< قائمة الدروس

الموضوع:العام والخاص –المسالة الثالثة –التمسك بالعام في الشبهات الموضوعية .

 

أما الكلام في المسالة الثالثة وهي ان الشك في الحكم ناشئ من الشبهة الموضوعية فيقع الكلام في جواز التمسك بالعام عند الشك فيها ، المعروف بين الأصوليين عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وهذا هو الصحيح ويقع الكلام في مقامين الأول إذا كان المخصص متصلا والثاني إذا كان المخصص منفصلا

المقام الأول : تارة يكون المخصص المتصل من قبيل الوصف كقولنا اكرم كل عالم عادل وأخرى من قبيل الاستثناء كقولنا اكرم كل العلماء إلا الفساق منهم وثالثة بجملة مستقلة كقولنا اكرم كل عالم ثم قال بلا فصل لاتكرم العالم الفاسق إما على الأول فلا يتصور فيه التخصيص والتضييق فمن الأول مفهوم واحد من مرحلة التصور إلى مرحلة التصديق فأداة العموم تدل على عموم واستيعاب إفراد مدخولها سواء كلن مطاقا أو مقيدا تصورا وتصديقا بلحاظ الإرادة الاستعمالية وبلحاظ الإرادة الجدية ،إذن ظهور واحد والظهور المستقر هو موضوع الحجية ففي مثل ذلك أذا شككنا في عالم انه انه عادل أو فاسق فالشك في مصداق موضوع العام فلايمكن التمسك بأصالة العموم لاثبات انه عادل لان أصالة العموم لاتكون ناضرة إلى أثبات الموضوع وإنما تكون ناضرة إلى إثبات الحكم عند الشك فيه كما سوف نبين ، ففي هذا الفرض ليس هنا مفهومان احدهما العام والأخر خاص بل مفهوم واحد وظهور واحد .

وإما إذا كان المخصص المتصل بالاستثناء فجملة المستثنى منه حيث أنها جملة تامة فأداة العموم الداخلة عليها تدل على عموم إفرادها تصورا وتصديقا بلحاظ الإرادة الاستعمالية وإما الاستثناء فهو يدل على إخراج المستثنى من المستثنى منه تصورا وتصديقا بلحظ الإرادة الاستعمالية ولهما مفهوم ثالث ناشئ من السياق وهو الظهور السياقي من مرحلة التصور إلى مرحلة التصديق وإما الطهوران ظهور المستثنى وجملة المستثنى فهما مندمجان في الظهور الثالث ومند كان فيه فالموجود هو الظهور الثالث وهو مستقر وموضوع للآثار الشرعية والعرفية ومنها الحجية وعلى هذا فإذا شككنا في عالم انه فاسق أو عادل فلايمكن التمسك بأصالة العموم لان موضوع العام مقيد بالعلم الذي لايكون فاسقا فموضوع العام في مرحلة الإرادة الجدية مقيد بالعالم الذي لايكون فاسقا فإذا شككنا في عالم انه فاسق أو عادل فالموضوع غير محرز فلا يمكن التمسك بأصالة العموم لان هذه الأصالة لاتثبت الموضوع وإنما تثبت الحكم عند الشك فيه والنكتة فيه إن الظهور الثالث وهو الظهور السياقي فهو قضية حقيقية والحكم في القضية الحقيقية مجعول للموضوع المقدر وجوده في الخارج ولهذا ترجع القضية الحقيقية إلى قضية شرطية مقدمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت الحكم فالحكم ثابت على تقدير وجود الموضوع والقضية لاتدل على أن الموضوع ثابت وإنما هي تدل على ثبوت الحكم على تقدير ثبوت موضوعه إما أن موضوعه ثابت أو غير ثابت فالقضية ساكتة عن ذلك وأصالة العموم إنما هي تثبت الحكم فقط فإذا شككنا في وجوب إكرام فرد من أفراد العلماء فلو فرضنا إن المولى قال اكرم كل عالم وشككنا في وجوب إكرام فرد من العلماء فلامانع من التمسك بأصالة العموم لاثبات وجوبه وأما إذا شككنا في موضوع العام وان موضوعه ثابت آو غير ثابت فإذا كان مقيدا بالعالم الذي لايكون فاسقا فإذا شككنا في عالم فلايمكن التمسك بأصالة العموم لان هذه الأصالة لاتنظر إلى إثبات الموضوع ولا إلى نفيه فهي تدل على ثبوت الحكم على تقدير ثبوت الموضوع إلا إن هذا التقدير ثابت أو ليس ثابت فهي ساكتة عن ذلك فمن اجل ذلك لايجوز التمسك بالعام في الشبهة الموضوعية لاثبات الموضوع ، وكذلك الحال إذا كان المخصص جملة مستقلة على ماقويناه سابقا من إن لهما ظهورا ثالثا وهو الظهور السياقي وأما ظهور كل من الجملتين فهو نندك في الظهور الثالث فالموجود في القضية إنما هو الظهور الثالث وهو مستقر وموضوع للحجية والمفروض إن موضوع الظهور هو العالم الذي لايكون فاسقا فالموضوع مقيد فإذا شككنا في عالم فالموضوع غير محرز فلايمكن التمسك بأصالة العموم لأنها لاتثبت الموضوع ولا تنظر إليه وإنما تنظر إلى الحكم فقط على تقدير ثبوت الموضوع .

المقام الثاني : أما إذا كان المخصص منفصلا فهل يجوز التمسك بأصالة العموم إذا كان الشك في تحقق الموضوع ؟ فيه أقوال

الأول :الجواز مطلقا . الثاني : عدم الجواز مطلقا . الثالث : التفصيل وهنا ثلاث تفصيلات وسوف يأتي الكلام فيها .

القول الأول : فذهب إليه جماعة منهم صاحب العروة قد يرى جواز التمسك بالعام في الشبهات الموضوعية وتقريب هذا القول انه إذا صدر من المولى اكرم كل عالم فهذا الكلام يدل على وجوب إكرام جميع العلماء كل فرد منهم عادلا أو فاسقا نحويا كان أو صرفيا ...... ثم ورد من المولى لاتكرم العالم الفاسق فالمخصص المنفصل لايمنع من ظهور العام في العموم لافي مرحلة التصور ولا في مرحلة التصديق بلحظ الإرادة الاستعمالية ولابلحاظ الإرادة الجدية النهائية فالظهور قد انعقد وإنما يمنع عن حجية الظهور في مرحلة الجد فهذا الظهور في المراد الجدي ليس بحجة في أفراد العالم الفاسق وعلى هذا فإذا شككنا في عالم فلايمكن التمسك بإطلاق دليل المخصص لان دليل المخصص مشروط بالعلم بالفسق ولاعلم لنا بفسق هذا العالم وفسقه مشكوك وعلى هذا لامانع من التمسك بأصالة العموم فان عموم العام يشمل جميع أفراد العالم سواء كان عادلا أم كان فاسقا والخارج منه العالم الفاسق والمفروض انه لايمكن التمسك بإطلاق المخصص لان موضوعه مشروط بالعلم بالفسق فطالما لم يعلم المكلف بفسق هذا العالم فلا مانع من الرجوع إلى أصالة العموم ومقتضاها وجوب إكرامه لأنه من أفراد العام والعام يشمل جميع أفراد العالم وان كان فاسقا في الواقع ،هذا غاية مايمكن في تقريب هذا القول .

وهذا التقريب وان كان له صورة إلا انه لاواقع موضوعي لها فان المخصص المنفصل بملاك انه قرينة للعام لبيان مراد المولى من العام وقد تقدم أن القرينة تحدد موضوع العام وتدل على أن موضوع العام مقيد بان لايكون فاسقا فإذا ورد في الدليل اكرم كل عالم ثم ورد من المولى لاتكرم العالم الفاسق وحيث أن الخاص قرينة بنظر العرف فهو يقيد مراد المولى من العام بان لايكون فاسقا فالموضوع مقيد بهذا القيد (العالم الذي لايكون فاسقا ) فوجوب الإكرام في الواقع ومقام الثبوت مجعول للعالم الذي لايكون فاسقا وأما العالم الفاسق فهو خارج ولايكون وجوب الإكرام مجعول له وعندئذ بطبيعة الحال أذا شككنا في عالم انه عادل أو فاسق فكما لايمكن التمسك بأصالة العموم للشك في الموضوع كذلك لايمكن التمسك بأصالة الإطلاق في طرف الخاص ،

ودعوى أن موضوع الخاص مقيد بالعلم بالفسق لااساس لها فإنها وان كانت ممكنة إلا إن هذا التقييد بحاجة إلى دليل ولا دليل عليه فكما أن موضوع العام مقيد بعدم كونه فاسقا في الواقع فكذلك الخاص علم بفسقه أم لم يعلم فالعلم غير مأخوذ ولا دليل على انه مقيد بالعلم فإذا كما لايمكن التمسك بإطلاق الخاص لإثبات انه لم يكن فاسقا كذلك لايمكن التمسك بإطلاق العام لاثبات انه عادل لما ذكرنا من أن العام لايمكن أن يكون ناضرا إلى ثبوت موضوعه إذن أصالة العموم شانها إثبات الحكم للموضوع الموجود في الخارج إذا شككنا في ثبوت حكم العام له ،وأما إذا كان الشك في انه موضوع للعام آو ليس بموضوع مصداق لموضوع العام أو ليس بمصداق فلايمكن التمسك بأصالة العموم لأنها لاتكون ناظرة إلى موضوع الحكم لانفيا ولااثباتا وإنما هي ناضرة إلى الحكم فقط .

وبكلمةان المخصص إذا كان منفصلا فلا يخلو إما أن يكون مقيدا لموضوع العام أولا بان يبقى مطلقا والثاني غير ممكن فان المخصص المنفصل إذا لم يكن مقيدا لموضوع العام ويقع التعارض بينه وبين العام ولايمكن اجتماع المصلحة مع المفسدة في أفراد الفاسق فالعام مطلق والخاص أيضا مطلق فيلزم التضاد بين المصلحة والمفسدة في أفراد الفاسق وهو غير ممكن فمن اجل ذلك لامناص من كون الخاص المنفصل بإطلاق موضوع العام وموضوع العام مقيدا بعدم عنوان الخاص فإذا كان الخاص العالم الفاسق فموضوع العام مقيدا بعدم كونه فاسقا فإذا كان العام مقيدا فإذا شككنا انه فاسق أو عادل فلم يكون الموضوع محرزا ولايمكن التمسك بأصالة العموم لأنها تدل على ثبوت الحكم على تقدير ثبوت الموضوع أما إن هذا التقدير ثابت أو ليس بثابت فأصالة العموم غير ناضرة إليه لانفيا ولااثباتا فالنتيجة لايمكن التمسك بالعام في الشبهات الموضوعية ، ثم إن للمحقق العراقي كلاما نتكلم فيه .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo