< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/01/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تعارض العام مع المفهوم
الكلام في تعارض المفهوم مع العموم يقع الكلام هنا في مقامين المقام الاول في مفهوم الموافقة المقام الثاني في مفهوم المخالفة
اما الاول فلان مفهوم الموافقة عبارة عن ثبوت حكم المنطوق لموضوع اخر على اثر ثبوت ملاكه فيه لا بنفسه فان المنطوق لا يدل على ثبوت حكمه لموضوع اخر بنفسه فاذا احرزنا ملاك ظهوره في موضوع اخر فلا محال يدل على ثبوت حكمه فيه والمراد من حكم المنطوق حكم المماثل له والا حكم شخص المنطوق لا يعقل ثبوته لموضوع اخر فاذا احرزنا ملاكه في موضوع اخر فهو يدل على ثبوت حكمه ومن هنا يكون مفهوم الموافقة من دلالة المدلول على مدلول اخر وليس من دلالة اللفظ على مدلوله هذا هو تعريف المفهوم الموافقة وتفصيله ، ثم ان مفهوم الموافقة تارة يكون ثابت بالأولوية واخرى تكون ثابت بالمصارحة ، اما على الاول فقد تكون الاولية عرفية ارتكازية واما على الثاني فقد تكون عقلية والاول كما في قوله تعالى (فلا تقل لهما افٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولً كريما)[1] فان هذه الآية تدل على حرمة (الاف) على وجه الوالدين فبطبيعة الحال ملاك هذه الحرمة ثابت بالضرب بطريق اولى مؤكد وبنحو اقوى واكد فاذاً يدخل بحرمة الضرب بالأولوية العرفية لكن الآية بلفظها لا تدل على حرمة الضرب انما تدل بمنطوقها على حرمة الاف وحيث ان ملاك هذه الحرمة ثابت في موضوع اخر وهو الضرب بنحو اقوى واكد فمن هذه الجهة يدل على حرمة الضرب بطريق اولى أي بالأولوية العرفية الارتكازية فقد تكون عقلية كما اذا فرضنا ان العقل يدرك وجود مفسدة في شيء بنحو اكد واقوى من موجوده في شيء اخر كما اذا فرضنا ان الفقاع شربه حرام لوجود مفسدة فيه فاذا فرضنا ان العقل ادرك ان هذه المفسدة موجودة في شرب الخمر بنحو اقوى واكد فعندئذ لا محال يحكم العقل بان الشارع حرم شرب الخمر ايضا تطبيقا لكبرى الكلية وهي ان الاحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية من جهة تطبيق هذه الكبرى على هذه الصغرى فالنتيجة هي حرمة شرب الخمر فالحاكم بذلك انما هو العقل باعتبار ان العقل احرز الصغرى والكبرى ثابتة وهي ان الاحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية ولكن هذه الاولوية ثابتة نظريا فقط واما تطبيقيا في الخارج فلا وجود لها والسر في ذلك ان العقل لا طريق له الى ملاكات الاحكام الشرعية وليس باستطاعة العقل ادراك المصالح والمفاسد بالواقع ولا كمية هذه المصالح والمفاسد ولا كيفيتها فلا طريق للعقل الى ادراك المصالح والمفاسد في الاشياء بعناوينها الاولية ولا بالأشياء بعنوان اصالها فلا طريق الى العقل الى ذلك
فاذاً الصغرى غير ثابتة أي ان العقل لا يدرك ان في هذا الشيء مفسدة ملزمة او مصلحة ملزمة فالصغرى غير ثابتة حتى تنطبق عليها الكبرى واما الكبرى فهي ثابتة وهي ان الاحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية فاذا ادرك العقل ان في هذا الشيء مصلحة ملزمة فلا محال يكشف على ان الشارع حكم بوجوبها او ان في هذا الشيء مفسدة ملزمة يكشف على ان الشارع حرم هذا الشيء اما ان ليس للعقل ادراك لذلك ولا طريق له بل اذا فرضنا ان العقل يدرك ان في هذا الشيء مصلحة ملزمة او مفسدة ملزمه او ان في مثل هذا الشيء مصلحة ملزمة بنحو اقوى واكد فاذا فرضنا انه يدرك ذلك الا ان مجرد ذلك لا يمكن ان يكون طريق الى ثبوت الحكم العقلي وطريق الى تطبيق الكبرى بل لابد من ادراك انه لا مزاحم لهذه المصلحة ولا مزاحم لهذه المفسدة لابد من ادراك ذلك ايضا وليس للعقل طريق لذلك ، فاذاً الدليل العقلي انما هو ثابت نظريا فقط واما طريقياً في الخارج فلا وجود له ، ومن هنا يظهر ان الدليل على الاحكام الشرعية منحصر بالكتاب والسنة واما دليل العقل فلا يوجد في مورد من الفقه انه استنبط الحكم الشرعي من دليل العقل واما الاجماع فان كان واصلا الى زمن الائمة عليهم السلام الينا يدا بيد وطبقة بعد طبقة فهو حجة والا فلا اثر للإجماع ايضا ومن الواضح ان الاجماعات المدعات في كلمات الاصحاب فلا يمكن اثبات شيء منها انه وصل الينا من زمن الائمة عليهم السلام يدا بيد وطبقة بعد طبقة ولهذا الاجماع ايضا عديم الفائدة ولا اثر له فاذاً استنباط الاحكام الشرعية في الفقه منحصر بالكتاب والسنة فعمدتها السنة هذا في ما اذا كان مفهوم الموافقة ثابت بالأولوية العرفية ، واما مفهوم الموافقة الثابت بالمساوات فتارة يكون منصوصا كما اذا حرم المولى شرب الخمر وعلل بإسكاره الذي يسمى بمنصوص العلة نهى عن شرب الخمر وعلل انه مسكر فهذا التعليل يدل على ان الحرمة تدور مدار وجود هذا التعليل سعة وضيقا حدوثا و بقاءاً فعندئذ كلما كان مسكر يحكم بحرمته واخرى تكون العلة منقحة يعني ان العقل يستنبط هذه العلة اما على الاول فهو حجة فالعلة اذا كانت منصوصة فهي حجة واما اذا كانت العلة منقحة فلا اثر لها اذ ليس للعقل طريقٌ الى ملاكات الاحكام الشرعية مجرد استحسان العقل لا اثر له مجرد استنباطه بان ملاك الحرمة شرب الخمر هو الاسكار هذا لا يجدي اذ لا يمكن القول بان ملاك شرب الخمر هو الاسكار فقط وليس هنا مفسدة اخرى لا يمكن اثبات ذلك بحكم العقل وباستحسان العقل ، ولهذا العلة المنقحة لا اثر لها ولا تكون حجة هذا كله في المفهوم الموافقة وتعريفه وتفسيره
واما مفهوم المخالفة فقد تقدم الكلام فيه كمفهوم الشرط ومفهوم الوصف ومفهوم الحصر وما شاكل ذلك فقد تقدم ان مفهوم القضية الشرطية على المشهور بين الاصحاب انها تدل على خصوصيةٍ وعلى حيثية بين الجزاء والشرط وهي حيثية كون الشرط علة تامة للجزاء بنحو الانحصار علة تامة منحصرة للجزاء فاذا كان الشرط علة منحصرة للجزاء فبطبيعة الحال ينتفي الجزاء بانتفاء الشرط فان انتفاء المعلول بانتفاء العلة امر قهري وبطبيعة الحال ينتفي الجزاء بانتفاء الشرط ولكن ذكرنا ان هذا التفسير غير صحيح فان القضية الشرطية تدل على ارتباط الجزاء بالشرط والتصاقه به وتفريعه عليه وتعليقه على الشرط سواء اكان الشرط علة ام لم يكن فلا تدل القضية الشرطية على ان الشرط علة فضلا عن كونه علة منحصرة وانما تدل على ان الجزاء مربوط بالشرط وملتصق به ومتفرع ومعلق عليه فمن اجل ذلك تدل على المفهوم ومن هنا قلنا ان دلالة القضية الشرطية على المفهوم انما هي بالوضع لا بأطلاق الثابت بمقدمات الحكمة انما هي بالوضع لا بالإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة على تفصيل تقدم ومن هنا يظهر الفرق بين مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة بوجوه
الوجه الاول ان مفهوم المخالفة نقيض المنطوق فان المنطوق قضية موجبة والمفهوم قضية سالبة فالمفهوم المخالف نقيض المنطوق بينما مفهوم الموافق مماثل للمنطوق
الوجه الثاني ان الموضوع في المنطوق عين الموضوع في المفهوم المخالف فان الموضوع في المفهوم المخالف عين الموضوع في المنطوق في كلتا القضيتين قضية المنطوق المتمثلة في القضية الايجابية قضية المنطوق وهي قضية سالبة فالموضوع فيهما واحد بينما الموضوع في المفهوم الموافق غير الموضوع في المفهوم مثلا الموضوع في المنطوق كما في الآية الكريمة والموضوع في المنطوق الضرب او ما شاكله
الوجه الثالث انه لا واسطة بين الجزاء والشرط وبين المفهوم والمنطوق بين المفهوم المخالف والمنطوق لا واسطة بينهما فان المفهوم نقيض المنطوق ولا تتصور الواسطة بينهما بينما كانت الواسطة موجودة بين مفهوم المخالف وبين المنطوق وهو الملاك فان المفهوم الموافق معلوم ثبوته لثبوت الملاك في موضوعه وليس مرتبط بالمنطوق بنحو المباشر بل بينهما واسطة وهو الملاك هذه هي الفروق بين المفهوم الموافق والمفهوم المخالف .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo