< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تقديم دليل المطلق على دليل المقيد
الى هنا قد تبين ان حمل المقيد على الواجب في الواجب لا يرجع الى معنى محصل ثبوتا واثباتا، اما ثبوتا فان مرده الى التخيير بين الاقل والاكثر الاستقلاليين وهذا التخيير غير معقول فان معناه التخيير بين عتق رقبة مؤمنة وعتق رقبة كافرة معا او عتق رقبة مؤمنة وهذا التخيير غير معقول فان ضم عتق رقبة كافرة الى عتق رقبة مؤمنة لغو صرف فلا يمكن صدوره من المولى الحكيم، واما اثباتا فان هذا الحمل ليس من موارد الجمع الدلالي العرفي بل هو جمع استحساني وتبرعي ولا قيمة له طالما لم يكن من احد موارد الجمع الدلالي العرفي من حمل الظاهر على الاظهر او على النص او حمل العام على الخاص وحمل المطلق على المقيد وحمل المحكوم على الحاكم والمورود على الوارد وهذه الموارد من موارد الجمع الدلالي العرفي وهذا الحمل ليس منها بل هو جمع تبرعي فلا قيمة له، هذا كله فيما اذا كان الحكم المجعول في جانب المطلق حكما واحدا متعلق بصرف وجود الطبيعة
واما المورد الثاني : وهو فيما اذا كان الحكم المجعول في جانب المطلق حكما انحلالي ومتعلق بمطلق وجود الطبيعي فتارة يكون دليل المقيد مخالف لدليل المطلق كما اذا قال المولى مثلا اكرم الشعراء ثم قال لا تكرم الشعراء الفساق فان الدليل المقيد مخالف لدليل المطلق في السلب والايجاب ففي مثل ذلك لابد من حمل المطلق على المقيد لما ذكرنا ان المقيد بنظر العرف العام قرينة لبيان المراد الجدي النهائي من المطلق ومفسر له ولهذا لا يرى العرف التنافي بين القرينة وذيها ويرى ان القرينة مفسرة لبيان المراد من ذيها، فاذاً تقديم دليل المقيد في هذا الفرض على دليل المطلق انما هو بملاك القرينيه، واما اذا كان دليل المقيد مثبتا ولا يكون مخالفا لدليل المطلق كما اذا قال المولى اكرم العلماء ثم قال اكرم العلماء العدول ففي مثل ذلك هل يمكن حمل المطلق على المقيد او يحمل المقيد على افضل الافراد
الظاهر ان المعروف والمشهور بين الاصوليين حمل المقيد على افضل الافراد لا حمل المطلق على المقيد فان المطلق يبقى على حاله وهو وجوب اكرام جميع العلماء من العدول وغيرهم واما المقيد فيحمل على افضل الافراد، وخالف في ذلك السيد الاستاذ قدس سره وذكر انه لا فرق بين هذا المورد والمورد الاول فكما ان في المورد الاول يحمل المطلق على المقيد كذلك في هذا المورد لابد من حمل المطلق على المقيد وقد افاد في وجه ذلك ان القيد ظاهر في الاحتراز فان كل قيد مأخوذ في موضوع الحكم في لسان الدليل من قبل المولى فهو ظاهر في الاحتراز وحمله على التوضيح او على التأكيد بحاجة الى قرينة وطالما لم تكن هناك قرينة فالقيد ظاهر في الاحتراز ومعنى ظهوره في الاحتراز انه شرط للحكم المجعول في القضية في مرحلة الجعل وشرط لاتصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادي فكل قيد مأخوذ في موضوع الحكم في لسان الدليل فهو ظاهر في الاحتراز بمعنى انه شرط للحكم في مرحلة الجعل وشرط لاتصاف متعلق الحكم بالملاك في مرحلة المبادي كالاستطاعة ودخول الوقت والسفر والبلوغ والعقل فان هذه القيود المأخوذة في موضوع الحكم في لسان الدليل ظاهرة في انها قيود للحكم في مرحلة الجعل وقيود للملاك في مرحلة المبادئ، وعلى هذا فهذا القيد كقيد العدالة اكرم العماء العدول فان قيد العدالة يدل على ان الحكم المجعول في هذه القضية لم يجعل لطبيعي الموضوع وهو العلماء على نحو الاطلاق بل هو مجعول لحصة خاصة من الموضوع وهي العلماء العدول وهذا هو معنى كونه قيد احترازي فظهور القيد في الاحتراز يدل على ان الحكم المجعول كوجوب الاكرام في مثل هذا المثال لم يجعل لطبيعي الموضوع على نحو الاطلاق بل هو مجعول لحصة خاصة من الموضوع وهذا معنى حمل المطلق على المقيد فلابد محمل المطلق على المقيد من جهة ظهور القيد في الاحتراز فانه يدل على ان الحكم في القضية لم يجعل لطبيعي الموضوع على نحو الاطلاق بل هو لحصة خاصة وهذه هي نكتة حمل المطلق على المقيد في المقام فاذاً لا فرق بين ما اذا كان دليل المقيد مخالف لدليل المطلق وبين ما اذا كان موافقا فعلى كلا التقديرين ابد من حمل المطلق على المقيد هكذا ذكره السيد الاستاذ قدس سره
والجواب : عن ذلك ان ظهور القيد في الاحتراز مما لا شبهة فيه فان كل قيد مأخوذ في موضوع الحكم في لسان الدليل ظاهر في الاحتراز وهذا مما لا شبهة فيه طالما لم تكن هناك قرينة على الخلاف على انه للتأكيد او للتوضيح والا فهو ظاهر في الاحتراز وهذا لا شبهة فيه، الا ان ظهوره في الاحتراز يدل على ان شخص الحكم المجعول في القضية الذي يكون القيد قيد لموضوعه فان هذا القيد يدل على ان شخص الحكم المجعول في القضية مجعول لحصة خاصة لهذه القضية لا للموضوع بنحو الاطلاق ولا يكون ناظرا الى قضية اخرى والى القضية المطلقة فان في المقام قضيتين المطلقة مثل اكرم العلماء فان هذه قضية مطلقة والثانية مقيدة اكر العلماء العدول فان العدول قيد للموضوع في القضية الثانية لا في القضية الاولى فاذا كان العدول قيد للموضوع في القضية الثانية فهو يدل على ان الحكم المجعول في هذه القضية هو شرط لهذا الحكم في مرحلة الجعل والاتصاف متعلقة بالملاك في مرحلة المبادئ ولا يدل على ان الحكم المجعول في القضية الاولى لحصة خاصة من الموضوع ولا نظر له الى القضية الاولى لا نفيا ولا اثباتا فان القيد مأخوذ في هذه القضية الثانية وهي ظاهرة في الاحتراز ومعنى ظهوره في الاحتراز يدل على ان شخص الحكم المجعول لهذه القضية مجعول لحصة خاصة منها لا انه مجعول لطبيعي الموضوع على الاطلاق، فنفس هذا القيد يدل على ان ملاك الحكم في هذه الحصة اقوى واشد من ملاك الحكم في القضية الاولى وهي القضية المطلقة فان هذا القيد يدل على ان الحكم المجعول في نفس هذه القضية لم يجعل لطبيعي الموضوع بل جعل لحصة خاصة من الموضوع بنكتة ان ملاك الحكم في هذه الحصة اقوى واشد وهذا معنى حمل هذه الحصة على افضل الافراد
فالنتيجة : ان الصحيح هو حمل المقيد فيما اذا كان موافق للمطلق حمله على افضل الافراد ولا وجه للحمل على التقيد مضافا الى ما ذكرناه سابقا من ان سيرة العقلاء وطريقتهم جارية في باب الالفاظ في مقام التفهيم والتفاهم بها من حواراتهم المختلفة بجعل دلي المقيد قرينة على المطلق والقدر المتيقن منهما اذا كان المقيد مخالف للمطلق ولا يمكن الجمع بينهما الا بحمل المطلق على المقيد او رفع اليد عن المقيد ولا يشمل المقام فان في المقام الجمع بينهما ممكن ولا مانع منه بحمل المقيد على افضل الافراد، فتبين ان ما ذكره السيد الاستاذ قدس سره لا يمكن المساعدة عليه
ومن هنا يظهر ان ما ذكره قدس سره من دلالة القضية الوصفية على المفهوم بملاك ظهور القيد في الاحتراز فان القضية الوصفية تدل على المفهوم بملاك ظهور القيد في الاحتراز لا يمكن المساعدة على ذلك فان ظهور القيد في الاحتراز يدل على انتفاء شخص هذا الحكم المجعول في القضية بانتفاء الوصف ومن الواضح ان انتفاء شخص الحكم المجعول في القضية ليس من المفهوم بشيء فان المفهوم عبارة عن انتفاء طبيعي الحكم بانتفاء الشرط اما انتفاء شخص الحكم بانتفاء الوصف فهو امر قهري فانه حيث انه قيد للموضوع فالحكم ينتفي بانتفاء الموضوع قهرا فاذا انتفى الموضوع انتفى الحكم الشخصي المجعول لهذا الموضوع قهرا وهو ليس من المفهوم في شيء فما ذكره السيد الاستاذ من دلالة الوصف على المفهوم من جهة ظهور القيد في الاحتراز لا يمكن المساعدة عليه، نعم تقدم في بحث المفهوم ان القضية الوصفية تدل على المفهوم لكن دلالتها بنحو القضية المهملة لا بنحو السالبة الكلية فان المولى اذا قال اكرم العلماء العدول فان تقيد وجوب الاكرام العدول بهذا الوصف يدل على ان هذا الحكم لم يثبت للعلماء بتمام اصنافهم اذ لو كان وجوب الاكرام ثابت للعلماء بتمام اصنافه لكان هذا التقيد لغوا فان وجوب الاكرام ثابت للعلماء بكل اصنافهم من العدول وغيرهم فهذا التقيد يكون لغوا فانه يدل على ان هذا الحكم لم يثبت لتمام اصناف العلماء بنحو سلب العموم ونفي العموم لا بنحو عموم السلب وبنحو عموم النفي لا بنحو القضية الكلية بل بنحو سلب العموم المساوق للقضية الجزئية .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo