< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/12/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : العام والخاص
الوجه الخامس : التمسك بالآيات والروايات كقوله تعالى (فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) و (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم) وما شاكل ذلك استدلوا بهذه الآيات الكريمة بتقريب انها تدل على وجوب السؤال وتدل على وجوب التفقه ووجوب الفحص في كل شيء لا يعلمه الانسان فاذا لم نعلم ان لهذا العام ليس له مخصص واحتملنا وجود المخصص في الواقع فيجب الفحص ويجب التفقه ولا فرق في ذلك بين الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي والشبهات البدوية
والجواب عن ذلك ان هذه الآيات الشريفة اجنبية عن الدلالة على وجوب الفحص فان مفاد قوله تعالى (فسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) فان ظاهرها ان السؤال واجب وان السائل يرى نفسه مسئولة امام المسألة التي لا يعرف حكمها فاذا كان كذلك يجب عليه السؤال في ما اذا لم يعلم او يجب التفقه والتعلم فالآية الشريفة تدل على كبرى كلية وهي رجوع الجاهل الى العالم فانها ثابتة في جميع العلوم بلا فرق بين علوم الشرع وسائر العلوم وهو امر فطري وثابت وهذا معنى الفحص في الشبهات الحكمية
والجواب عن ذلك ان الآية الشريفة وان كانت تدل على وجوب التعلم والتفقه ولا شبهة في ان وجوب التفقه ووجوب السؤال والتعلم يدل على ان التكليف في الواقع منجز وان الحكم في المسألة منجز والمكلف يرى نفسه مسئولة امام هذه المسألة وان لم يتعلم حكمها فيعاقب على تركها فمن اجل ذلك يجب عليه السؤال والتعلم ومن هنا ذكرنا ان وجوب التعلم وجوبه ارشادي ارشاد الى ان الواقع منجز وان الحكم المرشد اليه منجز ومعاقب على تركه ومخالفته وفي الحقيقة هذه الآية الكريمة ارشاد الى كبرى كلية وهي رجوع الجاهل الى العالم فان هذه الكبرى ثابتة في كل علم وان رجوع الجاهل الى العالم امر موافق للفطرة وهذا مما لا اشكال فيه بحس الكبرى، وانما الكلام في ان المقام هل هو من صغريات هذه الكبرى اي الفحص عن المخصص والمقيد والقرينة على الخلاف هل هو من مصاديق هذه الكبرى ومن صغرياتها
الظاهر انه ليس من صغريات هذه الكبرى لان المجتهد متفقه ومتعلم وهو يعلم بان العام محكوم بالخاص وان الخاص يتقدم على العام وان اصالة العموم محكومة بالخاص واصالة الاطلاق محكومة بالمقيد فان اصالة الظهور محكومة بالقرينة لان القرينة تتقدم على ذيها كما ان المقيد يتقدم على المطلق والخاص على العام كل ذلك فالمجتهد متفقه في ذلك ومتعلم لكل هذه الكبريات وانما الاشكال في الصغرى وهو الفحص عن وجوب المخصص فان كل مسألة اذا كان فيها عام او مطلق او امر ظاهر في الوجوب او نهي ظاهر في الحرمة فعلى المجتهد ان يبحث عن وجود المخصص فهل هو موجود في هذه المسألة حتى يكون حاكم على العام ومقدم عليه واصالة العموم محكومة به او لا يكون وهل هذا الفحص من صغريات هذه الكبرى او انه ليس منها، الظاهر انه ليس من صغرياتها اذ لا يصدق على الفحص عن وجود المخصص عنوان التعلم او التفقه لان المجتهد يعلم بان العام محكوم بالخاص اذا كان موجودا وان الخاص يتقدم عليه غاية الامر ان المجتهد يفحص عن وجود الخاص في المسألة هل هو موجود او ليس موجود فهذا الفحص ليس تفقها زائدا على ما كان المجتهد يعلم به ونظير هذا نظير ما موجودات في الشبهات الحكمية فان الانسان يعلم بحرمة شرب الخمر ولكنه يفحص هل هو موجود هنا او هناك فهذا الفحص ليس تفقه ولا يصدق عليه عنوان التعلم
وعلى هذا فالآية الشريفة تدل على وجوب رجوع الجاهل الى العالم والمفروض انن المجتهد ليس بجاهل فالآية الشريفة لا تدل على وجوب الفحص لا اية السؤال ولا اية التفقه فان محل الكلام في وجوب الفحص فيما اذا علم المجتهد بوجود عام في المسألة او وجود مطلق في المسألة او وجود امر زائد في الوجوب او نهي ظاهر في الحرمة ولكن يفحص عن وجود المخصص هل هو موجود حيث ان المجتهد بانه لا يجوز التمسك باصالة الاطلاق الا بعد الفحص او التمسك باصالة الظهور الا بعد الفحص عن وجود القرينة هذا هو محل الكلام واما الآيات فلا تدل على ذلك ويجب التفقه والتعلم على الجاهل فالآيات اجنبية عن محل الكلام .
واما الروايات فمنها قوله عليه السلام (ان الله تعالى يقول لعبده يوم القيامة هلا عملت فقال ما عملت فيقول له هلا تعلمت حتى تعمل) فان هذه الرواية تدل على وجوب التعلم ومن الواضح ان وجوب التعلم التفقه يدل على ان الحكم في المرتبة السابقة منجز اذ لو لم يكن الحكم في الواقع منجز بمنجز سابق لم يجب عليه التعلم فوجوب التعلم كاشف عن ذلك فهذه الرواية وما شاكلها ايضا لا تشمل المجتهد لانه عالم بالأحكام ولا ينطبق عليه فيقوم بالفحص فان وجد المخصص حكم بتقديمه على العام وان لم يجد و حصل له الوثوق بوجوده فعندئذ يتمسك باصالة العموم وكذلك الحال في اصالة الاطلاق واصالة الظهور هذا هو محل الكلام واما الآيات والروايات فلا تدل على ذلك واجنبية عن محل الكلام
الى هنا قد تبين ان شيئا من الوجوه الخمسة التي استدل بها على وجوب الفحص في الشبهات الحكمية في كل مسألة من المسائل اذا قام المجتهد بالاستنباط فيها، والصحيح في المقام ان يقال ان اصالة العموم واصالة الاطلاق الجامع بينهما اصالة الظهور فحجيتها انما هي بالسيرة القطعية من العقلاء وانما هي ببناء العقلاء على العمل بها وحيث ان سيرة العقلاء دليل لبي فلابد من الاخذ بالمقدار المتيقن منها، وعلى هذا فاذا قام المجتهد في مسألة بعملية الاستنباط وكان في المسألة دليل عام او مطلق او دليل متضمن للإمر الظاهر في الوجوب او النهي الظاهر في الرمة ففي مثل ذلك هل يجوز له التمسك باصالة العموم قبل الفحص اذ لم نحرز قيام سيرة العقلاء على العمل باصالة العموم قبل الفحص او العمل باصالة الاطلاق قبل الفحص والعمل باصالة الظهور قبل الفحص لم نحرز بناء العقلاء وسيرتهم على ذلك فمن اجل ذلك يجب على المجتهد في كل مسألة قام بعملية الاستنباط فلابد من الفحص عن وجود مخصص او مقيد او قرينة على الخلاف هذا هو عنده الدليل على وجوب الفحص على المجتهد في كل مسألة اراد استنباط الحكم الشرعي فيها هذا كله في اصل وجوب الفحص، اما مقدار وجوب الفحص ففي اقوال :-
القول الاول : انه يجب الفحص بمقدار يحصل للمجتهد العلم الوجداني بعدم وجود المخصص او المقيد في المسألة او القرينة على الخلاف ولا يمكن الاعتماد على العلم التعبدي بل لابد من تحصيل العلم الوجداني بذلك
القول الثاني : انه يكفي تحصيل الظن فاذا فحص وحصل له الظن بعدم المخصص او المقيد او القرينة على الخلاف كفى ذلك فلا ينظم عليه اكثر من ذلك
القول الثالث : انه لابد له من تحصيل الاطمئنان والوثوق بعدم وجود المخصص او المقيد او القرينة على الخلاف في المسألة يفحص بمقدار يحصل له الاطمئنان بالعدم
اما القول الاول فلا يمكن الالتزام به لان تحصيل العلم الوجداني فهو غير ممكن فاذا فرضنا انه فحص جميع الابواب من الطهارة الى الديات والروايات الموجودة في هذه الابواب ولم يجد مخصصا او مقيدا ولكن احتمال وجوده في الواقع وانه لم يصل اليه موجود ومع هذا الاحتمال كيف يحصل له العلم الوجداني فهذا القول لا يمكن الالتزام به هذا مضافا الى ان هذا القول اذا كان تحصيل العلم الوجداني واجب في كل مسألة فليس بإمكان اي مجتهد ان يستنبط جميع الاحكام الشرعية اذ لا يفي عمره بذلك فكيف ما كان فهذا القول فلا اساس له
واما القول الثاني فلا دليل على حجية الظن ولا يجوز الاكتفاء به لانه لا يكون حجة، فالمتعين هو القول الثالث فعلى المجتهد ان يفحص الى ان يحصل له الاطمئنان والوثوق بعدم وجود المخصص او المقيد او القرينة على الخلاف فاذا حصل كفى ذلك وهو الصحيح وهذا تام كلامنا في هذه المسألة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo