< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/03/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تخصيص عمومات الكتاب والسنة
تحصل مما ذكرنا ان الروايات التي تدل على ان الخبر المخالف زخرفُ او لم اقله ، ذكرنا ان لسان هذه الروايات وان كان مختلفا فقد ورد في بعضها ما لا يوافق الكتاب فهو زخرف وقد ورد في بعضها الاخر ان ما يخالف الكتاب فهو زخرف وذكرنا ان ما لا يوافق الكتاب فهو متحد مع ما يخالف الكتاب معنى ومضمون ولا يتصور بينهما واسطة احدهما عين الاخر مضمونا ومعنى وانما الاختلاف بالتعبير فقط
فاذاً هذه الروايات جميعا بكل اللسنة تدل على ان الخبر المخالف للكتاب فهو زخرف ولم يقله وانما الكلام يقع في هذه الروايات من عدة جهات وتلك الجهات سوف يأتي بحثها في مبحث التعادل وترجيح سوف يأتي الكلام عنها انشاء الله والكلام في هذه الروايات انما هو من جهة واحدة وهو ان المراد من المخالفة في هذه الروايات هل هي المخالفة بنحو التباين او بنحو العموم من وجه او بنحو العموم والخصوص المطلق فهل المخالفة في هذه الروايات تشمل القسم الاول وهو المخالفة بنحو التباين كما اذا دلة الآية المباركة على حرمة شرب الخمر والخبر يدل على جواز شربه فهو مخالف للكتاب بالتباين او يكون مخالف له في العموم من وجه في مورد الاجتماع والالتقاء نفيا واثباتا او يكون مخالف بالعموم المطلق للإطلاق والتقيد او بالعام والخاص او بالأظهر والظاهر او بالحاكم والمحكوم فالمخالفة تتصور على اقسام ثلاثة والقدر المتيقن من هذه الروايات هو المخالفة بنحو التباين والعموم من وجه فلا شبهة في ان هذه الروايات تشمل المخالفة بالتباين والمخالفة بالعموم من وجه فان هذه المخالفة هي القدر المتيقن من هذه الروايات فانه لا يمكن صدور الخبر المخالف للكتاب بنحو التباين او بنحو العموم من وجه وهل تشمل هذه الروايات المخالفة اذا كانت بنحو الاطلاق والتقيد او بنحو العام والخاص او بنو الاظهر والظاهر او بنحو الحاكم والمحكوم فهل تشمل هذه الروايات المخالفة بهذا المعنى وهو المخالفة في القسم الثالث ، فان قلنا بالشمول فلا يمكن تخصيص عموم الكتاب بالخبر الواحد وتخصيص عموم السنة بخبر الواحد لان خبر الواحد لا يكون حجة في نفسه لأنه في نفسه باطل وزخرف فلا يصلح ان يكون مخصص او مقيد لا يصلح لذلك ، واما اذا قلنا ان هذه الروايات لا تشمل المخالفة بهذا المعنى أي مخالفة العام والخاص مخالفة المطلق والمقيد والظاهر والاظهر والحاكم والمحكوم لا تشمل المخالفة بهذا المعنى فحينئذ لا مانع من تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد وتقيد مطلقاته بخبر الواحد وحمل الظاهر من الكتاب على الاظهر اذا كانت الرواية اظهر دلالة من دلالة الكتاب وحمل المحكوم على الحاكم اذا كان لسان الرواية لسان الحكومة لا مانع من ذلك

الظاهر ان هذه الروايات لا تشمل المخالفة بهذا المعنى أي بمعنى الاطلاق والتقيد او العام والخاص او الظاهر والاظهر او المحكوم والحاكم لا تشمل المخالفة بهذا المعنى وذلك لوجوه

الوجه الاول ان المراد من المخالفة لخبر الواحد للكتاب مخالفته لدلالة الكتاب والمتفاهم العرفي منها بمناسبة الحكم والموضوع الارتكازي المخالفة المستقرة التي هي مستقرة بين الخبر وبين الكتاب ولا تشمل المخالفة الغير المستقرة التي تزول بتأمل والدقة وحيث ان المخالفة بين الاطلاق والتقيد مخالفة ابتدائية ومخالفة غير مستقرة فان العرف يرى ان المقيد قرينة فاذا كانت قينة فلا يرى العرف والعقلاء المخالفة بين القرينة وذيها ولا مخالفة بينهما ويرى ان القرينة مفسرة للمراد النهائي الجدي من ذيها وعلى هذا فاذا كان الخاص قرينة بنظر العرف فهو مفسر للمراد النهائي الجدي من العام فاذا كان مفسرا له ومبينا له فلا يرى العرف أي معارضة ومخالفة بينهما فالعرف لا يرى المخالفة بين القرينة وذيها ويرى ان القرينة مفسرة لبيان الجدي من ذيها فمن اجل ذلك لا تكون مشمولة لهذه الروايات فان هذه المخالفة في الحقيقة ليست بمخالفة بل هي مخالفة بالنظر البدوي واما بالنظر التحقيقي فلا مخالفة في البين فان العرف لا يرى أي مخالفة بين القرينة وذيها بين العام والخاص وبين المطلق والمقيد وبين الظاهر الاظهر وبين الحاكم والمحكوم وبين الوارد والمورود فلا يرى العرف أي منافات ومخالفة بينهما فمن اجل ذلك لا تكون هذه المخالفة مشمولة لت لك الروايات فتلك الروايات لا تشمل المخالفة بنحو العموم والخصوص المطلق او المخالفة بين الحاكم والمحكوم وبين الوارد والمورود وبين الظاهر والاظهر او النص لا تكون شاملة لهذه المخالفة

الوجه الثاني ان لسان هذه الروايات لسان استنكار والتشديد لصدور الروايات المخالفة للكتاب والسنة فان لسان هذه الروايات زخرف ما يخالف القران فهو زخرف وما يخالف القران فلم اقله فان هذا اللسان لسان استنكار اذ لا يمكن صدور الخبر المخالف للكتاب من النبي الاكرم صلى الله عليه واله ولا من الائمة الاطهار عليهم السلام لأنه زخرف ولم اقله «ما جاءكم عني ما يخالف الكتاب فلم اقله»[1] هذا اللسان لسان استنكار معناه انه لم يصدر مني ولا واحد من الخبر المخالف للكتاب نفي صرف الوجود فهذه الروايات تدل على ان ما يخالف الكتاب زخرف وباطل ولم اقله فان هذا اللسان بنفسه قرينة على انها لا تشمل الاخبار المخالفة للكتاب بالعموم المطلق او المخالفة بالظاهر والاظهر او بالحاكم والمحكوم او بالوارد والمورود لا تشمل هذه الروايات فان الاخبار المخالفة لعموم الكتاب او اطلاقه فلا يكون صدوره من النبي الاكرم صلى الله عليه واله ولا من الائمة الاطهار عليهم السلام مستنكرا فكيف ان هذه الروايات صدرت لدى العرف والعقلاء لا شبهة ان الخاص يصدر من العرف والعقلاء بالنسبة الى العام والمقيد بالنسبة المطلق والاظهر او النص بالنسبة الى الظاهر والحاكم بالنسبة الى المحكوم لا شبهة في الاخبار الخاصة لدى العرف والعقلاء ومن الواضح ان طريقة الشارع في باب اللفاظ هو طريقة العرف والعقلاء وليس للشارع طريقة اخرى غير طريقة العرف والعقلاء في باب اللفاظ
فاذاً لا يكون صدور الخاص من الشارع مستنكرا ولا صدور المقيد من الشارع مستنكرا ولا صدور الهر او النص او الحاكم او الوارد مستنكرا فنفس لسان هذه الروايات لسان الاستنكار والتحشي فان هذا اللسان بنفسه قرينة على اختصاص هذه الروايات بالمخالفة بحو التباين او بنحو العموم من وجه فلا تشمل بنحو العموم المطلق المخالفة بنحو الظاهر والاظهر او بنحو الحاكم والمحكوم او ما شاكل ذلك من نحو الجمع الدلالي العرفي

الوجه الثالث ان بيان الاحكام الشرعية في الكتاب غالبا بالخطابات العامة والمطلقة والمجملة فان تفصيلاتها بتمام حدودها وشروطها وقيودها انما هو موكول الى النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم والى الائمة الاطهار عليهم السلام فبيان الخاص للعمومات موكول لهم عليهم السلام وكذلك بيان المقيد للمطلقات وبيان المبين للمجملات موكول للرسول واهل بيته عليهم السلام ومن الواضح ان بيان هذه الحدود والشرائط والاجزاء كلها بنحو العام والخاص او بنحو الاظهر والظاهر او بنحو الحكومة فصدوره منهم عليهم السلام امر ضروري فان الاحكام الشرعية الواردة في الكتاب والسنة مجملات او عمومات او مطلقات فان بيان الاحكام الشرعية انما هو بنحو التدريج على طبق المصالح الشرعية وليس بنحو الدفعة الواحدة فبطبيعة الحال مخصصاتها صدرت من الائمة الاطهار وكذلك مقيداتها ومبيناتها اذا كانت الخطابات القرآنية مجملة صادرة من الائمة الاطهار عليهم السلام فلا شبهة في صدور الروايات الخاصة من الائمة وكذلك من النبي فان صدور الخاص من النبي ايضا بالوحي كما ان صدور العام وصدور المطلق والمجمل انما بوحي من الله تعالى وكذلك صدور الخاص ايضا بوحي من الله تعالى وتقدس بالنسبة الى النبي الاكرم مباشرةً وبالنسبة للائمة عليهم السلام بالواسطة كما في قوله تعالى:
﴿ وما ينطق عن الهوى[2] ان هو الا وحي يوحى [3]
فكل ما صدر من النبي صدر بوحي من الله تعالى سواء كان من العمومات والمطلقات او من الخصوصات والمقيدات فلا فرق من هذه الناحية بين الكتاب والسنة فحال السنة حال الكتاب
فالنتيجة ان هذه الروايات التي تدل على ان ما يخالف الكتاب زخرف او لم اقله فهذه الروايات لا تشمل الاخبار الخاصة والمقيدة و الناصه او التي يكون لسانها لسان الحكومة او الورود لا تشمل مثل هذه الاخبار هذا مضافا الى انه لا شبهة في صدور المخصصات والمقيدات من النبي صلى الله عليه واله وكذلك من الائمة ولا شبهة في ذلك ومن الواضح ادل دليل على امكان وقوعه في الخارج ولا شبهة في صدور المخصصات والمقيدات من النبي الاكرم وبعده من الائمة الاطهار ،
النتيجة انه لا شبهة في ذلك وان هذه الروايات لا تشمل مخالفة العموم المطلق فاذاً لا مانع من تخصيص الكتاب بخبر الواحد .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo