< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/07/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

كان كلامنا في المشتري ، فان المشتري تارة يشك في ان شراءه قبل تعلق الزكاة بالنصاب او قبل حلول الحول عليه[1] او ان شراءه بعد تعلق الزكاة بالنصاب او بعد حلول الحول حتى تكون زكاته على البايع ففي هذا الفرض ايضا توجد صور.

الصورة الاولى:- ان يكون كلا الحادثين مجهول التاريخ ، فكما ان تاريخ الشراء مجهول فتاريخ التعلق ايضا مجهول ، ولا يعلم ان الشراء قبل التعلق او بعده.

الصورة الثانية:- ان يكون تاريخ الشراء معلوم فان الشراء يوم الخميس ولكن تاريخ تعلق الزكاة بالنصاب او حلول الحول عليه مجهول ولا ندري ان تعلق الزكاة بالنصاب ايضا يوم الخميس او يوم الجمعة.

الصورة الثالثة:- عكس الصورة الثانية ، أي ان تاريخ تعلق الزكاة بالنصاب معلوم فان الزكاة تعلقت بالنصاب يوم الخميس ولكن تاريخ الشراء مجهول فلا ندري ان الشراء وقع في يوم الخميس ام في يوم الجمعة.

والكلام يقع تارة في الكبرى ، واخرى في الصغرى ، وتطبيق الكبرى على الصغرى.

اما الكلام في الكبرى.

الصورة الاولى:- فتوجد اقوال وآراء.

الرأي الاول:- وهو المشهور بين الاصحاب (رضوان الله عليهم) وقد اختاره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) وهو ان الاستصحاب في مجهولي التاريخ متعارض ، فان الاستصحاب في كل منهما يعارض الاستصحاب في الآخر ، أي استصحاب عدم الشراء الى زمان التعلق يعارض استصحاب عدم التعلق الى زمان الشراء ، فهذان الاستصحابان متعارضان فيسقطان من جهة المعارضة ، فالمرجع الاصول الاخرى ، كما اذا علم ان المورث قد مات ولكن لا يدري ان موته قبل اسلام الوارث او بعد اسلامه ، فان كان قبل اسلام الوارث فلا يرث منه وان كان بعد اسلام الوارث فانه يرث منه ، فتاريخ كليهما مجهول فاستصحاب عدم موت المورث الى زمان اسلام الوارث اذا جرى يترتب عليه اثر واستصحاب عدم اسلام الوارث الى زمان موت المورث اذا جرى يترتب عليه اثر فيتعارضان فيسقطان من جهة المعارضة فالمرجع حينئذ الاصول الاخرى.

الرأي الثاني:- ما ذكره المحقق الخراساني (قدس الله نفسه) من ان الاستصحاب في نفسه لا يجري في مجهولي التاريخ من جهة عدم احراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، ونقصد بذلك في المقام هو اننا لا نعلم ان زمان الشراء اذا كان يوم الخميس فزمان التعلق يوم الجمعة ، واذا كان العكس فبالعكس ، وعلى هذا فزمان اليقين بعدم الشراء هو يوم الاربعاء ـــ وزمان اليقين لابد ان يكون متصلا بزمان الشك ـــ وزمان الشك هو زمان التعلق اذن اذا كان زمان التعلق يوم الخميس فزمان الشك متصل بزمان اليقين أما اذا كان زمان التعلق يوم الجمعة فزمان اليقين إنفصل عن زمان الشك بتحقق الشراء فان زمان الشراء هو يوم الخميس فوجود الشراء يوم الخميس هو فاصل بين زمان اليقين وزمان الشك وحيث انا نشك ان الشراء وقع يوم الخميس او لم يقع فمن اجل ذلك لم نحرز اتصال زمان اليقين بزمان الشك ، وهذا غريب منه فان اتصال زمان اليقين بزمان الشك امر وجداني لا يمكن الفصل بينهما الا بأمر وجداني آخر ولا يمكن الفصل بين الامور الوجدانية بأمر واقعي فوجود الشراء في الواقع لا يكون فاصلا بين زمان اليقين وزمان الشك ، فانه وجدانا ان زمان اليقين متصل بزمان الشك ، وتفصيل ذلك في محله ، اذن صاحب الكفاية (قدس سره) لا يرى جريان الاستصحاب في نفسه.

الرأي الثالث:- ما ذكرناه من ان الاستصحاب لا يجري ، فانَّ زمان الحادث الاخر (زمان التعلق) إن كان الملحوظ مفهومه فهو قيد للمستصحب لا ظرفا له وليس للمقيد حالة سابقة كي يجري الاستصحاب ، وإن كان الملحوظ واقع زمان التعلق فهو مردد بين الفردين والاستصحاب لا يجري في الفرد المردد فمن اجل ذلك لا يجري الاستصحاب.

واما الصورة الثانية والثالثة. اذا كان احدهما معلوم التاريخ والاخر مجهولا ، فذهب جماعة الى ان الاستصحاب لا يجري في المعلوم لأنه لا شك فيه كي يجري الاستصحاب فيه ، ولكن ذهب جماعة من المحققين الى انه لا مانع من جريان الاستصحاب في المعلوم وهو الصحيح ، فان معلوم التاريخ معلومٌ بحسب عمود الزمان ولكن حدوثه في زمان الحادث الاخر مجهول ، فلو فرضنا ان تاريخ الشراء معلوم وهو يوم الجمعة ولكن حدوثه في زمان التعلق مجهول فلا يعلم انه حدث في زمان تعلق او لم يحدث ، فان كان زمان التعلق يوم الجمعة فهو حدث وان كان زمان التعلق يوم الخميس فهو حدث وان كان زمان التعلق يوم السبت فهو لم يحدث ، اذن لا فرق في جريان الاستصحاب بين المعلوم التاريخ والمجهول فالاستصحاب في كليهما يجري ويسقطان بالتعارض على المشهور.

واما بناء على ما ذكرناه فالاستصحاب في معلوم التاريخ لا يجري لأنه اذا فرضنا ان الشراء تاريخه معلوم فاستصحاب عدم حدوث الشراء الى زمان تعلق الزكاة هذا الاستصحاب لا يجري.

الوجه في عدم جريانه:- أن زمان التعلق إن لوحظ مفهومه فهو قيد وليس ظرفا والمستصحب المقيد بهذا القيد ليس له حالة سابقة كي يجري الاستصحاب وإن لوحظ واقعه فواقعه مردد بين فردين من الزمان والاستصحاب لا يجري في الفرد المردد.

النتيجة انه لا فرق فيما ذكرناه بين ان يكون كلا الحادثين مجهول التاريخ او يكون تاريخ احدهما معلوما وتاريخ الاخر مجهولا

نعم لا مانع من جريان الاستصحاب في مجهول التاريخ ، فلا مانع من استصحاب عدم تعلق الزكاة بالنصاب الى زمان الشراء فلا يلزم ما ذكرناه من المحذور لان زمان الشراء معلوم فلا يكون هذا من الاستصحاب في الفرد المردد كي لا يجري ولا يلزم حينئذ محذور جريان الاستصحاب في الفرد المردد.

واما على مسلك صاحب الكفاية (قدس سره) فان الاستصحاب في مجهول التاريخ لا يجري لأجل ما ذكره من عدم احراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، واما في معلوم التاريخ فلا مانع منه لإحراز هذا الاتصال.

هذا كله بحسب الكبرى.

واما بحسب الصغرى.

فان استصحاب عدم الشراء الى زمان تعلق الزكاة بالنصاب هذا يجري ويترتب عليه الاثر وهو وجوب الزكاة على البايع فان الزكاة تعلقت بالنصاب ونشك ان هذا النصاب خرج عن ملك البايع بالبيع او لم يخرج فاستصحاب عدم البيع الى زمان التعلق يثبت انه لم يخرج وباق في ملك البايع ، اذن استصحاب عدم الشراء الى زمان تعلق الزكاة بالنصاب يجري ونتيجته وجوب الزكاة على البايع لا على المشتري.

واما استصحاب عدم تعلق الزكاة بالنصاب الى زمان الشراء فلا يجري الا على القول بالأصل المثبت فانه لا يثبت ان الشراء بعد التعلق الا على القول بالأصل المثبت ، فان استصحاب احد الضدين لا يثبت الضد الاخر فان استصحاب عدم السكون لا يثبت الحركة الا على القول بالأصل المثبت وفي المقام استصحاب عدم تعلق الزكاة بالنصاب الى زمان الشراء لا يثبت ان التعلق بعد الشراء حتى تكون الزكاة على المشتري الا على القول بالأصل المثبت اذن لا تجب الزكاة على المشتري.

وكذا الحال في المثال الذي ذكرناه في موت المورث واسلام الوارث فان استصحاب عدم موت المورث الى زمان اسلام الوارث لا يثبت ان موته بعد اسلامه إلا على القول بالأصل المثبت ، ولهذا هذا الاستصحاب لا يجري.

وكذا استصحاب عدم اسلام الوارث الى زمان موت المورث فهو ايضا لا يجري الا على القول بالأصل المثبت فانه لا يثبت ان اسلامه بعد موته الا على القول بالأصل المثبت والاصل المثبت ليس بحجة اذن هذا الاستصحاب لا يجري.

اذن هذه الموارد ليست من صغريات هذه الكبرى وهذه الكبرى لا تنطبق على مثل هذه الامثلة في المقام.

ثم ان المشتري يعلم ان ما إشتراه من المال متعلق للزكاة وفيه زكاة سواء كان تعلقها في زمانٍ كان ملكا للبايع او زمانٍ صار ملكا للمشتري فانه اذا كان في زمانٍ كان النصاب ملكا للبايع فالبايع لم يخرج زكاتها فالزكاة باقية على حالها ، واما اذا كان البيع قبل تعلق الزكاة فالزكاة تعلقت بمال المشتري فالمشتري يعلم ان ما اشتراه متعلق للزكاة فيجب عليه اخراج هذه الزكاة لان تصرفه في هذا المال لا يجوز الا باخراج زكاته فللحاكم الشرعي ان يطالب المشتري بالزكاة باعتبار ان الزكاة ملك للفقراء والحاكم الشرعي ولي الفقراء.

ولكن اذا قام المشتري باخراج الزكاة فهل له ان يرجع الى البايع؟

الجواب:- الظاهر ان ليس له الرجوع الى البايع فانه لا يعلم ان ذمة البايع مشغولة بالزكاة. ونتكلم فيه ان شاء الله تعالى.


[1] فيجب عليه حينئذ اخراج الزكاة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo