرآة للواقع فمن اجل ذلك تكون ذات طابع اسلامي ويترتب عليها الاحكام الشرعية مثلا اذا افتى المجتهد بنجاسة الماء المتغير بأحد اوصاف النجس فتارة يكون صورة هذا الحكم موجودة في نفسه وهو الاجتهاد الذاتي ولا يترتب على هذه الصورة أي اثر شرعي واما الاجتهاد الموضوعي فهو الشرعية الاسلامية الثابتة في الاجتهاد في خارج افق الذهن ويترتب على ذلك اثر شرعي فهذه النجاسة وان كانت وليدة اجتهاد لكن حيث انها كانت مرآة للتشريع الواقعي فمن هذه الناحية تكون ذات طابع اسلامي ويترتب عليها الاثر وهو وجوب الاجتناب عنها، فتبين ان موضوع التقليد وصب التقليد هو الاجتهاد الموضوعي واما الذاتي فليس مصب للتقليد ولا يترتب عليه أي اثر
المقدمة الثانية : ان الاجتهاد الموضوعي لا ينتفي بموت المجتهد بل يبقى ولا يرتب بحياة المجتهد فاذا افتى بنجاسة الماء المتغير بأحد اوصاف النجاسة فهذه الفتوى باقية سواء مات المجتهد ام بقى حيا فهو من هذه الناحية نظير قول الطبيب او المهندس او ما شاكل ذلك فان قول المهندس والطبيب لا ينتفي بموتهما فكذلك الحال في المجتهد فان الاجتهاد الموضوعي لا ينتفي بموت المجتهد وان مات المجتهد فهو باقي فاذا اوجب السورة فهذه الفتوى باقية ولا تنتفي بموته او بوجوب جلسة الاستراحة في الصلاة ايضا باقية وان مات لان حياته غير دخيلة في موضوعية هذه الفتوى، اما الاجتهاد الذاتي فينتفي بموت المجتهد ولا يعقل بقائها بموته لان الاجتهاد الذاتي عبارة عن صورة الحكم في عالم الذهن وعالم النفس وبطبيعة الحال ان هذه الصورة تنفي بموت المجتهد عن ذهنه وعن نفسه، ومن هنا يظهر الخلط بين من يجوز البقاء على تقليد الميت ومن لا يجوز البقاء فانه مبني على الخلط بين الاجتهاد الذاتي والاجتهاد الموضوعي وتخيل ان الاجتهاد الذي هو مصب التقليد وموضوع التقليد هو الاجتهاد الذاتي وهو ينتفي بموت المجتهد فلا معنى للبقاء على تقليد المجتهد، واما من يجوز البقاء على تقليد المجتهد يرى ان موضوع التقليد ومصبه الاجتهاد الموضوعي وهو لا ينتفي بموت المجتهد فمن اجل ذلك يجوز البقاء على تقليده، ولكن يرد على هؤلاء اشكال اخر ان المشهور بين فقهائنا هو جواز البقاء على تقليد الميت ومعنى ذلك ان حياته غير دخيلة في مسألة التقليد فانه يجوز تقليد الميت بقائا ولكن لا يجوزون تقليد الميت ابتداءً مع انه لا فرق بين الابتداء والبقاء فان الحدوث عبارة عن وجود الشيء مسبوق بالعدم والبقاء عبارة عن وجوده مسبوقا بالوجود والا كلاهما وجود وحدوث فتقليد الميت اذا جاز بقائا جاز ابتداءً ايضا باعتبار ان الحياة غير دخيلة في اجتهاده الموضوعي لأنه موضوع التقليد ومصبه غاية الامر ان من يبقى على تقليد الميت يكفي في ذلك عدم احراز اعلمية المجتهدين الاحياء من الميت واما تقليد الميت ابتداءً فهو مشروط مضافا انه لابد من احراز انه اعلم من جميع المجتهدين الاحياء مضافا انه لابد من احراز اعلم من جميع الاموات ايضا فلا مانع من تقليد الميت ابتداءً ولا وجه للفرق فان من يجوز تقليد الميت بقائا فلابد من تجويز تقليد الميت ابتداء ولكن الاجماع قائم على عدم جواز تقليد الميت ابتداء ولكن لا يمكن الاعتماد على مثل هذا الاجماع
ثم انه لا شبهة في ان اجتهاد المجتهد حجة عليه فان اجتهاده نتيجة تطبيقه القواعد العامة كحجية الظواهر وحجية اخبار الثقة وما شاكل ذلك على عناصرها الخاصة ومصاديقها المخصوصة والمفروض ان هذه القواعد العامة حجة عليه لأنه لا طريق له الى الاحكام الشرعية الا اجتهاده ويكون منجزا للواقع على تقدير الاصابة ومعذرا على تقدير الخطأ، واما حجية اجتهاد المجتهد على العامي باعتبار ان العامي مكلف بالأحكام الواقعية لا ان التكليف عنه ساقط وليس العامي كالمجنون الذي سقط التكليف عنه فلابد من العامي الرجوع الى اجتهاد المجتهد وهو امر ضروري تبعا لضرورية تبعيته للدين مضافا الى انه رجوع الى اهل الخبرة
فالنتيجة : ان اجتهاد المجتهد وهو الاجتهاد الموضوعي كما انه حجة على نفس المجتهد كذلك هو حجة على العامي شرط انه يكون واجد لجميع الشرائط فيكون حجة على العامي ولا طريق له الا ذلك هذا كله اذا كان باب العلم منفتح بان تكون اخبار الثقة حجة وظواهر الالفاظ من الكتاب والسنة حجة اما اذا انسد باب العلم والعلمي فلابد من الرجوع الى مقدمات الانسداد ونتيجة هذه المقدمات وجوب الاحتياط وحيث ان العامي لا يتمكن من تشخيص الاحتياط فعلى كلا التقديرين فلابد من رجوع العامي ان يرجع الى المجتهد لتشخيص الاحتياطات .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo