< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/04/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : المطلق والمقيد – مقدمات الحكمة
الى هنا قد تبين ان الجزء الاخير من مقدمات الحكمة هو عدم القرينة المتصلة، واما عدم القرينة المنفصلة فلا يكون جزء مقدمات الحكمة لا مطلقا ولا في وقت مجيئها على تفصيل تقدم ويجئ تفصيل ذلك بأكثر من هذا في مبحث التعادل والترجيح
ثم ان المحقق صاحب الكفاية قدس سره يعتبر زائدا على مقدمات الحكمة ان لا يكون قدر متيقن بين المتكلم والمخاطب بحسب التخاطب بينهما، فلو كان هناك قدر متيقن فهو مانع عن انعقاد ظهور المطلق في الاطلاق او انه يؤدي الى اجماله، هكذا ذكره قدس سره
الجواب عن ذلك : ان اراد من القدر المتيقن بحسب التخاطب بين المتكلم والمخاطب يوجب انصراف الذهن الى حصة من افراد المطلق والى المقيد ان اراد ذلك فهو ليس شرط زائدا على مقدمات الحكمة فان المراد من الجزء الاخير من المقدمات وهو عدم نصب القرينة المتصلة اعم من القرينة اللفظية كما هو الغالب او القرينة اللبية او الانصراف، والجامع ان كل ما يكون مانع عن انعقاد



المطلق في الاطلاق فهو الجزء الاخير من مقدمات الحكمة غاية الامر التعبير بعدم نصب قرينة على التقيد من جهة الغلبة، قد يكون عدم نصب القرينة على التقيد وقد يكون قرينة لبية فان القرينة اللبية قد تكون مانعة عن انعقاد ظهور المطلق في الاطلاق وقد يكون المانع انصراف ذهن المخاطب الى حصة خاصة من المطلق ومنع صرفه الى ارادة المطلق، ومثال ذلك ما اذا طلب المولى في وقت الصيف الحار الماء للشرب فان الماء وان كان جامع بين الماء الحار والماء البارد وموضوع للجامع بينهما لكن لا شبهة في ان المولى اذا طلب في الصيف الماء كان المنصرف منه الماء البارد وهو حصة خاصة من الماء وهذا الانصراف مانع عن انعقاد ظهور المطلق في الاطلاق، او اذا قال المولى جئني بحيوان فانه وان كان مشترك بين الانسان وغيره من انواع الحيوان وموضوع للجامع بين جميع الانواع لكن لا شبهة في ان المنصرف في كلام المولى هو الحيوان في مقابل الانسان وهو المنصرف وهو الحصة الخاصة من المطلق وهذا الانصراف مانع عن ظهور المطلق في الاطلاق، وايضا في مثل قول الامام عليه السلام (لا تصلي في ما لا يؤكل لحمه) فان الانسان ايضا من اصناف ما لا يؤكل لحمه لكن لا شبهة في ان المنصرف منه في هذه الرواية ممن لا يؤكل لحمه هو الحيوان مقابل الانسان فان اجزاء الانسان لا يكون مانع عن الصلاة وان كان مما لا يؤكل لحمه فان الروايات منصرفة الى حصة خاصة مما لا يؤكل لحمه وهذا الانصراف مانع عن انعقاد المطلق في الاطلاق، فان كان القدر المتيقن التخاطبي بين المتكلم والمخاطب من هذا القبيل وسبب لانصراف الذهن الى حصة خاصة من المطلق ومانع عن انعقاد ظهوره في الاطلاق فهو الجزء الاخير من مقدمات الحكمة وليس شرطا زائدا عليه، فان المراد من الجزء الاخير من مقدمات الحكمة ما يمنع من ظهور المطلق في الاطلاق سواء كان قرينة لفظية ام لبية ام كان انصرافا، وسبب الانصراف القدر المتيقن او غيره، فما ذكره قدس سره من انه لا يكون قدر متيقن بين المتكلم والمخاطب وجعل هذا شرط زائد على المقدمات الثلاثة فليس الامر فيه كذلك فان القدر المتيقن اذا كان سبب للانصراف فهو مقدمة ثالثة لون خاص وشكل مخصوص كلما يكون مانع عن انعقاد ظهور المطلق في الاطلاق فهو الجزء الاخير من المقدمات، اما اذا لم يكن القدر المتيقن بين المتكلم والمخاطب موجب للانصراف لم يكن مانع عن انعقاد ظهور المطلق في الاطلاق ولم يكن سبب للانصراف كما اذا كان القدر المتيقن خارجي لا بحسب التخاطب بين المتكلم والمخاطب ذهنيا كما اذا كان القدر المتيقن خارجي، فاذا فرضنا ان المولى امر بإكرام العلماء وقال اكرم العلماء فالقدر المتيقن منه العدول من العلماء وهو بلحاظ الخارج وهذا القدر المتيقن لا يصلح لان يكون سبب انصراف الذهن الى حصة خاصة من المطلق ولا يمنع عن انعقاد ظهور المطلق في الاطلاق، فلا شبهة في ان كلام المولى مطلق وينعقد ظهور المطلق في الاطلاق وبإطلاقه يشمل العادل والفاسق ولا يكون مختص بالعادل، فالقدر المتيقن الخارجي لا اثر له، اما اذا فرضنا ان احدا سأل من المولى هل اتصدق على الفقير العادل او هل اكرم العالم العادل فأجاب الامام عليه السلام عن ذلك تصدق على الفقير واكرم العالم بدون التقيد بالعدالة، فالسؤال بالتصدق على الفقير العادل لكن المولى في مقام الجواب اجاب على التصدق على الفقير واكرام العالم بدون تقيد بالعدالة
وفي مثل ذلك ذكر صاحب الكفاية قدس سره ان القدر المتيقن بين المتكلم والمخاطب في مثل هذا المثال هو الفقير العادل والعالم العادل وهذا هو القدر المتيقن، لكن الكلام في ان هذا القدر المتيقن هل يكون مانعاً عن انعقاد ظهور المطلق في الاطلاق او لا يكون مانع هذا هو محل الكلام
الظاهر ان في مثل هذا المثال لا يكون مانعاً لان ظاهر حال المولى انه في مقام بيان تمام الموضوع لحكمه بكلامه هذا، وظهور حال المولى منشأ لظهور كلامه في ان الفقير تمام الموضوع وان العالم تمام الموضوع لوجوب الاكرام، اذ لو كانت العدالة جزء الموضوع بان يكون الموضوع مركبا من الفقر والعدالة او من العلم والعدالة فلا محال لم يكن الفقير موضوع لتمام الموضوع لان كلام المولى لا يدل على ان العدالة جزء الموضوع ولا قرينة من الخارج على ذلك ولا كلام المولى يدل على ذلك فان المولى قال تصدق على الفقير واكرم العالم بدون التقيد بالعدالة فكلام المولى لا يدل على ان العدالة جزء الموضوع فكلام المولى ظاهر في ان الفقير تمام الموضوع والعالم تمام الموضوع، وعلى هذا فمقدمات الحكمة تامة وهي تقتضي ان العدالة لا دخل لها في الحكم اذ لو كانت دخيلة لقالها الامام عليه السلام وعدم قوله بها يدل على انها غير دخيلة في الحكم، الى هنا قد تبين ان ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره من انه لا يكون بين المتكلم والمخاطب قدر متيقن وجعل ذلك شرط زائدا على المقدمات الثلاثة فلا يمكن المساعدة عليه فان القدر المتيقن اذا كان سببا للانصراف فهو جزء مقدمات الحكمة وهو المقدمة الاخيرة، وان لم يكن سبب للانصراف فلم يكن سبب له، وهذا تمام الكلام في مقدمات الحكمة
بعد ذلك يقع الكلام في المطلق والمقيد، والكلام فيه في مقامين الاول في التقيد بالمتصل المقام الثاني في التقيد بالمنفصل
اما التقيد بالمتصل : فتارة يكون تقيد بالوصف مثل اكرم العالم العادل او الهاشمي وهكذا، فالتقيد انما هو بالوصف فاذا كان التقيد بالوصف فلا ينعقد للمطلق ظهور حتى في مرحلة الاستعمال، انما ينعقد له ظهور واحد في مرحلة الاستعمال ومرحلة الارادة الجدية في كلتا المرحلتين لهذا الكلام ظهور واحد ولا يوجد ظهوران احدهما ظهوره في مرحلة الارادة الاستعمالية و الاخر ظهوره في مرحلة الارادة الجدية وهذا القسم من التقيد وهو التقيد بالوضع خارج عن محل الكلام، واخرى يكون بجملة مستقلة لكن لسانها لسان التقيد مثلا يقول المولى اعتق رقبة ثم قال فلتكن هذه الرقبة مؤمنة فان جملة المقيد جملة مستقلة لكن لسانها لسان التقيد، فعندئذ تكون الجملة الثانية التي هي الجملة المقيدة تقيد الجملة الاولى فأنها مخالة للجملة الثانية في مرحلة الارادة التصورية، فان المولى اراد استعمال الرقبة في الجامع بين الرقبة المؤمنة وغيرها ولكن بلحاظ الارادة الجدية فكلتا الجملتين واحدة فان المراد الجدي هو ارادة عتق رقبة مؤمنة لا اعم من ان تكون مطلقا، وثالثة يكون التقيد بجملة مستقلة لكن هذه الجملة لسانها لسان النهي كما اذا قال المولى اعتق رقبة ثم قال لا تعتق رقبة كافرة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo