< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/12/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : التمسك بالعام
كان كلامنا في ان العلم الاجمالي بوجود مخصصات ومقيدات لعمومات الكتاب والسنة ومطلقاتهما الموجودة بين الروايات في الكتب الاربعة هل ينحل هذا العلم الاجمالي الى علم تفصيلي وشك بدوي او لا ينحل ؟ ذكرنا ان المحقق النائيني (قده) ذهب الى عدم انحلال هذا العلم الاجمالي باعتبار ان المعلوم بالاجمال معنون بعنوان خاص وهو عنوان الكتب الاربعة فاذا كان المعلوم بالاجمال معنون بعنوان خاص فلا يقبل الانحلال، ولكن اورد عليه السيد الاستاذ (قده) بالانحلال وان المعلوم بالاجمال وان كان معنون بهذا العنوان الا انه مردد بين الاقل والاكثر فاذا قام المجتهد بالفحص وضفر بالمقدار المتيقن وهو الاقل انحل هذا العلم الاجمالي الى تفصيلي لوجود المخصصات والمقيدات لعمومات الكتاب والسنة ومطلقاتهما واما بالنسبة الى الاكثر فهو مشكوك فيه، ولنا في هذه المسألة عدة جهات :-
الجهة الاولى : ان ما ذكره المحقق النائيني مبني على الخلط ين العنوان المأخوذ في المعلوم بالاجمال بنحو الموضوعية وبنحو القيدية وبين العنوان المأخوذ فيه بعنوان المعرفية فقط، فان كان مأخوذا في المعلوم بالاجمال بعنوان الموضوعية وبعنوان القيدية ويكون العنوان قيد للمعلوم بالاجمال فبطبيعة الحال لا ينحل العلم الاجمالي، واما اذا كان مأخوذا بعنوان المعرفية والمشرية الى الواقع فهو قابل للانحلال والظاهر ما نحن فيه كذلك فان عنوان الكتب الاربعة عنوان معرف ليس من العناوين المأخوذة بنحو القيدية بل هو معرف ومشير الى الروايات التي ذكرها المشايخ في الكتب الاربعة بحسب ابواب الفقه وسماها بالكتب الاربعة وهي مجرد اسم ومن الواضح ان الاسم ليس قيدا للمسمى بل هو معرفا للمسمى وحاكي عنه ومشير اليه وليس قيدا ولا وصفا له، فلابد لنا من التفصيل بينما اذا كان العنوان مأخوذا في المعلوم بالاجمال بنحو الموضوعية والقيدية بان يكون العنوان قيدا مقوما للمعلوم بالاجمال فعندئذ لا يمكن الانحلال كما اذا فرضنا انا نعلم بنجاسة اناء زيد وهو مردد بين الاناء الابيض والاسود ثم علمنا اجمالا بنجاسة الاناء الابيض فهذا العلم التفصيلي لا يوجب انحلال العلم الاجمالي فان الميزان في الانحلال انقلاب العلم من الجامع الى الفرد العلم بالجامع ثابت وهو نجاسة اناء زيد ولا ينقلب منه الى العلم بالفرد والشك البدوي في فرد اخر بل العلم الاجمالي باقي على حاله فلا يوجب انحلاله وهل يجب فيه الاحتياط كما يظهر من المحقق النائيني او لا يجب
فالنتيجة ان ما ذكره المحقق النائيني (قده) مبني على الخلط بين ما يكون العنوان مأخوذ بنحو الموضوعية والقيدية وما اذا كان العنوان مجرد معرف ومشير الى الواقع فاذا كان كذلك فلا اثر له وان العلم الاجمالي ينحل الى علم تفصيلي وشك بدوي كما اذا قام زيد بالفحص وضفر بالمقدار المعلوم بالاجمال وهو المتيقن ينقلب هذا العلم من الجامع الى الفرد الى العلم التفصيلي بالنسبة الى الاقل والشك البدوي بالنسبة الى الاكثر
الجهة الثانية : مع الاغماض عن ذلك وتسليم ان الكتب الاربعة مأخوذ بنحو الموضوعية والقيدية ومع هذا فلا مناص من الالتزام بالانحلال لان هذا العنوان مأخوذ في المعلوم في الاجمال بالذات أي المعلوم بالاجمال في عالم الذهن فان هذا العنوان مأخوذ بالاجمال بالذات وهو المعلوم بالاجمال في عالم الذهن، واما المعلوم بالاجمال في عالم الخارج والمعلوم في الاجمال الموضوعي وهو المعلوم بالاجمال في الخارج فهو غير مقيد بهذا القيد فان هذا العنوان لا وجود له في الخارج فاذاً هذا العنوان مأخوذ قيدا وبنحو الموضوعية والقيدية للمعلوم بالاجمال الذاتي وهو المعلوم بالاجمال في عالم الذهن ولم يكن قيدا ووصفا للمعلوم بالاجمال الموضعي وهو المعلوم بالاجمال في الخارج ومن المعلوم ان الاجمال في الخارج مردد بين الاقل والاكثر فعندئذ لا مناص من الالتزام من الانحلال فان المجتهد اذا قام بالفحص في الكتب الاربعة عن المخصصات والمقيدات لعمومات الكتاب والسنة بمطلقتهما وضفر بالمقدار المعلوم بالاجمال وهو المقدار الاقل فبطبيعة الحال ينحل المعلوم بالاجمال في الخارج الى المعلوم بالتفصيل بالنسبة الى الاقل والمشكوك بالشك البدوي بالنسبة الى الاكثر فعندئذ نعمل بالمخصصات والمقيدات في الاقل ونقيد اطلاقات الكتاب والسنة بها ونخصص عموماتهما بها واما في الزائد نعمل باصالة العموم واصالة الاطلاق ولا يلزم به أي محذور في المقام
فالنتيجة انا لو سلمنا ان عنوان الكتب الاربعة مأخوذ في المعلوم بالاجمال بنحو القيدية والموضوعية فهو انما يكون مأخوذا في المعلوم بالاجمال الذاتي وهو المعلوم في الاجمال في عالم الذهن ولم يكن قيدا للمعلوم للجمال الموضوعي الواقعي وهو المعلوم بالاجمال في الخارج حيث ان المعلوم في الخارج مردد بين الاقل والاكثر وهو قابل للانحلال بالفحص والضفر بالمقدار المتيقن وهو الاقل فاذا ضفر ووجد المخصصات والمقيدات بمقدار الاقل انقلب العلم من الجامع الى الفرد وينحل الى العلم التفصيلي بالمخصصات والمقيدات بالنسبة الى الاقل والشك البدوي بالنسبة الى الاكثر ولا مانع من ذلك ففي موارد الاقل نعمل بالمقيدات والمخصصات وفي موارد الاكثر نعمل باصالة المعلوم او الاطلاق
الجهة الثالثة : ومع الاغماض عن ذلك ايضا وسلمنا ان عنوان الكتب الاربعة كما انه قيد للمعلوم بالاجمال الذاتي وهو المعلوم بالاجمال في عالم الذهن كذلك المعلوم الواقعي قيدا له ايضا، فمع ذلك لا يجب علينا الاحتياط فان العلم الاجمال حين اذ وان لم ينحل الى علم تفصيلي وشك بدوي فاذا قام المجتهد بالفحص عن الروايات الموجودة ي الكتب الاربعة لعمومات الكتاب والسنة وضفر بالمقدار المتيقن الاقل مع ذلك لا ينحل العلم الاجمالي باعتبار ان العلوم بالاجمال معنون بعنوان خاص وهذا العنوان الخاص ايضا معنون وغير قابل للانحلال وان العلم الاجمالي موجود بالمعلوم بالاجمال المعنون بهذا العنوان الخاص ولا ينقلب منه الى العلم بالفرد فالعلم بالجامع موجود ولا ينقلب الى العلم بالفرد وهو لا يزول عن الجامع باعتبار ان الجامع معنون بعنوان خاص وهذا العنوان قيد له ووصف فلا يمكن الانحلال الا انه مع ذلك يجوز للمكلف وللمجتهد ان يعمل بالمقيدات والمخصصات في موارد التي وجدها وضفر بها وعمل بالمقيدات والمخصصات ويقوم بتخصصي عمومات الكتاب والسنة واما في الزائد يرجع الى اصالة العموم واصالة الاطلاق ولا يلزم من ذلك أي محذور فان المانع عن العمل بالأصول العملية او الاصول اللفظية في اطراف العلم الاجمالي انما هو محذور المخالفة القطعية ولا يلزم من ذلك محذور المخالفة القطعية في المقام فان المجتهد اذا عمل بالمخصصات والمقيدات التي ضفر بها بعد الفحص عمل بها فقام بتخصيص عمومات الكتاب والسنة وتقيد مطلقاتهما وعمل باصالة العموم والاطلاق في الزائد على هذه الموارد في موارد الشك البدوي فلا يلزم منه محذور المخالفة القطعية فلا مانع من ذلك ولا يكون هذا العلم الاجمالي مؤثرا ومنجزا ووجود هذا العلم الاجمالي كالعدم ولا اثر له فهو وان كان باقيا ولا ينحل الا ان وجوده كالعدم ولا اثر له .
بقي هنا شيء وهو ان المكلف اذا علم بنجاسة اناء زيد وتردد بين الاناء الشرقي او الغربي او الاناء الاسود او الابيض وفرضنا علمنا تفصيلا بنجاسة الاناء الابيض فالعلم الاجمالي وان كان لا ينحل ولا ينقلب من الجامع الى الفرد ومع ذلك فلا اثر له ولا مانع من الرجوع الى اصالة الطهارة في الاناء الاخر فان المكلف علم بنجاسة الاناء الابيض وهو يجتنب عنه واما بالنسبة الى الاناء الاسود فلا مانع من الرجوع الى اصالة الطهارة فان العلم الاجمالي على القول الصحيح وانه مقتضي للتنجيز وليس علة تامة للتنجيز وهو مقتضي فالعلم الاجمالي تنجيزه متوقف على تعارض الاصول العلمية او اللفظية في اطرافه وتساقطها فعندئذ يكون العلم الاجمالي منجز والمفروض انه لا معارض لإصالة الطهارة في الاناء الاسود فان الاناء الابيض معلوم النجاسة وهو يجتنب عنه واما الاناء الاسود مشكوك النجاسة فلا مانع من الرجوع الى اصالة الطهارة ولا معارض لها، فهذا العلم الاجمالي وان لم ينحل ولكن لا اثر له ومن هنا يظهر ان ما ذكره المحقق النائيني من وجود الاحتياط في المقام لا وجه له بل هو خلاف مسلكه (قده) فان مسلكه ان مسلكه في باب العلم الاجمالي انه يقتضي التنجيز لا انه علة تامة للتنجيز، هذا كله في هذا الوجه ومقتضى هذا الوجه ان وجوب الفحص يدور مدار العلم الاجمالي طالما يكون العلم الاجمالي موجودا يجب على المجتهد الفحص في الشبهات الحكمية واما اذا زال العلم الاجمالي وانتهى فلا موجب للفحص مع ان الامر ليس كذلك فانه يجب على المجتهد ان يفحص عن كل مسألة دخل فيها لإثبات حكم هذه المسألة لابد ان يفحص عنها سواء اكان هناك علم اجمالي ام لم يكن او انحل العلم الاجمالي فوجوب الفحص على المجتهد في كل مسألة في الشبهة الحكمية لا يدور مدار العلم الاجمالي، وهذا كله في هذا الوجه وهو غير تام من هذه الناحية ايضا .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo