< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/02/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : معارضة المفهوم الموافق مع الدليل
تقدم ان شيخنا الانصاري قدس سره ذهب الى تقديم عموم العلة في اية النبأ على تقديم دلالتها على المفهوم واما مدرسة المحقق النائيني قدس سره ذهبت الى عكس ذلك وانه لابد من تقديم المفهوم على عموم العلة ، ولكن كلتا المقالتين لا تخلو عن اشكال
اما مقالة الشيخ عليه الرحمة فيرد عليها اولا انه لا فرق بين عموم العلة وبين الآيات والروايات الناهية عن العمل بالظن فكما ان اخبار الثقة والعدول بعد حجيتها مخصصه بتلك الآيات التي هي ناهية عن العمل بالظن والمفروض ان اخبار الثقة بعد حجيتها مخصصه لهذه العمومات ومقيدة لهذه المطلقات فاذاً لا فرق بين الامرين فالشيخ قد التزم بتخصيص الآيات الناهية عن العمل بالظن بأخبار العدول والثقات بعد حجيتها واما في الآية لم يلتزم بذلك بل ذكر عكس ذلك فاذاً ما هو الفرق بينهما ومع الاغماض عن ذلك وتسليم الفرق بينهما اذ نرى ان العمل بالعلة في هذه الآية الكريمة انما هو العمل بالجهل بما هو جهل فان اصابة القوم بجهالة بما هي جهالة عمل سفهي بينما العمل بخبر العدل بعد حجيته عمل عقلائي وعمل اطاعة للمولى وعمل بالوظيفة وله مبرر واما العمل بالظن بما هو ظن فهو عمل سفهي وليس بمبرر ومن هنا فسر الجهالة في هذه الآية الكريمة بالسفاهة ان تصيبوا قوم بجهالة أي بسفاهة فان العمل بالجهل بما هو بدون مبرر ويكون هذا العمل عمل سفهي لا يصدر من العاقل بينما العمل بخبر العدل اذا كان حجة عقلائي ووظيفة شرعية واطاعة للمولى وله مبرر ومن هنا لابد من تقديم مفهوم الآية على عموم العلة فان معنى مفهوم الآية هو العمل بخبر العدل بما هو حجة عمل عقلائي ومطابق للشرع اطاعة للمولى وله مبرر واما العمل بالجهل بما هو جهل عمل سفهي غير جاري ولا مبرر له وعلى هذا فالآية بمفهومها وارده على عموم العلة ورافعة لموضوعها وجدانا فان النهي عن العمل بالظن بما هو ظن أي لا يكون حجة ، واما مفهوم الآية فهو رافع لقيد عدم الحجية وجدانا فان خبر العدل حجة وجدانا فهو رافع لموضوع عموم الآية المباركة فيكون مفهوم الآية واردا على عموم العلة ورافعا لموضوعها وجدانا لا انه حاكم فقط كما ذكره المحقق النائيني قدس سره
فالنتيجة انما ذكره شيخنا الانصاري غير تام ولا يمكن المساعدة عليه اذ لا شبهة في تقديم الآية على تقديم دلالتها على المفهوم لا شبهة في تقديم مفهومها على عموم العلة فيها ويكون هذا التقديم من باب الورود
واما المقالة التي ذكرتها مدرسة المحقق النائيني قدس سره من ان المجعول في باب الامارات الطريقية والكاشفية والعلية يعني ان الشارع جعل خبر العدل علما تعبديا وجعل اخبار الثقة علما فالمجعول في باب الامارة هو العلية والكاشفية والطريقية ، هكذا بناء مدرسة المحقق النائيني قدس سره وقد ذكرنا في محله وسوف يأتي بحثه انه لا جعل ولا مجعول في باب الامارات اصلا فان عمدة الدليل على حجية الامارات كأخبار الثقة بل الدليل الوحيد هو السيرة القطعية من العقلاء الجارية على العمل بأخبار الثقة دون غيرها وهذه السيرة ممضات من قبل الشارع فليس من قبل الشارع امضاء هذه السيرة وتقريرها وليس هنا أي جعل من قبل الشارع جعل الطريقية و الكاشفية لأخبار الثقة بل السيرة العملية جارية من العقلاء على اخبار الثقة والعمل بها وامضاء الشارع منشأ انتزاع الحجية لأخبار الثقة أي الحجية بمعنى المعذرية والمنجزية فان اخبار الثقة اذا كانت مطابقة للواقع فهي منجزة واذا كانت مخالفة للواقع فهي معذرة أي معذور حينئذ عن مخالفة الواقع فليس هنا أي جعل ومجعول هذا مضافا الى ان جعل العلية والطريقة والكاشفية لأخبار الثقة لغو فان هذا الجعل ليس له أي تأثير في اخبار الثقة ووجوده كالعدم فان اخبار الثقة كاشفيتها عن الواقع امر تكويني وطريقيتها الى الواقع امر تكويني وجعل هذه الطريقية لها اعتبارا لغوا ولا يؤثر في اخبار الثقة واخبار العدول اصلا لا ان هذا الجعل يغير خبر الثقة ويجعله علم بعد ما لم يكن اذ يستحيل ان يكون التشريع مؤثر في التكوين فان طريقية اخبار الثقة تكوينية وكاشفيتها عن الواقع تكويني والجعل امر اعتباري من الشارع فيستحيل ان يكون مؤثرا في الامر التكويني فلهذا يكون هذا الجعل لغوا وجزافا ولا يمكن صدوره من المولى الحكيم فليس في البين لا سيرة العقلاء وحيث ان سيرة العقلاء على العمل بشيء لا يمكن ان تكون جزافا وبلا مبرر فالنكتة في المقام هي اقربية اخبار الثقة الى الواقع من اخبار غير الثقة واقربية ظاهر الالفاظ منها ظاهر الكتاب والسنة الى الواقع من غير الالفاظ كظاهر الاعمال وما شاكل ذلك ، فهذه الاقربية النوعية هي المبرر لقيام سيرة العقلاء لعمل العقلاء بخبر الثقة لان عمل العقلاء لا يمكن ان يكون بلا مبرر فالمبرر في المقام هو اقربية اخبار الثقة الى الواقع من اخبار غيرها فهذه الاقربية النوعية هي المبرر لقيام سيرة العقلاء على العمل بها وتفصيل الكلام يأتي في محله بعونه تعالى ، فالنتيجة ان كلتا المقالتين غير تامتين
الوجه الثاني ما ذكره السيد الاستاذ قدس سره من ان مفهوم روايات الكر معارض مع صحيحة اسماعيل ابن بزيغ الواردة في ماء البئر فقد وردة في هذه الصحيحة ماء البئر واسع لا يفسده شيء لان له مادة فان مفهوم روايات الكر تدل على نجاسة الماء القليل سواء كان ماء البئر او غير البئر الماء القليل ينفعل بالملاقات مالم يبلغ حد الكر
فاذاً تارة يقع الكلام بين مفهوم روايات الكر وبين التعليل الوارد في هذه الصحيحة ، واخرى بين مفهوم روايات الكر وبين قوله عليه السلام (ماء البئر واسع لا يفسده شيء الا ان يتغير)[1] اما اذا كان التعارض والتنافي بين مفهوم روايات الكر الذي يدل على انفعال الماء القليل بالملاقات وبين التعليل الوارد في هذه الصحيحة فانه يدل على ان ماء البئر معتصم لا في نفسه بل من جهة ارتباطه بالمادة فماء البئر معتصم لا في نفسه بل من جهة ارتباطه بالمادة واما ماء البئر فهو معتصم بنفسه لا من جهة ارتباطه بشيء اخر فاذا بلغ حد الكر فهو معتصم بنفسه لا من جهة شيء اخر ، ومن الواضح ان الشيء اذا كان معتصم في نفسه فلا يجوز تعليله بعلة خارجية وهذا نظير ان الدم نجس من جهة ملاقاته للبول وهذا مضحك فان الدم في نفسه نجس لا من جهة ملاقاته للنجس او الكلب نجس من جهة ملاقاته للنجس بل هو في نفسه نجس فاذاً الماء اذا كان معتصم في نفسه فلا يجوز تعليل اعتصامه بأمر خارجي ، واما ماء البئر فهو معتصم لا من نفسه بل من جهة ارتباطه بالمادة فعندئذ لابد من تقديم التعليل على المفهوم لان التعليل مختص بالماء القليل يعني ماء البئر القليل الذي لا يكون معتصم بنفسه فاذاً التعليل مختص بماء البئر القليل فان اعتصامه انما هو من جهة ارتباطه بالمادة وعلى هذا فالتعليل اخص من مفهوم روايات الكر فأنها تدل على انفعال الماء القليل وانه ليس بمعتصم وينفعل بالملاقات بلا فرق بين ان يكون الماء القليل ماء البئر او غيره والمفروض ان الماء القليل اذا كان ماء البئر فهو معتصم لا ينفعل بالملاقات معتصم من جهة ارتباطه بالمادة فعندئذ لابد من تقديم التعليل في هذه الصحيحة على مفهوم روايات الكر لان النسبة اضيف لها نسبة العام الى الخاص
واما تعارض مفهوم روايات الكر مع قوله عليه السلام ماء البئر واسع لا يفسده شيء فالنسبة بينهما عموم من وجه فان مفهوم خاص من جهة انه مختص بالماء القليل وعام من جهة انه يشمل ماء الكر وغيره ، اما ان الصحيح هو ان ماء البئر لا يفسده شيء خاص بماء البئر وعام من جهة انه كر او قليل ، فيقع التعارض بينهما في مورد الالتقاء والاجتماع وهو ماء البئر اذا كان قليل فان مقتضى الصحيحة انه معتصم ولا يفسده شيء ومقتضى اطلاق روايات الكر انه ينفعل بالملاقات ....

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo