< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/03/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : دوران الامر بين التخصيص والنسخ
كرنا ان العام اذا كان متأخرا عن وقت الحاجة عن الخاص فهل العام المتأخر ناسخ للخاص او ان الخاص المتقدم مخصص له فيه وجهان، فذهب المحقق صاحب الكفاية قدس سره الى الوجه الثاني وان الخاص المتقدم مخصص للعام المتأخر وقد افاد في وجه ذلك ان كثرة التخصيص في الآيات والروايات حتى قيل ما من عام الا وقد خص وندرة النسخ في الشريعة المقدسة قرينة عامة على التخصيص على ظهور الخاص المتقدم في انه مخصص للعام المتأخر وان كان دلالة الخاص على الاستمرار بالإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة فان الخاص يدل على استمرار حكمة الى زمان ورود العام وان كانت هذه الدلالة مستندة الى مقدمات الحكمة ودلالة العام على العموم بالوضع مع ذلك لابد من تقديم الخاص على العام فان ملاك تقديمه ليس اقوائية الخاص بالنسبة الى العام بل ملاك تقديمه عليه انما هو قرينيته على العام والقرينة تتقدم على ذيها وان كانت اضعف منه دلالة فان القرينة مفسرة لبيان المراد النهائي الجدي عن ذيها ولذا تتقدم عليها وان كانت اضعف دلالة وظهورا والخاص حيث انه قرينة على العام ومفسر للمراد النهائي الجدي من العام فلأجل ذلك يتقدم على العام وان كان اضعف منه دلالة، هكذا ذكره صاحب الكفاية قدس سره
وقد اورد عليه المحقق النائيني قدس سره بان الخاص لا يكون متكفل لاستمرار حكمة فان الخاص يدل على ثبوت حكمه وجعله ولا يمكن ان يكون دال على استمراره ولو بالإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة فان الخاص لو دل على استمرار حكمه فمعناه ان ثبوت حكمه مأخوذ بموضوعه بنحو مفروض الوجود فان الموضوع في القضية الحقيقية قد اخذ مفروض الوجود والقضية الحقيقية تدل على ثبوت الحكم المقدر وجوده في الخارج سواء كان موجود او غير موجود فالقضية لا تدل على ان موضوعه موجود في الخارج او غير موجود فالقضية ساكتة عن ذلك، وعلى هذا فالخاص لو دل على استمرار حكمه فموضوع الاستمرار هو ثبوت حكمه فلابد ان يكون ثبوت حكمه مفروض الوجود في الخارج فاذا اخذ مفروض الوجود في الخارج فالخاص لا يدل عليه فان الخاص يدل على استمراره على تقدير جعله ولا يدل على جعله وعلى ثبوته والا لزم الجمع بين النقيضين فان الخاص لو دل على استمرار حكمه وثبوت حكمه معا للزم الجمع بين النقيضين اذ معناه ثبوت حكمه مأخوذ مفروض الوجود باعتبار انه موضوع لاستمرار حكمه وباعتبار انه يدل عليه غير مأخوذ مفروض الوجود فيلزم ان يكون موضوع الاستمرار وهو ثبوت الحكم مأخوذ مفروض الوجود وفي نفس الوقت مأخوذ غير مفروض الوجود وهذا جمع بين النقيضين، فمن اجل ذلك لا يمكن ان يكون الخاص يدل على استمرار حكمه فاذاً استمرار حكمه يمكن اثباته بأحد امرين فالخاص يدل على ثبوت حكمه وجعه فقط اما استمراره فيمكن ثبوته بأحد امرين :
الاول : الاستصحاب فاذا شككنا ببقائه فلا مانه من استصحاب بقائه،
الثاني : بالروايات التي تنص على ان حلال محمد صلى الله عليه واله حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة، ثم ناقش في كلا الامرين معا
اما الاستصحاب فلا يمكن جريان الاستصحاب في المقام لأنه محكوم بأصالة العموم فلا يجري من هذه الناحية واما الروايات فالظاهر ان هذه الروايات ناظرة الى ان الشريعة المقدسة خالدة ابدية وهي لا تنسخ بشريعة اخرى فاذاً هذه الروايات معنى هذه الروايات ان هذه الشريعة الاسلامية خالدة لا تنسخ بشريعة اخرى فلا يمكن الاستدلال بهذه الروايات على استمرار الاحكام الشخصية، هذا ما ذكره المحقق النائيني قدس سره
وقد اورد عليه السيد الاستاذ قدس سره وحاصل ما اورده ان ما ذكره المحقق النائيني قدس سره من ان الخاص لا يمكن ان يدل على استمرار حكمه وثبوته معا هذا الذي ذكره المحقق تام ولا يمكن ان يكون الخاص دال على ثبوت حكمه وعلى استمراره معا والا لزم الجمع بين النقيضين ولكن استمرار الحكم انما هو من جهة تعلقه بموضوعه فالحكم يستمر باستمرار موضوعه في الخارج فالخاص يدل على ثبوت حكمه لموضوعه ولكن استمراره انما هو باستمرار موضوع بالخارج مثلا اذا ورد لا تكرم الفساق من الشعراء ثم ورد في دليل اخر اكرم الشعراء فالعام المتأخر عن الخاص باستمرار حكم الخاص وهو الحرمة وهو باستمرار الفساق من الشعراء في الخارج لا ان الخاص يدل على هذا الاستمرار فالخاص يدل على اصل ثبوت الحرمة وتشريعها وجعلها اما استمرارها بالخارج انما هو باستمرار موضوعها وهو الفساق في الخارج فعندئذ لا ما نع من استمرار الحكم الخاص باستمرار موضوعه بالخارج، هكذا ذكره السيد الاستاذ قدس سره
الظاهر انما ذكره قدس سره ليس اشكال على المحقق النائيني قدس سره فان غرض النائيني نفي دلالة الخاص على استمرار حكمه في مرتبة الجعل بانه لا يدل على استمراره في هذه المرتبة اما استمرار هذا الحكم في مرتبة الفعلية بفعلية موضوعه في الخارج فهذا لا مانع منه وهو امر واضح ولا يكون المحقق النائيني منكرا لذلك فانه لا شبهة في ان الحكم اذا صار فعليا بفعلية موضوعه في الخارج يستمر باستمرار موضوعه وهو واضح ولا يكون المحقق النائيني منكرا لذلك وغرضه من الاشكال على صاحب الكفاية انه في مرتبة الجعل التي هي مدلول الخاص فان مدلول الدليل انما هو في مرتبة الجعل فلا يمكن استمرار حكم الخاص لا بدلالة الخاص ولا بالاستصحاب لأنه محكوم بأصالة العموم ولا بتلك الروايات فاذاً هذا مراد المحقق النائيني اما استمرار الحكم بمرتبة الفعلية باستمرار موضوعه في الخارج فهذا مما لا شبهة فيه ولا ينكره المحقق النائيني هذا
والصحيح في المقام ان يقال ذكرنا ان للحكم مرتبة واحدة وليس مرتبتين مرتبة الجعل ومرتبة الفعلية انما للحكم مرتبة الجعل فان جعل الحكم بيد المولى لان الجعل فعل مباشر للمولى فجعل الحكم نفيا واثباتا بيد المولى له ان يجعل الحكم له ان لا يجعل فالجعل والتشريع والاعتبار بيد المولى واما فعلية هذا الحكم في الخارج بفعلية موضوعه في الخارج فهو ليس بيد المولى اما فعلية الحكم بفعلية موضوعه فهي امر قهري كفعلية المعلول بفعلية علته فان فعلية المعلول لا يمكن ان تقع تحت ارادة الفاعل فان ترتب المعلول على العلة امر قهري وكذلك فعلية الحكم بفعلية موضوعه امر قهري هذا مضافا الى ان فعلية نفس الحكم غير متصور في الخارج يستحيل ان يكون الحكم موجودا في الخارج بوجود موضوعه فيه والا لزم ان يكون الحكم امر خارجي وهو كل فرد بانه امر اعتباري لا وجود له الا في عالم الاعتبار والذهن فلا يعقل وجود الحكم في الخارج في نفسه والمراد من فعلية الحكم بفعلية موضوعه فعلية فاعليته وداعويته للمكلف فان موضوع الحكم اذا صار فعلي مثلا موضوع وجوب الصالة البلوغ والعقل والقدرة ودخول الوقت فاذا دخل الوقت على البالغ العاقل القادر فوجوب الصلاة محرك للمكلف ويدعو المكلف الى الاتيان بها والمراد من فعلية وجوب الصالة فعلية فاعليته وفعلية محركيته وداعويته واما نفس الوجود فيستحيل ان يكون فعلي في الخارج يعني موجود في الخارج بوجود موضوعه والا لكان الحكم امر خارجي وهو خفف لأنه امر اعتباري لا وجود له الا بعالم الاعتبار والذهن واما في مرتبة الجعل فالجعل امر آني لا يعقل في التدرج والاستمرار في الجعل غير متصور فالشارع جعل وجوب الحج الى يوم القيامة وهو آن الجعل فوجوب الحج قد جعل في تمام حصصه العبادية قد جعل في آن واحد وهو آن الجعل والطولية انما تتصور في الخارج بطولية تصوره واما في عالم الاعتبار جميع هذه الحصص من حين الجعل الى يوم القيامة في عرض واحد وجدة وهو آن الجعل في عالم الاعتبار وعالم الذهن واما طولية هذه الحصص انما هي في الخارج مثلا وجوب الحج الشارع جعله على المستطيع وهذا الجعل في آن واحد الى يوم القيامة ولا يعقل ان يكون هذا الجعل تدريجي ومستمرا لان الجعل فعل آني صدر من المولى في آن واحد جعله الى يوم القيامة وكذا سائر الاحكام الشرعية فوجوب الحج بتمام حصصه الى يوم القيامة قد وجد في عرض واحد ووجوب الحج وهو الحكم المجعول عين الجعل في عالم الاعتبار فان المجعل عين الجعل كالايجاد والوجود والفرق بينهما بالاعتبار فان الوجود عين الايجاد والحكم المجعول عين الجعل والفرق بينهما بالاعتبار فاذا وجد الجعل وجد المجعول ايضا باعتبار حصصه الاعتبارية الى يوم القيامة واما فعلية هذا الوجوب انما هي بفعلية الاستطاعة في الخارج فاذا صار المكلف مستطيع صارت فاعليته فعلية واذا صار المكلف مستطيع بعد مئة سنة من الجعل صار فاعلية وجوب الحج فعلي في حقه وهكذا فاذاً الجعل انما هو في آن واحد وكل دليل يدل على الجعل فهو امر آني ولا يتصور فيه الحدوث والبقاء فان البقاء الوجود الثاني للشيء ولا يتصور للجعل وجود ثاني أي وجود تدريجي لأنه غير معقول وان الجعل فعل المولى في آن واحد لا انه تدريجي ومستمر وهو غير معقول، فهل يمكن استصحاب بقاء النسخ فان النسخ هو الشك في بقاء الجعل هل يتصور ذلك او لا يتصور ؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo