< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/11/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : جريان الاستصحاب في العدم الازلي المقدمة الثانية
 فان هذا التفصيل مبني على ان تكون الماهية ازلية فعندئذ لابد من الفرق بين عوارض الوجود الخارجي وبين عوارض الماهية ولكن لا اصل لهذا التفصيل فان الماهية ليست بأزلية حتى على القول بإصالة الماهية فان معنى هذا القول ان الحقائق الخارجية الثابتة في عالم الخارج بشتى انواعها واشكالها ماهيات والوجود منتزع من حدود هذه الماهيات فالماهيات ثابته في هذا العالم أي عالم الكون بكافة انواعها واما على القول بإصالة الوجود فالحقائق الموجودة ثابته بهذا الكون بكافة انواعها فهي وجودات خارجية والماهية منتزعة من حدودها كماهية الانسان وماهية الجنس وماهية الفصل وهكذا فان هذه الماهيات منتزعة من حدود الوجود فهي امر انتزاعي ولا وجود لها الا منشئ انتزاعها ، فعلى كلا القولين في المسألة فالماهية ليست بازليه فهي كالوجود فأنها ليس بازليه اما لأنها حقائق ثابته في الكون او انها امور انتزاعيه منتزعة من حدود الوجود ومن هنا لا يمكن ان يتصور عالم وراء هذا العالم ولا يمكن اثباته لا بالوجدان ولا بالبرهان الذي هو ثابت هو بالوجدان والبرهان هو عالم الخارج وعالم الذهن فقط
 اما ما وراء ذلك كاللوح الواقع الذي هو اوسع من لوح الوجود فلا يمكن لنا اثباته لا بالبرهان ولا بالوجدان كما ذكر الفلاسفة عوالم اخرى ايضا لا يمكن اثباتها كعالم العقول وعالم النفوس وعالم المثل فان هذه العوالم كلها خيالية لا واقع موضوعي لها اما التزام الفلاسفة بهذه العوالم من جهة انه وقع في عويصة ولابد من التخلص منها بالالتزام بعوالم العقول فانهم يرون ان ذاته تعالى وتقدس علة تامة للأشياء ولا يتصور النقص فيها وحيث ان مبدأ التناسب الذاتي ومبدأ السنخيه بين المعلول والعلة من المبادي الضرورية لان المعلول من مراتب وجود العلة لكن المراتب الضعيفة وليس اجنبي عن العلة كالحرارة فأنها من مراتب النار وليست اجنبية عن النار فمن اجل ذلك يرى انه لا تناسب ذاتا بين ذاته تعالى وتقدس وبين عالم الكون فان عالم الكون حادث ومتغير فكيف يعقل ان يكون معلول لذاته تعالى وتقدس فمن اجل ذلك التزم بالعقول العشرة الطولية والعرضية والمثل الاعلى ومن هنا تكون هذه العوالم كلها خيالية ولا واقع موضوعي لها اما مسالة التحسين والتقبيح العقليين فمضافا الى ان الاقوال فيها ثلاثة وان الحسن القبح هل هما من المجعولات العقلائية كما ذهب اليه جماعة من المحققين منهم المحقق الاصفهاني قدس سره ، او ان الحسن عبارة الاستحقاق الفاعل المدح والقبح عبارة عن استحقاق الفاعل الذم وليس شيء اخر او ان الحسن والقبح امر واقعي ثابت في الواقع أي في عالم اللوح الذي هو اعم من عالم الوجود واوسع منه وعمدة الدليل على ذلك انه فرق بين الحسن والقبح وبين عوارض الوجود كالبياض والسواد ونحوهما فان البياض لا يمكن عوارضه الا على جسم موجود في الخارج وكذلك البياض وجميع الاعراض كذلك فأنها انما تعرض على الجسم الموجود في الخارج بينما الامر في الحسن والقبح ليس كذلك الحسن سواء كان موجودا في الخارج او لا الظلم قبيح سواء كان موجودا في الخارج او لا
  فاذا لا محال ان يكون موجودا في لوح الواقع الذي هو اوسع من لوح الوجود ولكن لا يمكن الاستدلال بذلك فان قولنا العدل حسن يكون العدل مأخوذ بنحو المعرفية والمشيريه الى واقعه الخارجي فان الحسن انما هو واقع العدل أي وجود العدل في الخارج فانه حسن في الخارج لا مفهوم العدل فان مفهوم العدل ليس بحسن الحسن انما هو واقع العدل وكذلك الظلم واقع الظلم قبيح ووجوده في الخارج قبيح واخذ الظلم انما هو بعنوان المعرفية والمشيرية الى واقعه كما هو الحال الى جميع القضايا الحقيقية فان الموضوع مأخوذ بنحو المعرفية والمشيرية الى واقعه والحكم انما هو ثابت للواقع لا للمفاهيم وتمام الكلام في ذلك يأتي في بحث التجري انشاء الله وكيف ما كان فالماهية ليست بازليه ولا يمكن الالتزام على انها ازلية
 الى هنا قد تبين انه لا وجه لهذا التفصيل بين عوارض الوجود وعوارض الماهية ثم ان للسيد الحكيم قدس سره في المستمسك كلاما وحاصله ان الكرية ليست من عوارض وجود الماء في الخارج بل هي نحو سعه في مرتبة الماهية فان الكرية نحو سعة الكرية في الماء [1] ، ومن هنا لا يصح ان يشير الى كر من الماء ويقول ان هذا قبل وجوده في الخارج ليس بكر لنحو السالبة بانتفاء الموضوع في الازل لا يصح ان يقال ان يشير الى كر من الماء يقول ان هذا قبل وجوده في الخارج ليس بكر في الازل بنحو السالبة بانتفاء الموضوع ويشك في بقائه فيستصحب بقائه وعدم انقلابه الى الوجود في الخارج فمن اجل ذلك لا يجري الاستصحاب فيه لعدم تصور الحالة السابقة فيه فان الكرية نحو سعة في مرتبة الماهية والماهية ازلية اما ثابته او غير ثابتة فلا يتصور ان تكون الماهية في الازل ويشك في كريتها هذا غير متصور ومن هذا القبيل مراتب الاعداد فاذا فرضنا ان عشرة من الرجال او عشرة من العلماء يشير الى عشرة من العلماء ويقول هؤلاء قبل وجودهم ليس متصفون بالعشرة ثم يشك في بقاء عدم اتصافهم بالعشرة الى عالم الوجود فيستصحب عدم بقائه فهذا غير صحيح فان لا يتصور عدم اتصافهم بالعشرة لان العشرة حالة عرضية لسعة الماهية وليست من عوارض الوجود حتى يجري فيه الاستصحاب بل هي نحو سعة في مرتبة الماهية والماهية ازلية ، هكذا ذكره قدس سره بالمستمسك والجواب عن ذلك
 اولا : ان هذا التصور من الكريه غير واقعي فان الكريه حالة عرضية على اجزاء الماء في الخارج على وحداته التي يتصل بعضها ببعضها الاخر وينضم بعضها الى بعضها الاخر ويشكل وحدة عرفيتا في الخارج ويكون امتداد هذه الوحدة العرفية ثلاثة اشبار في ثلاثة اشبار بشبر ادنا فردا متعارف او ثلاثة ونصف شبر في ثلاثة ونصف شبر بأدنى شبرا متعارف الكريه حالة عرضية على هذه الوحدات من المياه وهذه الاجزاء من الماء في الخارج بعد اتصال بعضها مع بعضها الاخر فان الاتصال مساوق للوحدة وبالاتصال يشكل وحدة عرفية وامتداها ثلاثة اشبار ونصف في ثلاثة اشبار او ثلاثة اشبار ونصف في ثلاثة اشبار ونصف على اختلاف في تحديد الكر ، فاذا ليست الكرية من نحو سعة في الماهية بل الكرية من عوارض الوجود حالة عرضية تعرض على اجزاء من الماء ووحداته بعد اتصال بعضها مع بعضها الاخر ويشكل وحدة عرفيه مكعبه ثلاثة واربعين شبرا الا ثمن شبر او سبعة وعشرين شبرا على الاختلاف في المسالة فما ذكره قدس سره من ان الكرية نحو سعة في الماهية وحيث ان الماهية ازلية فمن اجل ذلك لا يجري استصحاب العدم الازلي ليس الامر كذلك بل الكريه حالة عرضية تعرض على اجزاء الماء في الخارج فعندئذ لا مانع من جريان الاستصحاب فان هذه الوحدات من الماء قبل وجوده لم تكن متصفه بالكريه ولم تكن موجوده كلاهما مسبوق بالعدم ثم وجدت هذه الوحدات متصلة بعضها مع بعضها الاخر ويشكل وحدة عرفيه ويشك في اتصافها بالكرية فلا مانع من استصحاب اتصالها بالكريه وبهذا الاستصحاب يثبت انه ماء ولم يكن كرا اما انه ماء بالوجدان وليس كر بالاستصحاب فاذا يثبت موضوع انفعاله بملاقات النجس فعندئذ لا مانع من جريان الاستصحاب وكذا الحال في مراتب الاعداد فان العشرة حالة عرضية لأحاد من الاعداد المحددة فاذا وصلت هذه الاحاد الى هذا الحد تعرض عليه عنوان العشرة وهكذا سائر المراتب فعندئذ لا مانع من جريان الاستصحاب في الاعدام الازلية في مرات الاعداد فالنتيجة ان العشرة من عوارض الوجود لا انها نحو سعة في الماهية والكريه من عوارض الوجود وليس نحو سعة في مرتبة الماهية
 ثانيا : ما تقدم من انه ليس للماهية عوارض انما العوارض للوجود وليس للماهية عوارض ولا انها ازلية فليس للماهية عوارض ولا ان الماهية ازلية هذا مضافا الى ان لو سلمنا ان الماهية ازلية فهل هي واجبة او ممكنة ولا ثالث لهما فان قلنا بوجوبها فلا يمكن الالتزام به كأنها مستغنيه عن العلة وهي واجبة ولا يمكن القول به ، واذا قلنا بإمكانها فبطبيعة الحال ليس ازلية بل هي مسبوقة بالعدم فمن اجل ذلك لا يتصور ان تكون الماهية ازلية وثابته في الازل وفي لوح الواقع الذي هو اوسع من لوح الوجود هذا مضافا الى تصور هذا العالم في نفسه غير واقعي ولا يمكن اثباته لا بالوجدان ولا بالبرهان


[1] مستمسك العروة الوثقى السيد الحكيم ج1 ص166

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo