< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

45/08/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: دوران الأمر بين الأقل والأكثر.

هناك مطالب أفادها السيد الأعظم رضوان الله تعالى عليه في محل البحث نريد أن نستفيد منها. ومن تلك المطالب قال إنه ربما يقال إنّ العلم الإجمالي ينحلّ فالعلم الإجمالي بوجوب الأقل أو الأكثر، تسعة أجزاء أو عشرة أجزاء، ربما يقال إنه ينحلّ بدعوى أنه بعد التأمّل العاقل يعلم بوجوب الأقل على كل تقدير سواء كان ذلك الوجوب نفسياً أو غيرياً. فإذا كان هذا معلوماً بالتفصيل فبالنسبة إلى الجزء العاشر يكون هناك شك ويرتفع الشك بواسطة الأصل العملي، كما فعل الشيخ الأعظم الأنصاري رضوان الله تعالى عليه. ورفض هذا الانحلال بدعوى أنّ العلم التفصيلي إنما يقتضي انحلال العلم الإجمالي إذا كان المعلوم بالعلم الإجمالي عين المعلوم بالعلم التفصيلي. وأما إذا كان معلوماً بعلم آخر والمعلوم بالعلم التفصيلي شيء والمعلوم بالعلم الإجمالي شيء آخر فلا ينحل العلم الإجمالي. وهو لم يضرب مثالاً وأنا ضربت المثال وهو أنه إذا علمنا بوقوع النجاسة كالبول في أحد الإناءين الشرقي أو الغربي ولم نميّزه ثمّ بعد ذلك علمنا تفصيلاً بنجاسة الكأس الشرقي بوقوع قطرة الدم مثلاً فحينئذٍ المعلوم بالعلم التفصيلي هو نجاسة الدم والمعلوم بالعلم الإجمالي هو نجاسة البول فبما أن متعلق العلم الإجمالي غير متعلق العلم التفصيلي فلا ينحل العلم الإجمالي بالعلم التفصيلي، ويقول السيد الأعظم إنه في المقام كذلك فالذي هو معلوم بالإجمال هو وجوب الأقل ولكن هل هو مردد بين النفسي والغيري فالمعلوم بالتفصيل هو الوجوب المردد بين النفسي والغيري فهذا هو المعلوم بالعلم التفصيلي وأما المعلوم بالعلم الإجمالي هو أنّ الواجب النفسي هو الأقل أو أنّ الواجب النفسي هو الأكثر. فالعلم التفصيلي في المقام معلومه غير معلوم العلم الإجمالي فلا ينحل العلم الإجمالي فيبقى على حاله. وقال رضوان الله تعالى عليه في طي كلماته إنّ الأجزاء لا تتصف بالوجوب الغيري بدعوى أنّ الأجزاء تختلف عن المركب باللحاظ والاعتبار فقط وهذا لا يقتضي التعدد فإذا كانت الأجزاء بالأسر عين المركب والمركب عين الأجزاء فلا يعقل أن يكون هناك وجوبان أحدهما النفسي والآخر الغيري. هذه مطالب أفادها رضوان الله تعالى عليه. ولكن في المقام في هذا البحث رفض انحلال العلم الإجمالي بين الأقل والأكثر ولكنّه آمن بالانحلال في بحث مقدّمة الواجب. وملخّص ما نتذكّر من قوله هناك هو أنه هذا الأقل مع قطع النظر عن كونه واجباً نفسياً أو غيرياً متيقّن والعبد مطالب به قطعاً وأما ذلك الجزء العاشر هناك شك في طلبه فتجري البراءة. وبهذا الطريق حاول القول بانحلال العلم الإجمالي وهذا غير واضح. وكلّ ما أفاد رضوان الله تعالى عليه فيه ملاحظات.

منها أنّ قوله الشريف بأنّ الأجزاء عين المركّب والمركّب عين الأجزاء غير واضح، والفرق بينهما باللحاظ والاعتبار والاعتبار نحو وجود واعتبار الأجزاء بما هي أجزاء متفرّقةً بدون شرط الاجتماع بالترتيب لحاظ وملاحظة الأجزاء بلحاظ ترتيب معيّن مع الجمع لحاظ آخر واعتبار آخر. فالاعتبار إذا اختلف يختلف المعتبر. نعم، هناك في بحث مقدّمة الواجب رفضنا اتّصاف الأجزاء بالجوب الغيري لكن لا بهذا البيان، لا لأنه يلزم اتصاف شيء واحد بوجوبين. ثمّ ما أفاد في طي كلامه من أنه الإنسان يعلم إجمالاً إما وجوب الأقل مردّداً بين الوجوب النفسي والغيري وإما وجوب الأكثر فهذا التعبير أيضاً غير واضح علينا. والوجه في ذلك أنّ الوجوب لا ينقسم إلى قسمين بل الوجوب أمر اعتباري جزئي والأحكام الشرعية جزئية ليست قابلة للانقسام. فإذا كانت غير قابلة للانقسام وإنما هي اعتبارات جزئية صادرة ممن بيده الاعتبار وهو المولى جلّت عظمته فالنتيجة أنه لا يقال إنّ الوجوب ينقسم فالقسم هو المعنى الكلي مع خصوصيات وليس كذلك فإنّ كلّ وجوب هو جزئي حقيقي فإذا كان كل وجوب جزئياً حقيقياً فهو ينفصل عن الآخر كانفصال أي جزئي عن جزئي آخر.

 

ثمّ إنّ السيّد الأعظم في طيّ كلماته الشريفة كما قلنا هنا إشارةً وفي بحث مقدمة الواجب مفصّلاً قال بالتمسك بأصالة البراءة عن الزائد وعن الجزء العاشر مثلاً فبذلك ينحل العلم الإجمالي، يعني نعلم أن التسعة مطلوبة قطعاً لكن نشك في هذا العاشر هل مطالب به أو لا فيجري فيه البراءة فينحل العلم الإجمالي، فهذا الكلام غير واضح في ضوء ما قلناه في الجلسة السابقة وقلنا في الجلسة السابقة إنّ الأقلّ بشرط لا واجب بالوجوب النفسي أو الأقل بشرط شيء وبشرط الجزء العاشر واجب بالوجوب النفسي؟ فعندي واجب نفسي مردّد بين الطويل والقصير فحينئذٍ لا يوجد هناك علم بوجوب شيء وشك بوجوب شيء آخر بل هنا علم إجمالي بوجوب التسعة أجزاء بشرط لا أو العلم بوجوب تسعة أجزاء بشرط العاشر يعني بشرط شيء فهما متباينان. فعلى هذا، لا ينحلّ العلم الإجمالي ويكون مقتضى القاعدة الاحتياط.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo