< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/01/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : النهي التنزيهي
 لا شبهة في جعل الحكم من قبل الشارع لا يكون جزاء والامر هذا غير ممكن فلا محال يكون الجامع مبني على نكته تبرء هذا الجامع وعلى هذا فجانب من الواجبات المشروطة لأفراد الواجب لا يمكن ان يكون جزاء فلا محال اما ان يكون مبني على جامع مفردات الامر او يكون مبني مركز لحق الطاعة فاذا لا بد ان يكون جانب وجوبات المشروطة لأفراد الواجب مبني على احد فردين اما بإبراز ملاكاتها او بغرض جعلها مركز لحق الطاعة والإدانة ولكن كلا الامرين غير ممكن :
 اما الامر الاول : لان الواجبات المشروطة جميعا ترجع الى وجوب واحد حقيقة وروحا وملاكا وذلك لان المكلف اذا اتى بفرد من الخارج سقط وجوب سائر الافراد ومن اجل ذلك مرجع جميع هذه الو جوبات حقيقة وروحا وملاك الى وجوب واحد وهو متعلق بالجامع وهو كاشف عن وجود ملاك في الجامع ومبرز له فاذا في الحقيقة المجعول هو وجوب واحد روحا وملاكا وهو متعلق بالجامع وكاشف لوجود الملاك فيه ومبرز له ، واما جعل الوجوبات المتعددة بأنحاء من الو جوبات المشروطة لأفراد الواجب فلا يمكن ان يكون فيها غرض في فرد الملاك لكل واحد منها يستلزم انقلاب الو جوبات المشروطة الى وجوبات مطلقة وهذا خلف ولا يمكن الارتضاء به فان هذه الوجوبات وجوبات مشروطة فاذا كان لكل واحد له ملاك فعند اذ تنقلب الى الوجوبات المطلقة وهذا خلف الفرض فمن اجل ذلك لا يمكن ان يكون جامع بين الوجوبات لعدم ملاكات هذه الوجوبات وعدم الروح لهذه الوجوبات
 الامر الثاني : لان هذه الوجوبات لا ترجع الى وجوب واحد روحا وملاكا وهذا الوجوب الواحد هو مركز حق الطاعة والادانة وهو متعلق بالجامع فان وجوب المتعلق والجامع هو مركز لحق الطاعة والإدانة دون الوجوبات المشروطة بأفراده لعدم الملاك لها فالوجوب اذا لم يكن له ملاك فلا يصلح ان يكون مركز لحق الطاعة والادانة فالوجوب الذي يصلح ان يكون مركزا لحق الطاعة والإدانة هو الوجوب الذي له ملاك فانه وجوب حقيقي وله روح وملاك فجعل الوجوبات المشروطة وان كان ممكن الا انه ليس محال ولكن في مقام الثبات لا يمكن لأنه لغوا فجعلها في مقام الاثبات لغوا لا يمكن وقوعه فاذا امكان جعلها بمقام الثبوت اذا تم لا مانع منه لكن في مقام الاثبات لا يمكن وقوعها في الخارج واما السراية في مرحلة المبادي فلا يمكن ثبوتها بالبرهان اما في الوجدان فيمكن اثباتها اذا كان الوجدان ارتكازي ثابت في اعماق النفس فطرة وجبلة فان هذا الوجدان يكون حجة ومثل هذا الوجدان غير موجود بل عدم السراية هو المطابق للوجدان فان السراية في مقصدة المبادي اذا كانت ثابته فهي تستلزم السراية في مرحلة الجامع اذ لا يمكن ان تكون المساحة المتوقعة في الطبيعي تسري في الخارج بأنحاء من الارادة المتعلقة بالطبيعي تسري الى افراده بالخارج بنحو من الانحاء المشروطة لكنها لا تسري لأنها تابعة للإرادة والحب لهذا السراية في مرحلة المبادي تستلزم السراية في مرحلة الجعل ولا يمكن التفكيك بينهما والمفروض ان السراية في مرحلة الجعل على خلاف الوجدان فإذا السراية لا تثبت لا في مرحلة الجعل ولا في مرحلة المبادي ، الى هنا تبين ما ذكره السيد الاستاذ من التفسير في النهي التنزيهي المتعلق بحصة خاصة من العبادة لا يمكن المساعدة عليه وهذا تمام كلامنا في الركيزة الاولى
 اما الركيزة الثانية : وهي ان الحصة من العبادات المنهي عنها بالنهي التحريمي النفسي مكروهة للمولى كما اذا نهى المولى عن الصلاة في الارض المغصوبة او النهي عن الصلاة في الفضاء المغصوب فان هذه الصلاة من جهة المتعلق بالنهي التحريمي مبغوضه من المولى فاذا كانت مبغوضه فلا يمكن التصرف بها فمن اجل ذلك الحكم بالفساد والبطلان وهذه الركيزة مختصة بالواجبات العبادية ولا تشمل الواجبات التفصيلية وبكلمة ان النهي التحريمي اذا تعلق بحصة خاصة من العبادات فلا محال يوجب تقيد العبادة في غير هذه الحصة لان هذه الحصة مبغوضة فلا يمكن انطباق المحبوب على المبغوض والمراد على المكروه والمشتمل على المصلحة الملزمة على المشتمل على المفسدة الملزمة فاذا لا يمكن التقرب بالصلاة بالإتيان بهذه الحصة ومن اجل ذلك يحكم بالفساد
 ومن هنا يعتبر بصحة العبادة عنصران : الاول ان يكون الفعل المأمور به في نفسه محبوب ، الثاني ان يكون الاتيان به بداعي الاهي لا بداعي اخر ، هذان العنصران مقومان للعبادة وبانتفاء احدهما تنتفي العبادة فاذا المعتبر هذان العنصران ان يكون الفعل محبوب في نفسه ويكون الاتيان به بداعي الاهي الاتيان به لله تعالى لا لغيره لا منفردا ولا منضم هذا هو المعتبر في صحة العبادة
 ثم ان بعض المحققين قدس سره : قد قسم النهي الى اقسام متعددة :- القسم الاول النهي النفسي خطابا وملاكا ، القسم الثاني : النهي النفسي خطابا لا ملاكا ، القسم الثالث : الخطاب الغيري خطابا وملاكا وهكذا ، ثم فصل قدس سره بين الاول والثاني والتزم بفساد النهي لان النهي اذا كان نفسي خطابا وملاكا فهو يقتضي فساد العبادة دون النهي في سائر الانحاء ، ومقصودة قدس سره من النهي النفسي خطابا وملاكا هو تعلق النهي بالمفسدة بذاتها وبعنوانها لا ان المفسدة مترتبة على متعلق النهي لا بالفعل الذي تترتب عليه المفسدة والامر تعلق بذات المصلحة في مقام هذا النهي والامر تعلق بذات المصلحة وعنوانها لا انها مترتبة على متعلق الامر فاذا كان متعلق النهي بنفسه مفسدة فلا تكون مصلحة لاستحالة ان يكون شيء واحد مفسدة ومصلحة معا وهذا مستحيل فاذا كانت مفسدة مبغوضة فلا محال تكون فاسدة مثلا النهي عن الصلاة في الارض المغصوبة تعلق بمفسدتها لا بالصلاة في مقابل الامر الذي تعلق بمصلحة الصلاة لا بنفس طبيعي الصلاة فاذا تعلق الامر بمفسدة الصلاة فلا تكون المفسدة مصلحة لاستحالة ان يكون شيء واحد مفسدة ومصلحة معا فاذا كان متعلق النهي مفسدة مبغوضة فلا محال تكون فاسدة ولا يمكن القول بالصحة ، واما اذا كان متعلق النهي فعل المكلف والمفسدة مترتبة عليه النهي تعلق بالصلاة في الارض المغصوبة والمفسدة مترتبة عليها فالأمر متعلق بطبيعي الصلاة والمصلحة مترتبة عليه فاذا كان متعلق النهي الصلاة والمفسدة مترتبة عليه فلا يمكن الحكم بفساد العبادة وعدم اجزائها لان ما ترتب عليه المفسدة لا يستحيل ان تترتب عليه المصلحة ايضا بان تكون المصلحة والمفسدة كلاهما مترتبة على فعل واحد كما هو الحال في كثير من الافعال الخارجية فان المصلحة والمفسدة كلاهما مترتبة على فعل واحد اذا فلا مانع من ترتب المصلحة على ما تترتب عليه المفسدة كلتاهما معا مترتبة على فعل واحد ومن اجل ذلك فلا يقتضي النهي المتعلق بالصلاة التي تترتب عليها المفسدة فلا مانع من ان تترتب عليها المصلحة ايضا فاذا لا يمكن الحكم بفسادها وبعدم اجزائها
 هكذا ذكر قدس سره على ما في تقرير بحثه وللمناقشة فيه مجال :
 اولا لان ما ذكره قدس سره مجرد افتراض ولا يوجد في ابواب العبادات نهي متعلق بذات المفسدة والامر متعلق بذات المصلحة وان امكن ذلك في الافعال الخارجية العرفية اما في الافعال العبادية في ابواب العبادات لا يوجد امر متعلق بنفس المصلحة والنهي متعلق بنفس المصلحة نعم الامر تعلق بالأيمان بالله وهو نفس المصلحة لا ان المصلحة مترتبة على الايمان بالله تعالى وكذا النهي على الشرك والشرك نفسه مفسدة والنهي مترتب عليه لا ان المفسدة مترتبة عليه الا ان هذا النهي ليس امر شرعي وهذا الامر ليس امر شرعي فاذا فرق ان النهي تعلق بذات المفسدة فالأمر تعلق بذات المصلحة فذلك مجرد افتراض لا واقع له في ابواب العبادات والمعاملات فخارج عن محل البحث فان محل البحث هو في ما اذا تعلق الامر في طبيعي الصلاة والنهي تعلق بحصة خاصة من العبادة فهل هذا النهي يوجب تقيد اطلاق دليل العبادة بغير هذه الحصة او لا يمكن ذلك فانه جرى فان اوجب هذا التقيد فلا بد من الحكم بالفساد وان لم يوجب هذا التقيد فلا يمكن الحكم بالفساد فما ذكره قدس سره من ان الهي تعلق بذات المفسدة والامر تعلق بذات المصلحة فهذا مجرد افتراض وليس محل للكلام
 ثانيا : ما ذكره قدس سره من انه لا مانع من ترتب المصلحة والمفسدة على فعل واحد فلا مانع من ذلك في الافعال الخارجية المصلحة والمفسدة قد تترتبان على فعل واحد ، فلا يمكن المساعدة عليه اذ لا يمكن ترتب المصلحة الملزمة والمفسدة الملزمة على فعل واحد فان المصلحة الملزمة اذا كانت في فعل يرضا يقع رضى المولى على ايجابه وحبه فاذا كان الفعل مشتمله على مفسدة ملزمة يقع امر المولى الى جعل الحرمة له وبغضه فمن الواضح انه لا يمكن ان يكون فعل واحد مبغوض ومحبوب معا ومكروها ومرادا معا فان اشتمال امر واحد على المفسدة والمصلحة الملزمتين تستلزمان المحبوبية والمبغوضية فالفعل اذا كان مشتمل على مصلحة ملزمه فهي تستلزم ارادته وحبه من المولى واذا كانت مشتمله على مفسدة ملزمة فهي تستلزم كراهة هذا الفعل وتستلزم بغضه ومن الواضح لا يمكن اجتماع الحب والبغض في شيء واحد
 واما في الافعال الخارجية فيمكن ترتب المصلحة عليه من جهة والمفسدة عليه من جهة اخرى والحب عليه من جهة والبغض عليه من جهة اخرى لكن لابد من فرض جهة تقييدية ولا يمكن فرض جهة تعليقيه فان الحب والبغض النفساني لا يمكن اجتماعهما في شيء واحد فلا يمكن لشيء واحد ان يكون مبغوض ومحبوب من جهة واحدة نعم يمكن ان يكون من جهتين لكن بشرط ان يكون من جهتين تقييديتين لا تعليليتين
 الى هنا قد تبين ان النهي النفيسي اذا تعلق بحصة خاصة من العبادة فيوجب تقيد العبادة بغير هذه الحصة بان هذه الحصة مبغوضة للمولى ولا يمكن انطباق المحبوب على المبغوض ولكن هل هذا التقيد تقيد عقلي او انه تقيد شرعي ........

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo