< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/08/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: دوران الأمر بين الأقل والأكثر.

ما أفاد السيد الأعظم رضوان الله تعالى عليه في محل الكلام غير واضح وكذلك ما أفاد المحقق النائيني أيضاً غير واضح. أما ما أفاد السيد الأعظم فقال إن العلم التفصيلي منصبّ على وجوب الأقل بنحو الإهمال يعني سواء تحقق مع الجزء العاشر أو تحقق بدون الجزء العاشر. فإذا كان الأمر كذلك فيكون وجوب الأقل معلوماً ووجوب الأكثر غير معلوم، فحينئذٍ يكون عند السيد الأعظم مجرى البراءة. ولكن نسأل السيد الأعظم رضوان الله تعالى عليه أنّ الوجوب الثابت للأقل على فرض أن يكون هو الواجب هل هو غير الوجوب الذي ينصبّ على الأكثر أو نفس هذا الوجوب؟ إن قلت إنه نفس الوجوب فنفس الوجوب واحد لا تجري فيه البراءة إذ محط العلم الإجمالي ذلك. وإن قلت إنّ وجوب العشرة غير وجوب التسعة فحينئذٍ يكون عندنا وجوبان هذا واجب أو ذاك واجب فيرجع ذلك إلى الشك بين المتباينين لا بين الأقل والأكثر. والشك بين الأقل والأكثر إنما يكون مجرى للبراءة يعني الزائد مجرى للبراءة إذا كان التمسّك بالبراءة لا ينافي ذلك الوجوب والوجوب الآخر. وبعبارة واضحة، إن قلنا إنّه في المقام وجوبان وجوب للتسعة أو وجوب للعشرة ففي مثل ذلك يُتمسّك بالبراءة إن قلنا بأنّ أحدهما معلوم والآخر مشكوك. ولكن بما أنه كلاهما محط العلم الإجمالي فأعلم إجمالاً إما التسعة واجبة أو العشرة واجبة، فمع العلم الإجمالي لا يمكن التمسك بالبراءة من أحد الوجوبين لأنه طرف العلم الإجمالي. فدعوى كلام سيّدنا الأعظم من أنه هاهنا انحلال حكمي يعني ليس هو انحلال حقيقي بل انحلال حكمي يعني أن الشارع أمرني بالتمسك بالبراءة فإذا تمسكت بالبراءة فكأنه ذاك ليس واجباً وذاك في حكم الانحلال وليس انحلالاً حقيقياً، فهذا الذي افاده سيدنا الأعظم جداً غير واضح باعتبار أنه إن قلنا إنه في المقام وجوبان فلا يجري أصل البراءة عن وجوب الأكثر وإن قلنا وجوب واحد مردد بين الأقل والأكثر فحينئذٍ لا تجري البراءة من هذا الوجوب أيضاً باعتبار أنه معلوم بالتفصيل. فما أفاد السيد الأعظم من بيان الانحلال الحكمي غير واضح، وقد بينت الانحلال الحكمي وهو أنه إذا علما بنجاسة أحد الكأسين ولا ندري الكأس الشرقي أو الغربي فحينئذٍ إن علمت وجداناً أنّ النجس هو الشرقي فهذا انحلال حقيقي وأما إذا قامت البيّنة على أنّ ذلك النجس هو الشرقي فحينئذٍ أتمسك بالبيّنة واثبت النجاسة فقط للشرقي تعبداً وإلا فوجداناً إما هو نجس وإما الغربي نجس. فحينئذٍ هذا يكون انحلالاً حكمياً فالشارع قال التزم بهذا وكذلك في المقام فالسيد الأعظم يريد أن يثبت البراءة ويثبت الانحلال الحكمي يعني هو واقعاً إما التسعة واجبة أو العشرة واجبة فإن تمسك بالبراءة من العشرة فهذا تمسك بالبراءة عن الوجوب المتعلق بالكل وهذا طرف للعلم الإجمالي لا يمكن أن يتمسك به وإن كان المقصود التمسك بالبراءة عن الجزء العاشر فقط فهذا مبني على القول بوجوب الأجزاء وأنت لا تقول بوجوب الأجزاء، وحتى إذا قال بوجوب الأجزاء فوجوب الأجزاء وجوب غيري وليس وجوباً نفسياً وكلامنا في الوجوب النفسي. فما أفاد السيّد الأعظم غير واضح وكذلك ما افاد النائيني رضوان الله تعالى عليه حيث جعل القضية مهملة يعني أنّا نعلم تفصيلاً بأنّ الواجب تسعة مرددة بين أن يكون مع العاشر أو بدون العاشر فيكون محتمل الوجوب مردداً والواجب احتمالاً مردداً بين الأقل والأكثر فالقضية في حكم الجزئية، فالمهملة في حكم الجزئية فمعنى ذلك أنّ الأقل واجب ولست أدري ما هو الواجب الأقل فإذا كان هكذا الواجب هو الأقل ولست أدري الأقل التسعة أو الأقل مع الجزء العاشر فالنتيجة تجري البراءة ولكن حينئذٍ لا تكون القضية كلية بل تكون مهملة بمعنى أنه لا يجوز له التمسك بالبراءة. وإذا كانت القضية مهملة يمكن الاكتفاء بالأقل بأي نحو تحقق وهو لا يقول به. وبعبارة واضحة، إنّ القضية المهملة في حكم الجزئية بمعنى أنه إذا أتيت بالأقل بأي نحو يتحقق الامتثال وليس كذلك. فالنتيجة أنّه لا يمكن الالتزام بما أفاد الشيخ النائيني من جعل القضية مهملة كما لا يمكن الالتزام بما أفاد السيّد الأعظم من التمسك بالبراءة كما قلنا لأنه ينافي العلم الإجمالي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo